بائع اللبن - هاني مراد
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
يقوم كل صباح، يتوضأ ويصلي ركعات قبل الصبح، يتقوى بها على مشاق الحياة، ويقوي بها صلته بخالقه. ثم يسعى على قوت يومه ببيع اللبن في مدينته "مرعش" التركية التي تحتلها فرنسا بمعاونة الفيلق الأرمني المسيحي العميل لفرنسا.
وفي آخر أيام شهر أكتوبر، عام 1919، كان بائع اللبن يمارس عمله، عندما رأى جنديين فرنسيين وجنديا أرمنيا، يعترضون طريق ثلاث سيدات مسلمات، ويحاولون إجبارهن على خلع حجابهن، بدعوى أن هذه الأرض قد أصبحت محتلة من فرنسا، ولا يحق لهن ارتداء الزي الإسلامي!
وعندما حاول أحد الباعة الدفاع عن هؤلاء السيدات، وأطلق الجنود النار عليه، وأردوه قتيلا، لم يتمالك بائع اللبن نفسه، فأخرج مسدسا كان يخبئه، وقتل أحد الجنود وأصاب آخر! وتمكن بائع اللبن من الفرار، ولم تفلح قوات الاحتلال التي قلبت المدينة رأسا على عقب، في العثور عليه!
وعاثت قوات الاحتلال الفرنسي وأعوانهم من الأرمن الخونة، فسادا، فقتلت كل من وجدت من المدنيين الأبرياء.
وألقت القوات الفرنسية القبض على "قادر" ابن عم بائع اللبن، وعذبته وقطعت أذنيه وأنفه لإجباره على الاعتراف بمكان ابن عمه، حتى استشهد مخنوقا على أيدي المجرمين.
كانت هذه الحادثة البطولية شرارة انطلاق موجة كبرى من مقاومة المحتل، حتى نشبت معركة "مرعش" لتحرير المدينة كلها.
ونجا "إمام سونجو" بائع اللبن من المحتل، وأصبح رمزا لصمود وعزة المسلم، حتى استشهد بعد ذلك في إحدى المعارك.
لحظة صدق واحدة، كانت سببا في تحرير مدينة كاملة!
لحظة صدق واحدة، حافظت على شرف نساء المسلمين.
لحظة صدق واحدة، جعلت بائع لبن رمزا لجهاد أمة!