خطب ومحاضرات
رسالة إلى العروسين
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد:
فهذه رسالة أوجهها وهي منبعثة من الأعماق، مجللة بأحر التهاني وأحلى الأماني، لكل شاب وشابة ارتبطا برابطة الزواج الشرعي, في ظل تعاليم الدين الإسلامي، وشجرة ديننا العظيم الوارفة, وأنا أتمنى أن تكون جميع إجراءات الزواج قد تمت حسب أوامر الشرع، بعيداً عن التصورات الجاهلية، والتصرفات البالية التي انتحلتها أفكار الجهلة والمبطلين, فإن كان ذلك فهنيئاً لهما، وإن كانا على غير ذلك فإنني أطلب منهما سرعة التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يفتحا صفحة جديدة مع الله عز وجل لتتم لهما السعادة في الدنيا، وليحصل لهما الفوز والفلاح في الدار الآخرة.
ولما كانت الحياة الزوجية ذات أثر فعال في حياة الزوج والزوجة، وهي مسئولية مشتركة بإذن الله فقد أحببت أن أتوجه إلى العروسين ببعض الوصايا؛ لتكون معالم لهما للسير بأمان في مجاهيل هذه الحياة؛ ليعيشوا حياة زوجية ترفرف عليها السعادة بسلام, ولينقلبوا بعدها إلى دار السلام في جنة عرضها السماوات والأرض.
هذه الرسالة أوجهها بدافع الحرص على مصلحتهما، بعد أن لاحظت كثرة الفشل في الزواج، وارتفاع نسبة الطلاق مما يدل على وجود خلل في التعامل، وسوء فهم في الواجبات والحقوق، وعدم معرفة للوسائل التي يجب أن تسلك لعلاج المشاكل؛ لذا أحببت تقديم هذه الرسالة مع علمي أنها لن تجد فراغاً في وقت الزوجين الجديدين خصوصاً في (شهر العسل) مع تحفظي على تسميته بـ(شهر العسل)؛ فإن هذه التسمية ليست وليدة الإسلام ولا تصرفات المسلمين، هذه جاءت من البيئات الكافرة؛ لأنهم يرتبطون في الزواج من أجل الجنس فقط, وليس هناك أهداف غير الجنس, كما يرتبط الحمار بالحمارة يرتبط الكافر بالكافرة قال تعالى: أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179] ولذا يستنكحون شهراً فيسمونه شهر العسل، فإذا ذهب ما في قلوبهم من الجنس تحول العسل إلى بصل وخربت الحياة.
أما في ظل الإسلام فالحياة الزوجية ليست شهر عسل، ولا سنة عسل، ولكن كلها عسل, منذ أن يرتبط المسلم بالمسلمة إلى أن يموت وهما على ضوء الدين، حياتهم كلها عسل وسيكملون العسل -إن شاء الله- في الجنة، يقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21] ويخبرنا الله في سورة غافر أن الملائكة تقول: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [غافر:8] وقال الله عز وجل: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:23-24] نسأل الله وإياكم من فضله.
حياة المسلمين كلها عسل، ولكن إذا علمتما مقدار ما بذلته في توجيه هذه الرسالة، فلعل ذلك يدفعكما إلى بذل شيء من الوقت في سماعها, وأفضل وقت للاستماع: هو وقت النزهة بعد صلاة العصر, إذا قلت: يستمعون في الليل فإن الوقت لا يناسب, لكن بعد العصر يتمشّى ويتركها إلى جواره ويشغل الشريط ويذهبون إلى مكان ما, ساعة ذهاب وساعة إياب، يمكن أن سماع هذا الشريط ينفع جداً, واسمعه مرة وثانية وثالثة، ثم ارفعه على أمل أن تسمعه بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة؛ لأنك إذا استمررت عليه أكثر من ثلاث مرات قد تمل الشريط ويمكن أن تكرهه, ولكن أبعده فترة ثم إذا رأيت مشكلة بين الأسرة فخذ الشريط وقل: أريد أن أسمع الشريط الذي سبق أن سمعناه يمكن أن نستفيد منه مرة أخرى.
من أهداف الزواج: اختيار ذات الدين
ولذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يبين الأهداف الرئيسة التي يقصد من ورائها الزواج في الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري في الصحيح : (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
لمالها: أصحاب رءوس الأموال هم أتباع اليهود؛ لأن اليهود أشد الناس حباً للمال، قال تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] حياة اليهودي كلها تدور حول فلك الريال, ولذا سيطروا الآن على رءوس أموال العالم كله, فالذي عنده نزعة لحب المال فيه شبه منهم.
ولحسبها: أتباع أبي جهل , الجاهليون الذين لا يؤمنون بما ورد في كتاب الله، ففي سورة الحجرات قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] هذه الآية مرفوضة عند الجاهليين, يقولون: لا. هناك ذكر (أصلي) وذكر (تقليد) والله يقول في آدم وحواء: ذكر وأنثى, والذي لا يؤمن بهذه الآية يكفر بالقرآن, والذي يكفر بالقرآن يخرج من دين الله, البشر كلهم يرجعون إلى آدم وحواء, الوضيع والشريف، والكبير والصغير، (والقبيلي) و(غير القبيلي) هذه الطبقيات التي يتعارف الناس عليها الآن ما أنزل الله بها من سلطان, لقد جاء الإسلام وأعلن وحدة الجنس البشري, وأعلن أن الناس سواسية كأسنان المشط، وأن سبيل التفاضل بينهم هو التقوى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ [الحجرات:13] لماذا؟ لتتفاضلوا؟ لا. بل لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] فالجاهليون يبحثون عن الحسب, وإذا جاء صاحب الدين يريد أصله وفصله, ولا يقول: ما دينك؟ لا حول ولا قوة إلا بالله!
والثالث وهم أصحاب الجمال: وفيهم شبه من النصارى؛ لأن النصارى شقر العيون وشقر الشعر، وفيهم مسحة جمال, فكثير من الناس فيه لذعة من هؤلاء، إذا جاء الشخص بدأ يتفقد ما لونه؟ كم طوله وعرضه؟ كيف عيونه؟! وكيف فمه؟ وكيف خدوده؟ وكيف شكله؟! ولا يسأل عن دينه وصلاته وخوفه وبكائه وخشيته من الله عز وجل.
ثم قال: ولدينها: هذه الأخيرة من صفات أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, هذا هدف أهل الإيمان، والحديث في صحيح البخاري : (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فالزواج بذات الدين هو الزواج الناجح، وإلا أحاط بالإنسان سوء النتيجة، وخسران البضاعة، كمن لا يجد في يديه شيئاً غير التراب بعد السعي الطويل والعمل الكادح, تربت يداك إذا تزوجت بواحدة من أجل مالها، يقول: (لا تزوجوا النساء لمالهن فعسى مالهن أن يطغيهن, ولا تزوجوا النساء لجمالهن فعسى جمالهن أن يقبحهن, ولا تزوجوا النساء لحسبهن) ثم قال في حديث آخر: (من تزوج المرأة لمالها أورثه الله فقرها, ومن تزوجها لجمالها أورثه الله قبحها, ومن تزوجها لحسبها أورثه الله مذلتها, ومن تزوجها لدينها أورثه الله بركتها)؛ لأن المال والجمال والحسب وإن كان من متطلبات الزواج إلا أنه لا يصح أن يكون أساساً لهذه العلاقة المتينة، إذ لا بد من شيء أقوى من شهوة المال والحسب والجمال وإلا لانهارت هذه الصلة, ولكن إذا تزوج بذات الدين، وكان مع الدين جمال ومال وحسب فهذه حسنة الدنيا قدمت لك قبل الآخرة, فاحمد الله عليها.
من أهداف الزواج: تحقيق قوة الإيمان بالله
فبينما نرى الزوج والزوجة وهما غريبان عن بعضهما، تقوى بينهما الصلة والعلاقة، وتتنوع بينهما أساليبها, وتزرع المودة والرحمة, وتتولد الثقة والطمأنينة لدرجة أن تصبح الزوجة من ألصق البشر بزوجها, بحيث لا تستطيع العيش بدونه، وهو كذلك, وهناك هدف يتحقق من وراء الزواج وهو قوة الإيمان بالله عن طريق التأمل والتفكر والنظر في هذه الآية.
من أهداف الزواج: عمارة الأرض ببقاء الجنس البشري
أما التناسل في الشرع ضمن دائرة المسئولية؛ أب يتزوج بامرأة فيأتي ولد يقوم الأب برعايته، وتدريسه، وتربيته حتى يخرج فرداً صالحاً في المجتمع.
لكن التناسل عن طريق الزنا يوجد مشاكل، ويخرج في المجتمعات أفاعي, أترون الشيوعية أين انتشرت؟ الشيوعية والبلشفية التي نادى بها ماركس ولينين في روسيا ، نادى بها في صفوف اللقطاء الذين ليس لهم آباء وسماهم الكادحين, ودعاهم وقاموا معه وقامت الثورة؛ لأنهم كانوا يشكلون أغلبية كبيرة في المجتمعات الكافرة من كثرة وجودهم, لكن في ظل الدين لا يقوم إلا الإسلام إن شاء الله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد والطبراني وصححه ابن حبان : (تزوجوا الولود الودود -الولود في نكاحها, الودود في أخلاقها- فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
من أهداف الزواج: إيجاد البيت المسلم
هذه بعض الأهداف التي يهدف إليها الإسلام من وراء الزواج, ولكن إذا تحققت هذه الأهداف، وحصل الزواج الذي ينظر إليه الإسلام على أنه رباط نفيس يجمع بين شخصين، قد لا يكون بينهما رابطة أو صلة من قبل، فيجعلهما تحت سقف واحد، هي من الشرق وهو من الغرب، لكن بالزواج تترك أباها وأمها وإخوانها، ومجتمعها، وبيتها الذي عاشت فيه سنين طويلة، وتأتي غريبة مع هذا الرجل تحت سقف واحد، ويحملهما تبعة ومسئولية تكوين هذه الخلية التي يعيشان فيها، وغالباً ما يختلف الزوجان في كثير من النواحي البيئية، والثقافية، والمعيشية، والوضعية.
وبعض الناس ينكر على زوجته حتى طريقة الأكل, فهي أتت من بيت كانت تأكل فيه بطريقة لا يحبها, وهو كذلك يأكل بطريقة لا تحبها.
وأيضاً في النوم هي تنام بطريقة لا يريدها, فهي غريبة عليه، فليس هناك توافق بينهما، وهذا لا بد منه.
لكن متى يحصل الانسجام؟ مع الزمن يحصل الانسجام, فإن -تبعاً للبيئة- كلاً منهما يتميز عن الآخر من حيث العواطف والمشاعر والميول والآلام والآمال التي قد تكون وليدة إحساس خاص، أو جوٍ نفسي معين، ولكن بمقدار تغلب الزوج والزوجة على هذه العوامل، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل، والتكيف على جو الحياة الزوجية الجديد بمقدار ما تقوى الرابطة، وتدوم المودة، وتصلح الحياة.
تختلف دوافع الزواج وأهدافه وأغراضه من شخص لآخر، ومن بيئة لأخرى، بحسب اختلاف نظرة الإنسان إلى هذه الحياة, فبينما نجد البعض يهدف في نظرته ودوافعه من الزواج إلى مستوى لا يرقى إلى معنى الإنسانية, حين يجعل الهدف محصوراً في المتعة الجسدية، واللذة الجنسية التي يشاركه فيها الحيوان والبهيمة, نجد الإسلام لا يقر شيئاً من هذه التصرفات، وإنما يهدف من وراء الزواج إلى عقد رابطة روحية سامية فاضلة، تنظر إلى كل متطلبات الإنسان بشقيه وجانبيه المادي والروحي.
ولذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يبين الأهداف الرئيسة التي يقصد من ورائها الزواج في الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري في الصحيح : (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
لمالها: أصحاب رءوس الأموال هم أتباع اليهود؛ لأن اليهود أشد الناس حباً للمال، قال تعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] حياة اليهودي كلها تدور حول فلك الريال, ولذا سيطروا الآن على رءوس أموال العالم كله, فالذي عنده نزعة لحب المال فيه شبه منهم.
ولحسبها: أتباع أبي جهل , الجاهليون الذين لا يؤمنون بما ورد في كتاب الله، ففي سورة الحجرات قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] هذه الآية مرفوضة عند الجاهليين, يقولون: لا. هناك ذكر (أصلي) وذكر (تقليد) والله يقول في آدم وحواء: ذكر وأنثى, والذي لا يؤمن بهذه الآية يكفر بالقرآن, والذي يكفر بالقرآن يخرج من دين الله, البشر كلهم يرجعون إلى آدم وحواء, الوضيع والشريف، والكبير والصغير، (والقبيلي) و(غير القبيلي) هذه الطبقيات التي يتعارف الناس عليها الآن ما أنزل الله بها من سلطان, لقد جاء الإسلام وأعلن وحدة الجنس البشري, وأعلن أن الناس سواسية كأسنان المشط، وأن سبيل التفاضل بينهم هو التقوى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ [الحجرات:13] لماذا؟ لتتفاضلوا؟ لا. بل لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] فالجاهليون يبحثون عن الحسب, وإذا جاء صاحب الدين يريد أصله وفصله, ولا يقول: ما دينك؟ لا حول ولا قوة إلا بالله!
والثالث وهم أصحاب الجمال: وفيهم شبه من النصارى؛ لأن النصارى شقر العيون وشقر الشعر، وفيهم مسحة جمال, فكثير من الناس فيه لذعة من هؤلاء، إذا جاء الشخص بدأ يتفقد ما لونه؟ كم طوله وعرضه؟ كيف عيونه؟! وكيف فمه؟ وكيف خدوده؟ وكيف شكله؟! ولا يسأل عن دينه وصلاته وخوفه وبكائه وخشيته من الله عز وجل.
ثم قال: ولدينها: هذه الأخيرة من صفات أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, هذا هدف أهل الإيمان، والحديث في صحيح البخاري : (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فالزواج بذات الدين هو الزواج الناجح، وإلا أحاط بالإنسان سوء النتيجة، وخسران البضاعة، كمن لا يجد في يديه شيئاً غير التراب بعد السعي الطويل والعمل الكادح, تربت يداك إذا تزوجت بواحدة من أجل مالها، يقول: (لا تزوجوا النساء لمالهن فعسى مالهن أن يطغيهن, ولا تزوجوا النساء لجمالهن فعسى جمالهن أن يقبحهن, ولا تزوجوا النساء لحسبهن) ثم قال في حديث آخر: (من تزوج المرأة لمالها أورثه الله فقرها, ومن تزوجها لجمالها أورثه الله قبحها, ومن تزوجها لحسبها أورثه الله مذلتها, ومن تزوجها لدينها أورثه الله بركتها)؛ لأن المال والجمال والحسب وإن كان من متطلبات الزواج إلا أنه لا يصح أن يكون أساساً لهذه العلاقة المتينة، إذ لا بد من شيء أقوى من شهوة المال والحسب والجمال وإلا لانهارت هذه الصلة, ولكن إذا تزوج بذات الدين، وكان مع الدين جمال ومال وحسب فهذه حسنة الدنيا قدمت لك قبل الآخرة, فاحمد الله عليها.
الزواج في حد ذاته آية من آيات الله الدالة على عظمته، قال عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] أي: من الآيات والعلامات الدالة على عظمة الله هذا الزواج.
فبينما نرى الزوج والزوجة وهما غريبان عن بعضهما، تقوى بينهما الصلة والعلاقة، وتتنوع بينهما أساليبها, وتزرع المودة والرحمة, وتتولد الثقة والطمأنينة لدرجة أن تصبح الزوجة من ألصق البشر بزوجها, بحيث لا تستطيع العيش بدونه، وهو كذلك, وهناك هدف يتحقق من وراء الزواج وهو قوة الإيمان بالله عن طريق التأمل والتفكر والنظر في هذه الآية.
من أهداف الزواج في الإسلام: عمارة الأرض ببقاء الجنس البشري عن طريق التناسل عبر دائرة المسئولية؛ لأن هناك تناسلاً يأتي عن غير مسئولية وهو: تناسل الزنا والسفاح.
أما التناسل في الشرع ضمن دائرة المسئولية؛ أب يتزوج بامرأة فيأتي ولد يقوم الأب برعايته، وتدريسه، وتربيته حتى يخرج فرداً صالحاً في المجتمع.
لكن التناسل عن طريق الزنا يوجد مشاكل، ويخرج في المجتمعات أفاعي, أترون الشيوعية أين انتشرت؟ الشيوعية والبلشفية التي نادى بها ماركس ولينين في روسيا ، نادى بها في صفوف اللقطاء الذين ليس لهم آباء وسماهم الكادحين, ودعاهم وقاموا معه وقامت الثورة؛ لأنهم كانوا يشكلون أغلبية كبيرة في المجتمعات الكافرة من كثرة وجودهم, لكن في ظل الدين لا يقوم إلا الإسلام إن شاء الله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد والطبراني وصححه ابن حبان : (تزوجوا الولود الودود -الولود في نكاحها, الودود في أخلاقها- فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).
من أهداف الزواج: إيجاد البيت المسلم الذي يشكل الخلية الأولى في المجتمع، وعلى قدر صلاح الأسرة يتقرر صلاح المجتمع, ولن يتأتى صلاح الأسرة إلا إذا صلحت المقاصد والنيات.
هذه بعض الأهداف التي يهدف إليها الإسلام من وراء الزواج, ولكن إذا تحققت هذه الأهداف، وحصل الزواج الذي ينظر إليه الإسلام على أنه رباط نفيس يجمع بين شخصين، قد لا يكون بينهما رابطة أو صلة من قبل، فيجعلهما تحت سقف واحد، هي من الشرق وهو من الغرب، لكن بالزواج تترك أباها وأمها وإخوانها، ومجتمعها، وبيتها الذي عاشت فيه سنين طويلة، وتأتي غريبة مع هذا الرجل تحت سقف واحد، ويحملهما تبعة ومسئولية تكوين هذه الخلية التي يعيشان فيها، وغالباً ما يختلف الزوجان في كثير من النواحي البيئية، والثقافية، والمعيشية، والوضعية.
وبعض الناس ينكر على زوجته حتى طريقة الأكل, فهي أتت من بيت كانت تأكل فيه بطريقة لا يحبها, وهو كذلك يأكل بطريقة لا تحبها.
وأيضاً في النوم هي تنام بطريقة لا يريدها, فهي غريبة عليه، فليس هناك توافق بينهما، وهذا لا بد منه.
لكن متى يحصل الانسجام؟ مع الزمن يحصل الانسجام, فإن -تبعاً للبيئة- كلاً منهما يتميز عن الآخر من حيث العواطف والمشاعر والميول والآلام والآمال التي قد تكون وليدة إحساس خاص، أو جوٍ نفسي معين، ولكن بمقدار تغلب الزوج والزوجة على هذه العوامل، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل، والتكيف على جو الحياة الزوجية الجديد بمقدار ما تقوى الرابطة، وتدوم المودة، وتصلح الحياة.
أيها الإخوة: وحتى لا يتحطم عش الزوجية السعيد نتيجة لهذه العروض البسيطة فقد حدد الشرع لكل من الزوجين حقوقاً، وألزم الطرف الآخر بالقيام بها، كما حدد على كل منهما واجبات، وألزم كلاً منهما القيام بها, وما دمتما أيها العروسان العزيزان في أول الطريق فإن من الضروري جداً أن يعرف كل منكما ما هي الحقوق التي يلزمه القيام بها للآخر, وسأبدأ بذكر حقوق الزوجة على الزوج فأقول:
من حقوق الزوجة على زوجها: المهر
والمهر عطية محضة من الله, فرضه الله للمرأة تطييباً لخاطرها, وتعبيراً عن رغبة الرجل فيها, ورمزاً لإكرامها وإعزازها.
ليس من الإسلام ما نراه اليوم من استبداد الآباء والأولياء بمهور النساء، وليس -أيضاً- من الإسلام ما يرتكب في بعض البيئات من النظرة التجارية، والمغالاة في المهور، والمبالغة في التكاليف والشكليات الفارغة.
فهؤلاء بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه اللواتي هنَّ خير خلق الله في كل فضيلة، وأكمل نساء العالمين في كل صفة, ومع ذلك كان صداقهن (خمسمائة درهم) أي: ما يعادل (150) ريالاً؛ لأن المرأة عزيزة وليست سلعة تباع وينتظر بها أعلى سعر, فهذا الحق الأول وهو مهرها.
من حقوق الزوجة على زوجها: النفقة
والإنفاق أمر نسبي بحسب حالة الزوج، ولم يحدد الشرع قدراً معيناً، ولكنه يخضع لظروف الزوج ودخله، ولظروف مجتمعه الذي يعيش فيه: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق: 7] أي: من ضيق عليه في دخله فلينفق مما آتاه الله, أي: (يمد رجليه على قدر فراشه) فلا يتوسع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها, فحق لها أن تطعمها وتكسوها وتسكنها وتعالجها وتصرف عليها بحسب إمكانك, لا تضييق ولا تعجيز ولا إرهاق لك بحيث لا تستطيع أن تقوم بهذا الواجب.
حريتها في اختيار الزوج
فليس في الشرع إكراه وإلزام، لا بد من أخذ الرأي في الزواج, فإن كانت بكراً فعلامة رضاها أن تسكت, فإذا سكتت فسكوتها علامة على أنها قبلت, أو تضحك, أو تبكي، فبعض النساء من كثرة فرحها تبكي, وهذا ذكره الفقهاء، وإذا تكلمت وقلنا لها: هل تريدين أن تتزوجي؟ قالت: لا. والله لا أريد أن أتزوج, لا يجوز شرعاً أن تكرهها, ولا يجوز شرعاً بعد أن تعبر هي عن رغبتها في الرفض، وتقول لك: لا أريد أن أتزوج. وتقول أنت: لا بد أن تتزوجين, فهذا حرام في الشرع ولا يجوز, هذا بالنسبة للبكر.
أما بالنسبة للثيب فلا ينفع ضحك ولا ينفع بكاء، ولا ينفع إلا الكلام, لا بد أن تقول: نعم رضيت: (البكر تستأذن، والثيب تستأمر).
والزواج من أدق وأهم قضايا المرأة في حياتها, وأمسها بمستقبلها, فلا بد أن يكون لها رأي فاصل في قضيتها الشخصية, وفي مستقبل أيامها, فلا تكره على أمرٍ يخصها، وهذا يدل دلالة عظيمة على احترام الإسلام لرأي المرأة, فليست سلعة تجبر، وإنما يؤخذ رأيها، فإذا وافقت فالحمد لله، وإن رفضت فلا نجبرها.
من حقوق الزوجة على زوجها: وقايتها من النار
وبعض النساء في بيت زوجها لها عشر سنين لا تعرف كيف تتوضأ, ولا يوجد يوم من الأيام قام فيه زوجها -وربما يكون طالب علم أو مدرساً- بأخذها إلى مكان الوضوء ليريها الوضوء الشرعي أبداً, لكنه لو دخل يوماً من الأيام وزوجته لم تطبخ الطعام لأرغى وأزبد، وحرك الدنيا من أجل أنها لم تطبخ الطعام, ومع ذلك تجده لا يسألها: هل صليتِ؟ لأنه يهمه من أمره ما لا يهمه من أمر الله -والعياذ بالله- بينما هذه حقوق لله يجب أن تقدمها على حقوقك, فتعلمها ما يجب عليها من الأمور الشرعية كالصلاة والطهارة من الحيض..الطهارة من النفاس.. الطهارة من الحدث الأصغر..الطهارة من الجنابة، وكيف تغتسل.
وبعض النساء الآن تطهر من الحيض وتجلس يومين أو ثلاثة لا تصلي, لماذا وقد تطهرت قبل يومين؟ قالت: أتأكد أني طهرت, ويمر عليها صلاة أو صلاتان أو أكثر وهي تمدد الإجازة, وتفرح بأسبوع من كل شهر تستريح فيه من الصلاة، وتمددها من عندها ثلاثة أيام، تصبح عشرة أيام من كل شهر لا تصلي, وزوجها لا يخبرها بشيء, فهذه مصيبة ومسئولية على زوجها.
وعليه أن يعلمها مكارم الأخلاق التي علمنا إياها الشرع: من الوفاء والصدق، والبر والصلة، والرحمة والكرم والشجاعة في الأدب, فلا تكون جبانة ولا بذيئة، ولا تكون باستمرار إذا فعلت شيئاً أو أخطأت لا تستطيع أن تقول: أنا أخطأت؛ لأنها تخاف منك، فإذا كسرت الباب قالت: والله هبت الريح, أو خربت شيئاً تخاف ولا تعترف, هذا لا يجوز؛ لأنها إذا خانتك في هذه خانتك في أكبر منها, فعلمها وازرع الثقة في نفسها، وبعد ذلك قل لها: أنا أغلط وأنتِ تغلطين لكن أكبر غلط أنكِ تغلطين وتقولين لي كلاماً آخر, فإذا رددتِ فتحملي المسئولية, فإذا أخطأت عليكِ أو شتمتكِ أو ضربتكِ أو ذهبت بكِ إلى أهلك فهذه بسيطة، ولكن تكذبين عليّ وبعد ذلك أعلم أن الذي كسر هذا هو أنت فهذه هي المصيبة.
فازرع فيها مكارم الأخلاق عملاً بقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].
من حقوق الزوجة على زوجها: الغيرة عليها
أما أنتِ فلا تظهرين على الرجال, أنتِ لست راجلة, فتقوم المسكينة وتتزين وتقول: أهلاً وسهلاً!! والناس كلهم ينظرون إلأيها، هذا -والعياذ بالله- خائن في أمانته؛ لأنه عرض جوهرته على الرجال, ما رأيك إن كانت حسناء؟ الناس يتمنونها, وإن كانت غير جميلة فالناس يرحمونك ويقولون: هذا مسكين معه هذه القبيحة! ولهذا أسلم شيء لك أن تصون امرأتك، فإن كانت جميلة فلك، وإن كانت غير ذلك فعليك؛ لأن الزوجة أعظم كنز يكنـزه الرجل, فلا يليق به أن يعرضها، ويجعلها سلعة تلوكها الألسن، وتلتهمها الأعين, وتجرحها الأفكار والخواطر, والغيرة من أخص صفات الرجل الشهم الكريم, ولا تعني بالضرورة سوء الظن بالمرأة أو عدم الثقة بها, بل هي دليل على كمال الرجولة، وكمال الحب للمرأة؛ لأن بعض النساء تقول: ما تثق بي تغطيني؟! لا. أثق, لكن من ثقتي أغطيكِ, ولو أنني لا أثق بك ولا أحبكِ فلن أعطيك, ولكن من ثقتي بك وحبي لكِ وغيرتي عليكِ أغطيكِ عملاً بأمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من حقوق الزوجة على زوجها: عدم تلمس عثراتها
أما إذا كانت الأمور قائمة على البراءة، وعلى الطهارة، فلا يجوز لك أن تجري تفتيشاً وزيارات مفاجئة ومكالمات؛ لأن هذا تخوين وتلمس للعثرات: (ومن تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته, ومن تتبع الله عورته فضحه الله في عقر داره).
من حقوق الزوجة على زوجها: المعاشرة بالمعروف
قال الله عز وجل: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] وقال سبحانه: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ [البقرة:228] وذلك يشمل الإحسان والإنصاف والعدل, لا تقل: هذه المرأة لا عليك منها, حتى إن بعض الناس يقول في المجالس: المرأة الله يكرمكم..!! الأنثى الله يكرمكم..!! هذا ليس من الدين, من هي المرأة؟ المرأة هي أم الرجال, وهي بنت الرجال, وهي أخت الرجال, والمرأة هي شقيقة الرجل، وهن شقائق الرجال, خاطب الله في القرآن الرجال والنساء سواء، قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:35] وبعد ذلك قال الله عز وجل: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195] هذه ليست سلعة رخيصة بل هي غالية ونفيسة, ولها كرامتها عند الله عز وجل, فلا بد من العدل معها, ولا بد من الإحسان إليها, ولا بد من الإنصاف, وبذل الخير, واحترام الرأي, وكف الأذى, وغض الطرف عن الهفوات والزلات, ولا تكون عينك مفتوحة باستمرار على السلبيات من زوجتك, ففي الحديث: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر) والحديث صحيح، (لا يفرك) أي: لا يبغض, لا تكن عينك على السيئات كالذباب الذي لا يقع إلا على الشيء السيئ, لا. إذا رأيت شيئاً سيئاً تذكر شيئاً أحسن منه؛ ليلغي من نفسك هذا الشيء السيئ, وغض الطرف عن الهفوة والزلة ولا تحملها، وإن اعتذرت فاقبل عذرها.
وعليه من باب المعاشرة بالمعروف: التحبب إليها، والاستماع إلى حديثها، واحترام رأيها، وإكرام أهلها؛ لأن إكرام أهلها إكرام لها, لا تسب أباها، أو إخوانها، أو أحداً له علاقة بأهلها في المجلس، كأن تقول: ما فيهم خير.. لا, دائماً اذكرهم بخير؛ لأن هذا ينعكس على نفسيتها, كذلك أنت لا تريد زوجتك أن تقدح في عرض أبيك أو أمك أو أخيك أو جماعتك، فهي كذلك لا تريد ذلك, هذا كله من العشرة بالمعروف، هذه بعض حقوق الزوجة على الزوج.
استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
اتق المحارم تكن أعبد الناس | 2930 استماع |
كيف تنال محبة الله؟ | 2929 استماع |
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً | 2805 استماع |
أمن وإيمان | 2678 استماع |
حال الناس في القبور | 2676 استماع |
توجيهات للمرأة المسلمة | 2605 استماع |
فرصة الرجوع إلى الله | 2572 استماع |
النهر الجاري | 2478 استماع |
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله | 2468 استماع |
مرحباً شهر الصيام | 2403 استماع |