أرشيف المقالات

والضحى . والليل إذا سجى - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
{وَالضُّحَىٰ . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ} :
يقسم تعالى بخلقه للنهار وانتشار ضيائه وقت الضحى , وبالليل إذا ادلهم ظلمه وانتشر السكون, أنه ما ترك رسوله صلى الله عليه وسلم بل رباه وحفظه وصاحبته معيته, وما أبغضه بل أحبه واصطفاه.
ثم يبشره سبحانه بالخير في الدارين وأنه أعد له في الآخرة ما هو خير وأفضل ولسوف يعطيه وينعم عليه بأنواع من الإنعام والإكرام حتى يرضيه تمام الرضى.
قال تعالى:
{وَالضُّحَىٰ (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ (5) } [الضحى]
قال السعدي في تفسيره:
أقسم تعالى بالنهار إذا انتشر ضياؤه بالضحى.
وبالليل إذا سجى وادلهمت ظلمته، على اعتناء الله برسوله صلى الله عليه وسلم
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ } أي: ما تركك منذ اعتنى بك، ولا أهملك منذ رباك ورعاك، بل لم يزل يربيك أحسن تربية، ويعليك درجة بعد درجة.
{وَمَا قَلا } ك الله أي: ما أبغضك منذ أحبك، فإن نفي الضد دليل على ثبوت ضده، والنفي المحض لا يكون مدحًا، إلا إذا تضمن ثبوت كمال، فهذه حال الرسول صلى الله عليه وسلم الماضية والحاضرة، أكمل حال وأتمها، محبة الله له واستمرارها، وترقيته في درج الكمال، ودوام اعتناء الله به.

وأما حاله المستقبلة، فقال: { وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} أي: كل حالة متأخرة من أحوالك، فإن لها الفضل على الحالة السابقة.
فلم يزل صلى الله عليه وسلم يصعد في درج المعالي ويمكن له الله دينه، وينصره على أعدائه، ويسدد له أحواله، حتى مات، وقد وصل إلى حال لا يصل إليها الأولون والآخرون، من الفضائل والنعم، وقرة العين، وسرور القلب .
ثم بعد ذلك، لا تسأل عن حاله في الآخرة، من تفاصيل الإكرام، وأنواع الإنعام، ولهذا قال:  {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} وهذا أمر لا يمكن التعبير عنه بغير هذه العبارة الجامعة الشاملة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣