عنوان الفتوى : معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا يسترقون
لقد قرأت حديث صفات من يدخلون الجنة دون حساب وعذاب، وأسأل الله أن أكون منهم، ولديّ سؤال حول الذين لا يسترقون، فأنا لم أطلب من أحد أن يرقيني، ولكن أمّي منذ طفولتي تحضر لي ماء مرقيًّا، وقد امتنعت عنه، فهل هذا سيمنع عني دخول الجنة دون حساب، ولا عذاب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكون غيرك يرقيك بغير طلب منك، أو يسقيك ماء مقروءًا عليه بغير طلب منك، غير مانع من دخولك في جملة من يدخلون الجنة بغير حساب، وقد رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ورقى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، كما هو معلوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثبت عنه في الصحيح أنه قال: {يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون}، فهؤلاء من أمته، وقد مدحهم بأنهم لا يسترقون.
الاسترقاء أن يطلب من غيره أن يرقيه، والرقية من نوع الدعاء، وكان هو صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه، وغيره، ولا يطلب من أحد أن يرقيه. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: قوله: "لا يسترقون"، في بعض روايات مسلم:
1. "لا يرقون": ولكن هذه الرواية خطأ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرقي، ورقاه جبريل، وعائشة، وكذلك الصحابة كانوا يرقون. واستفعل بمعنى طلب الفعل، مثل استغفر، أي: طلب المغفرة، واستجار: طلب الجوار، وهنا استرقى، أي: طلب الرقية، أي: لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم; لما يلي:
1 - لقوة اعتمادهم على الله. 2 - لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله. 3 - ولما في ذلك من التعلق بغير الله. انتهى.
والله أعلم.