خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34776"> سلسلة الدار الآخرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة الدار الآخرة وصف النار [2]
الحلقة مفرغة
أحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده.
وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة التاسعة عشرة في سلسة حديثنا عن الدار الآخرة أو عن الموت وما بعده، ندعو الله في بدايتها أن يجعل هذه الجلسات في ميزان حسناتنا يوم القيامة، اللهم ثقل بهذه الجلسات موازيننا يوم القيامة، اللهم أكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وكن لنا ولا تكن علينا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم إن أحييتنا فأحينا على الإيمان، وإن أمتنا فأمتنا على الإسلام، واحشرنا تحت لواء لا إله إلا الله، اللهم اسقنا من يد نبينا شربة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا بيننا شقياً ولا محروماً، اللهم فك الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واقض حوائجنا وحوائج المحتاجين، اللهم يسر لنا أمورنا، واشرح لنا صدورنا، وأنر لنا قلوبنا، وقو لنا يقيننا، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، اللهم اجعلنا ثأرنا على من ظلمنا.
اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً لأهله، اللهم إنك تعلم أننا مقهورون فانصرنا، وذليلون فأعزنا، وتائهون فأرشدنا، ومشتتون فاجمعنا، وأصحاب شهوات فتب علينا.
اللهم تب علينا من الذنوب كبيرها وصغيرها، اللهم أعزنا بطاعتك، اللهم أعزنا بطاعتك، اللهم أعزنا بطاعتك، ولا تذلنا بمعصيتك، نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، ومن كل قول أو عمل يقرب إلى النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار بكرمك وجودك يا عزيز يا غفار!
يا من يحول بين المرء وقلبه حل بيننا وبين معاصيك، اللهم حل بيننا وبين معاصيك، اللهم حل بيننا وبين معاصيك، اللهم حل بيننا وبين معاصيك، اللهم اجعل حياتنا زيادة لنا في كل خير، واجعل موتنا راحة لنا من كل شر، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين!
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد:
فهذه الحلقة التاسعة عشرة من الحديث عن الدار الآخرة، وهي الحلقة الثانية في وصف النار أجارنا الله وإياكم من عذابها، والحديث عن النار حديث يتصدع منه القلب ويخشع، ولا خير في قلب سمع الحديث عن النار ولم يقشعر ولم يخف من الله، فالحديث عن النار كاد أن يتصدع له قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ورأينا في الحلقة السابقة كيف أن جبريل الأمين الذي عصمه المولى عز وجل من العصيان جاء مرة يبكي مرتعدة فرائصه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما يبكيك يا جبريل؟ قال: يا رسول الله! مررت بنافخ النار! قال صلى الله عليه وسلم: وهل تنفخ فيها الملائكة يا جبريل؟ قال: لقد أمر الله عز وجل الملائكة فأوقدت عليها ألف عام حتى احمرت، ثم ألف عام حتى ابيضت، ثم ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء كالليل البهيم، قال: صفها لي يا جبريل، قال: حرها شديد، وقعرها بعيد، ولها مقامع من حديد، قال الحبيب: حسبك يا جبريل! والله لقد كاد قلبي أن ينصدع)، فالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لما سمع من أخيه جبريل هذا الوصف المرعب للنار تمثل الحبيب النار أمامه.
ورأينا أيضاً كيف أن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها لما رأت النبي في تهجده بالليل، فبينا هو يصلي إذ تقدم خطوة، ومد يده كأنما يريد أن يأخذ شيئاً، ثم أعاد يده إلى جنبه مرة أخرى، ثم تراجع القهقرى خطوتين، فبعد أن قضى صلاته سألته أم سلمة متعجبة مما رأت: يا رسول الله! لقد رأيتك تصلي فتقدمت خطوة وبسطت يدك كأنك تأخذ شيئاً، ثم أرجعت يدك، ثم رجعت خطوتين إلى الوراء، ثم أكملت صلاتك؟ فقال: (أورأيتني يا
ثم قال: (ثم أرى باباً من أبواب النار يفتح، فخشيت على نفسي من لفح حرها فرجعت القهقرى)، سيدنا الحبيب المعصوم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأشرف الخلق عند الخالق خاف من النار، ولما رأى باب النار يفتح تراجع إلى القهقرى، أفلا نخاف نحن؟!
وعندما نقوم بوصف النار أو الجنة أو ما يقع في يوم الحساب من صور ومواقف فليس لأجل أن نتسلى، لأن الأمر أكبر من ذلك، فهذا هول عظيم؛ لأن هذا هو وصف القرآن ليوم الحساب، وهو وصف الحبيب المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
فالواجب أن يأخذ المسلم هذه الدروس مأخذ الجد، ويبدأ بالتطبيق العملي، ويعيد حساباته، ويسأل نفسه ويكون صادقاً معها قائلاً: ما موقفك من الأوامر والنواهي؟ يقول تعالى: وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:29]، فأنت تسأل نفسك هل أنت تصلين الصلوات الخمس في المسجد؟ كم صلاة تصلينها جماعة؟ وكم صلاة تصلينها في البيت؟! وتسأل نفسك: كيف الخشوع عندك في الصلاة؟
ثم تسألها عن النوافل، والنوافل فيها خير عظيم، ومن واظب على ترك السنن المؤكدة عوتب يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاباً يسقط من لحم وجهه، يقول الله في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) فالله يحب العبد الذي يكثر من النوافل.
ثم بعد ذلك قيام الليل فيصلي ركعتين في جوف الليل والناس نيام، فهاتان الركعتان خير لك من الدنيا وما فيها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، قيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وأفشى السلام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام، قالوا: ومن يستطيع ذلك يا رسول الله؟ قال: أمتي تستطيع ذلك، من صلى صلاة العشاء وصلاة الصبح في جماعة فقد قام الليل والناس نيام، ومن أطعم زوجته وأبناءه طعاماً حلالاً فأشبعهم فقد أطعم الطعام، ومن لقي أخاه بوجه مبتسم فقد ألان الكلام، ومن دخل بيته فسلم على أهله فقد أفشى السلام، ومن صام من كل شهر أياماً ثلاثة فقد أدام الصيام) اللهم اجعلنا منهم يا كريم يا رب العالمين!
كذلك من السنن النوافل صيام الإثنين والخميس، وثلاثة أيام في الشهر أوله أو نصفه أو آخره، أو الثلاثة الأيام البيض وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر؛ لأن من صام لله يوماً واحداً ابتعد من النار فمن صام يوماً ابتعد عن النار بعد طائر غراب فرخ خرج من بيضته وظل يطير ويطير إلى أن مات وهو هرم، والغراب من ضمن الطيور التي تعمر، وتخيل الغراب يطير من ساعة ما يخرج من البيضة حتى يموت مدة عشر سنين أو عشرين سنة، فأنت تبتعد عن النار مقدار طيران الغراب بصومك لله رب العالمين.
يجاء يوم القيامة بالمتطوعين في الصيام، والناس عطشى، فتأتي الملائكة لهم بأكواب من حوض الكوثر، فيرويهم هذا الماء رياً لا ظمأ بعده، فاللهم احشرنا في زمرة الصالحين يا رب العالمين!
محاسبة النفس في قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
اشتر لك دفتراً وحاسب نفسك كل يوم قبل أن تنام وتسجل فيه كل ما عملت من سيئات كتابة، كم نظرت إلى الحرام! وكم نممت من أناس! وكم نميت مرات! وكم كذبت من مرات وهكذا! وتنوي نية صادقة أنه إذا أصبح الصباح عليك فلن تعود لمثل هذا أبداً، وهذه أمانة أعلقها في رقابكم جميعاً رجالاً ونساءً، شباباً وشيبة، عل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
الناس يظنون أنهم بمنأى من عذاب الله، وهذا غير صحيح، فمن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فهذا: سلمان الفارسي سيكون من أول الداخلين إلى الجنة إن شاء الله، وأبو لهب عم رسول الله لن يدخل الجنة، فالقضية ليست قضية نسب ولا قرابة، لا تغتر بصحبة الصالحين أبداً، وليس أنني إذا مشيت مع رجل صالح أو عالم فاضل، عامل بعلمه فقد حويت العلم والتقوى.
لا تغتر بصحبة الصالحين؛ لأن عبد الله بن أبي ابن سلول صلى وراء الرسول وهو من أهل الدرك الأسفل في النار والعياذ بالله! فقد صلى وراء الرسول تسع سنوات لا تفوته صلاة، ورغم ذلك ما نفعته صلاته خلف رسول الله هو والسبعة عشر منافق في المدينة!
إذاً: فلا تغتر بصحبة الصالحين، ولا تغتر بعمل الطاعات، فربما فتح لك باب العمل وأغلق عنك باب القبول لحكمة يعلمها الله، لاحتمال عجب أو رياء؛ لأن العمل من أجل الدنيا رياء، والعمل من أجل الناس شرك، وإن اليسير من الرياء شرك، فلو صليت في بيتك ودخل ضيف وأنت في الصلاة، وابنك فتح للضيف وقال: تفضل يا عم حتى ينتهي أبي من الصلاة، فقلت في نفسك: الرجل يراني في المسجد دائماً أصلي بهدوء، لابد أن أتمهل في صلاتي هنا كذلك ولا أسرع، فهذا شرك بالله سبحانه، إن اليسير من الرياء شرك؛ لأن المسألة خطيرة، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من شرك.
محاسبة النفس في قضية الأخلاق
فلو أن كل شخص فعل هذا الفعل لانشغل الناس بعيوب أنفسهم وتركوا عيوب الآخرين، وهكذا كان صحابة الحبيب المصطفى، كل واحد منهم كان مشغولاً بنفسه، فليس عنده وقت يشغل فيه نفسه بغيره، والذي يجعلنا نتكلم في عيوب الناس: أننا نسينا عيوبنا، ولو أن كل إنسان شغل نفسه بعيوبه لانقضت الحياة ولم توجد هناك عيوب؛ لأن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، اللهم اجعلنا منهم يا أكرم الأكرمين!
إذاً: ليس المسلم بمنأى عن النار فربما فتح لك باب العمل وأغلق عليك باب القبول، يعني: ربنا قد يفتح لك أبواب العمل، فتحضر مجالس العلم، وتقرأ القرآن، وتقوم الليل، وتصوم النهار، ولكن باب القبول قد أغلق، هل أحد يسأل الله عز وجل عما يفعل؟
لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، هذا سيدنا عيسى لما رآه إبليس قال له: ألست تقول إنك روح الله، ونبي الله، ورسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم ؟ قال له: نعم، قال له: ربنا معك ويدافع عنك؟ قال له: نعم، قال: إذاً: ارم بنفسك من فوق الجبل لنرى ماذا سيصنع بك ربنا؟ قال عيسى عليه السلام: يا لعين! إن الله هو الذي يختبر عباده، وليس للعباد أن يختبروا رب العباد!
كذلك من ثمرات الدار الآخرة: مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل أنت تأمر امرأتك وتنهاها؟ وهل أنت تأمر عيالك وتنهاهم؟ وهل أنت تأمر أصحابك وتنهاهم؟
اشتر لك دفتراً وحاسب نفسك كل يوم قبل أن تنام وتسجل فيه كل ما عملت من سيئات كتابة، كم نظرت إلى الحرام! وكم نممت من أناس! وكم نميت مرات! وكم كذبت من مرات وهكذا! وتنوي نية صادقة أنه إذا أصبح الصباح عليك فلن تعود لمثل هذا أبداً، وهذه أمانة أعلقها في رقابكم جميعاً رجالاً ونساءً، شباباً وشيبة، عل الله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
الناس يظنون أنهم بمنأى من عذاب الله، وهذا غير صحيح، فمن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فهذا: سلمان الفارسي سيكون من أول الداخلين إلى الجنة إن شاء الله، وأبو لهب عم رسول الله لن يدخل الجنة، فالقضية ليست قضية نسب ولا قرابة، لا تغتر بصحبة الصالحين أبداً، وليس أنني إذا مشيت مع رجل صالح أو عالم فاضل، عامل بعلمه فقد حويت العلم والتقوى.
لا تغتر بصحبة الصالحين؛ لأن عبد الله بن أبي ابن سلول صلى وراء الرسول وهو من أهل الدرك الأسفل في النار والعياذ بالله! فقد صلى وراء الرسول تسع سنوات لا تفوته صلاة، ورغم ذلك ما نفعته صلاته خلف رسول الله هو والسبعة عشر منافق في المدينة!
إذاً: فلا تغتر بصحبة الصالحين، ولا تغتر بعمل الطاعات، فربما فتح لك باب العمل وأغلق عنك باب القبول لحكمة يعلمها الله، لاحتمال عجب أو رياء؛ لأن العمل من أجل الدنيا رياء، والعمل من أجل الناس شرك، وإن اليسير من الرياء شرك، فلو صليت في بيتك ودخل ضيف وأنت في الصلاة، وابنك فتح للضيف وقال: تفضل يا عم حتى ينتهي أبي من الصلاة، فقلت في نفسك: الرجل يراني في المسجد دائماً أصلي بهدوء، لابد أن أتمهل في صلاتي هنا كذلك ولا أسرع، فهذا شرك بالله سبحانه، إن اليسير من الرياء شرك؛ لأن المسألة خطيرة، ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من شرك.
كذلك تعمل نفس القضية في الأخلاق السيئة، تأخذ ورقة معك إلى العمل وتكتب فيها الأخلاق المحمودة، وتكتب في الصفحة الثانية الأخلاق المذمومة، مثل الواجب الذي يكتبه الولد خارج المدرسة، أنت أيضاً تشتري دفتراً للأخلاق الحميدة والمذمومة التي تعملها، فتقول مثلاً: الأخلاق الحميدة هي الصدق، والحلم، والكرم، والجود، والتوكل على الله، واليقين، وكظم الغيظ، ومن الأخلاق الذميمة: الكبر، والحسد، والكبرياء، والاختيال على عباد الله، والسخرية.
فلو أن كل شخص فعل هذا الفعل لانشغل الناس بعيوب أنفسهم وتركوا عيوب الآخرين، وهكذا كان صحابة الحبيب المصطفى، كل واحد منهم كان مشغولاً بنفسه، فليس عنده وقت يشغل فيه نفسه بغيره، والذي يجعلنا نتكلم في عيوب الناس: أننا نسينا عيوبنا، ولو أن كل إنسان شغل نفسه بعيوبه لانقضت الحياة ولم توجد هناك عيوب؛ لأن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، اللهم اجعلنا منهم يا أكرم الأكرمين!
إذاً: ليس المسلم بمنأى عن النار فربما فتح لك باب العمل وأغلق عليك باب القبول، يعني: ربنا قد يفتح لك أبواب العمل، فتحضر مجالس العلم، وتقرأ القرآن، وتقوم الليل، وتصوم النهار، ولكن باب القبول قد أغلق، هل أحد يسأل الله عز وجل عما يفعل؟
لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، هذا سيدنا عيسى لما رآه إبليس قال له: ألست تقول إنك روح الله، ونبي الله، ورسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم ؟ قال له: نعم، قال له: ربنا معك ويدافع عنك؟ قال له: نعم، قال: إذاً: ارم بنفسك من فوق الجبل لنرى ماذا سيصنع بك ربنا؟ قال عيسى عليه السلام: يا لعين! إن الله هو الذي يختبر عباده، وليس للعباد أن يختبروا رب العباد!
تكلمنا في الحلقة الماضية أن النار سبع دركات، بعضها أسفل من بعض، وكل دركة أشد من التي فوقها سبعين ضعفاً، فإذا نزل المنافق في الدرك الأسفل وجدها أشد حرارة بأربعمائة وتسعين مرة عما فوقها! قال تعالى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:42-43]، أول سبب لدخول النار ترك الصلاة.
قال تعالى: وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ [المدثر:44]، أي: لا صدقة ولا زكاة.
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ [المدثر:45]، يتحدثون في الباطل فيلمزون المسلمين ويطعنون في الملتزمين، فكلما رأى ملتزماً أو امرأة منقبة يقول: هؤلاء متطرفون هؤلاء سيجلبون علينا المشاكل ويخربون البلاد.
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر:46] والعياذ بالله! والمسألة ليست مسألة تكذيب أو إنكار، لكنه يرى نفسه مسلماً فيترك الصلاة والصيام والزكاة ويعادي أولياء الله ويقول: الله غفور رحيم، ويستهزئ قائلاً: ستدخل الجنة! احجز لي مقعداً بجنبك، وهذه قلة أدب، ولذلك المسلم دائماً عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما وسعه ذلك، بالحكمة والموعظة الحسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول له ربه: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ [فاطر:23]، ويقول تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى:48]، ويقول: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية:22]، تسلك في الحياة مسلك الصالحين بأسلوبك أنت بالصدق والتواضع، وبلين الجانب، وببسط الوجه، وبقضاء مصالح المسلمين، وبالسعي في حل مشاكلهم، هذا أسلوبك في الحياة، وليس للمسلم أن يغضب ويشدد على الناس.
إذاً: المسلم دائماً يوقن أن الله عز وجل هو الذي يملك أمر يوم القيامة وحده، لا أحد يملكه معه، قال تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الحج:56]، وقال تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار:17-19].
الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك إلا الشفاعة فقط، يقول: أنا بلغت يا رب، ويقف وهو يقول: يا رب أمتي! يا رب أمتي! ومن رأفته يريد أن يشفع في أناس معينين؟ فيقال: لا، فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48]، لم يكن يصلي، وكان يخوض مع الخائضين فلا يقبل الله فيه شفاعة الشافعين.
الرسول صلى الله عليه وسلم قال له رجل: (يا رسول الله! ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعني على نفسك بكثرة السجود)، أرشده إلى أن يصلي كثيراً، وذلك لأجل أن تحل له شفاعته، وإذا لم يصل فكيف سيشفع له؟ قال صلى الله عليه وسلم: (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه).
ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم لأهله: (لا يأتيني الناس يوم القيامة بالحسنات، وتأتوني أنتم بأوزاركم على ظهوركم تقولون: أدركنا يا محمد، فأقول ما قاله العبد الصالح: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]) ، لا ينفع حتى أهله (يا يا فاطمة ! يا بنت محمد! اعملي، لا أغني عنك من الله شيئاً
فهذه فاطمة سوف تدخل الجنة برحمة الله، أما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع لإنسان كان لا يصلي، ولا يزكي، وكان يخوض مع الخائضين، ويكذب بيوم الدين فلا.
وكثير من الناس يردون الأمر على الله عز وجل، فمثلاً: في الحديث الصحيح: أن البيت الذي فيه تمثال أو صورة لا تدخله الملائكة، وكذلك البيت الذي فيه كلب، هذا الحديث متفق عليه، لكنه يقول لك: الرسول صلى الله عليه وسلم يقصد أن الناس كانوا يعبدونه، أما تمثال لقيمة فنية وجمالية، فهذا ليس حراماً.
الرسول يقول: هذا حرام، وأنت تقول: ليس بحرام! أصدقك أنت أو أصدق رسول الله!؟ فهذا يرد الأمر على الآمر، مثل عمل إبليس عندما أمر بالسجود فقال: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا [الإسراء:61]، وقال: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12] وهكذا في كثير من الأمور، وبعضهم يقول: لا يوجد اختلاط في الإسلام فالبنت جنب الولد مثل أخيها، يا أخي: لا يجوز ذلك، افصل بينهما، هذا فيه فتح باب الشهوات والغرائز الجنسية، هذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فجلست بجواره تشتكي إليه، ثم غادرت المكان، فجاء رجل بعدها ينتظر دوره وجلس في مكانها ليسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا بالرسول يأخذ بيده وينقله إلى الجانب الآخر، فسئل عن ذلك؟ فقال: (لكي لا يستشعر دفء مكانها)، فالرسول يحميه من مداخل الشيطان.
وعلماء التربية الحديثة يقولون: إن كل ذرة في جسد الرجل تدل على الذكورة، وكل ذرة في جسد المرأة تدل على الأنوثة، فهذه حكمة الله سبحانه وتعالى، أنه كل جنس له تخصصه، فالمرأة تستطيع أن تلد وترضع وعندها عاطفة، والرجل عنده خشونة وقوة، وعنده تحمل للمسئولية، وعنده عاطفة مؤخرة عن العقل، ولا يقدر أن يرضع، ولا يقدر أن يبقى مع الأولاد في البيت، قال تعالى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11]، فالمسلم عليه أن يؤمن بكل ما جاء في كتاب الله، وبكل ما جاء في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
ما زلت أحوم حول الحلقة الثانية، وأن قلب الإنسان قد لا يحتمل مدة طويلة أن يتحدث عن النار، اللهم أجرنا من حر النار وأبعدنا عنها يا رب العالمين! وأدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب يا أكرم الأكرمين!
ذكر عذاب من يتثاقل عن الصلوات
وفي عصرنا هذا نجد كثيراً من الناس يسهرون الليالي أمام التلفاز ثم ينامون عن صلاة الفجر؛ ولذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في النار، تأتي الملائكة بأحجار فتضرب رءوسهم، حتى تنكسر ثم تعاد مرة أخرى كما كانت، ثم تكسر.. وهكذا، فقال: (من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين كانت تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة).
ذكر عذاب الحاكم الظالم
قال صلى الله عليه وسلم: (وملك آخذ بقفاه حتى يقف به على جهنم، ثم يرفع رأسه إلى الله عز وجل) وهذا هو الملك الذي يرفع رأسه إلى الله وليس الحكم: (فإن قال الله للملك: ألقه، يلقه في سبعين خريفاً في جهنم).
وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم : (يؤتى بالحاكم العادل يوم القيامة ينتفض به الجسر انتفاضة)، يعني: الصراط يهتز به هزة، قال: (فيطير كل عضو من أعضائه عن موضعه، لا يجمعها له إلا عدله).
وعن الخليل عن عبد الله بن أبي عاصم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحواميم سبع) من بداية سورة غافر إلى سورة الأحقاف، فهذه سبع سور كلها تبدأ بـ(حم)، (من واظب عليهن سدت كل سورة باباً من أبواب النار)، والمقصود: أنه يقرأهن بتدبر وتمعن ويعمل بما فيهن من أوامر ونواه.
وابن عباس يقول: كلما جئت إلى الحواميم شعرت أني في رياض أتأنق فيهن، يعني: آخذ وردة من هنا ووردة من هنا، وزهرة من هنا وزهرة من هنا، فاقرأ سورة غافر واسمع ما فيها من عظات.
ذكر شدة النار وهولها
ولشدة هول النار وعظم جحيمها ينسى الكافر كل نعيم الدنيا فعن أنس بن مالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بأنعم أهل الأرض فيصبغ في النار صبغة) ، أي: يغمسونه في النار غمسة، (فيخرج كالفحمة، فيقال: عبدي! هل رأيت نعيماً من قبل قط؟ قال: وعزتك وجلالك أني في الشقاء منذ خلقتني)، وفي الحديث الآخر: (لو أن نقطة من الجنة وقعت في دنياكم لحلتها لكم، ولو أن قطرة من النار وقعت في دنياكم لخبثتها عليكم)!
كذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (ويؤتي بأبأس أهل الأرض) الذي لم يشعر براحة في الدنيا منذ أن خلق، فهو في فقر وشدة وهم لا يجد الراحة، ولكنه كان يتقي الله، ويحمد الله، وكان لا يحقد على أحد، ويرضى بما قسم الله له، قال صلى الله عليه وسلم: (فيصبغ في الجنة صبغة، فيخرج كالبدر ليلة التمام، فيقال: عبدي! هل رأيت بؤساً من قبل قط؟ فيقول: وعزتك وجلالك أنى في النعيم منذ خلقتني).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (ولو أن جهنمياً أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لاحترقت الدنيا من حر كفه)، هذا كلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم!
ويقول عليه الصلاة والسلام: (لضرس الكافر في جهنم كجبل أحد، فقالوا: يا رسول الله! صف لنا واحداً من أهل جهنم، قال: شفته السفلى مدلاة يدوسها أهل النار، ولو أن خازناً من خزنة جهنم أخرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لمات أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله الذي على وجهه).
الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلة المعراج كان يمر على الملائكة فيسلم عليهم، فيردون عليه السلام ويبتسمون، إلا ملكاً واحداً: رد السلام عليه ووجهه مكشر، فقال: (من هذا يا جبريل؟ قال: هذا مالك خازن النار، ما ضحك منذ أن خلق الله النار).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس فيهم رجل من أهل النار لأحرقهم).
ويقول صلى الله عليه وسلم: (اشتكت النار إلى ربها وقالت: يا رب! أكل بعضي بعضاً؛ فأذن الله لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف) يعني: جعل لها نفسين في السنة، نفساً في الصيف، ونفساً في الشتاء، قال: (فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير)، فعندما تجد حراً شديداً تقول: اللهم أجرني من حر جهنم، وعندما تجد برداً شديداً تقول: يا رب! أبعدني عن زمهريرها!
ذكر العنق الذي يخرج من النار
فالجبار العنيد: هو الذي يأبى كلام الله عز وجل، وكل طاغية يطغى على عباد الله، وكل شخص يضع نفسه مكان فرعون ويتفرعن على عباد الله، هذا هو الجبار العنيد الذي يأخذه هذا العنق.
(ومن جعل مع الله إلهاً آخر): أي: كل عابد لغير الله أو مشرك مع الله إلهاً غيره.
النوع الثالث: المصورون، والعلماء ذهبوا إلى أن المقصود بالمصورين النحاتون الذين يعملون التماثيل التي تضاهي خلق الله، فالذي عنده تمثال في بيته أو كلب ليس للحراسة ولا للصيد فإنه ينقص من ثوابه كل يوم قيراطان أقلهما كجبل أحد، وهذا جبريل عليه السلام رفض أن يدخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول بحث في البيت فوجد أن عائشة معها ستارة على فتحة في البيت وعليها تصاوير، فنزعه، وأمر بتغييره، فدخل جبريل وقال: لا ندخل بيتاً فيه تمثال أو كلب أو صورة! والأولى للإنسان أن يترك التصوير الذي لا داعي له، والصور الضرورية لا بأس بها، كصورة جواز سفر، أو بطاقة شخصية، أو صورة للولد في المدرسة، وفي الحديث: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
وصف طعام أهل النار وشرابهم
ويقول صلى الله عليه وسلم: (عندما يدخل أهل النار النار تتلقاهم النار بشرر كالنجوم قال: فيولون مدبرين فيقول الجبار تبارك وتعالى: ردوهم عليها، فيردونهم، فذلك قوله: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ [غافر:33])، أي: ليس لهم عاصم يعصمهم من النار.
يقول سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: (يلقى على أهل النار الجوع)، وفي رواية: (قهر الجوع أهل النار)، الجوع هنا فاعل: (يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام من ضريع) الضريع: نوع من الثمر المر بجانبيه شوك مثل التين الشوكي، ومثل جلد القنذف، فهؤلاء يطعمون بطعام: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ [الغاشية:7].
قال: (ثم يغاثون بطعام ذا غصة)، أي: طعام يحدث غصة في الحلق، فمن كثرة الشوك يمسك بالحلق فيستغيثون، فيغاثون بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29].
يقول صلى الله عليه وسلم: (فيذكرون أنهم كانوا يزيلون الغصص في الدنيا بشراب، فيستغيثون بشراب، فيرفع إليهم من حميم بكلاليب الحديد) أي: أن خزنة جهنم يأتون للكافر والفاجر بالحميم في أكواب من نار يمسكونها بكلاليب من حديد! قال تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، حاشا لله أن يظلم أحداً، فالله جعل لهم طريقين، قال تعالى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان:3][البلد:10]. (ويرفع إليهم الحميم ... بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت الوجوه، فإذا دخل الشراب بطونهم قطّع ما في بطونهم فيقولون: ادعوا خزنة جهنم، فيدعون خزنة جهنم: أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب؛ فيقولون: أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [غافر:50]، فيقولون: ادعوا مالكاً، فيقولون: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف:77])، مادام أنه لا يوجد تخفيف يقولون: يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ [الحاقة:27] نموت فنستريح: (فيجيبهم مالك: إنكم ماكثون) والمسافة الزمنية بين دعائهم ورد مالك ألف سنة.
قال صلى الله عليه وسلم: (فيقولون: ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم، فيقولون: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون:106-107] فيجيبهم: قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ [المؤمنون:108-110])، سخرتم من المتطرفين ومن المحجبات والملتزمات، ومكثتم تطعنون في عباد الله الذاكرين والمصلين الساجدين، نسأل الله أن يتوب علينا، وأن يرد عنا كيد الظالمين، وأن يولي أمورنا خيارنا، وألا يولي أمورنا شرارنا، وأن يصلح برحمته أحوالنا إن ربنا على ما يشاء قدير.