سلسلة الدار الآخرة بداية علامات الساعة الصغرى


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه الحلقة السادسة في سلسلة الحديث عن الدار الآخرة، أو عن الموت وما بعده، وهذه الحلقة خاصة بعلامات الساعة، وكل حلقة من حلقات الدار الآخرة تمثل مرحلة هامة من مراحل الموت وما بعده.

ندعو الله في بداية هذه الحلقة أن يجعل برحمته جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل ربنا برحمته بيننا شقياً ولا محروماً.

اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسَّرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً لأهله.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، واجعل هذه الدروس في ميزان حسناتنا جميعاً يوم القيامة، اللهم ثقل بها موازيننا، واجعلها حجة لنا لا حجة علينا، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين غير فاتنين ولا مفتونين، وغير خزايا ولا ندامى ولا مبدلين، إنك يا مولانا على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير، وصل اللهم وسلم وبارك على البشير النذير سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

تكلمنا في الحلقتين السابقتين عن الأسباب الموجبة لعذاب القبر، وعن الأسباب المنجية من عذاب القبر، ورأينا أن الحلقة التي كانت خاصة بأسباب وموجبات عذاب القبر، كان الكلام فيها صعباً على النفوس، ولكن عندما جاءت منجيات عذاب القبر خففت منها شيئاً، ولكن القضية ليست قضية علمية بحتة، وإنما نحن في هذا المسجد نبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغه عن ربه سبحانه وتعالى.

وقلنا: إن الكلام في مسألة الدار الآخرة لا اجتهاد فيه، وإنما أخذناه من فم الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فكل مسائل الدار الآخرة مأخوذة من نصوص الكتاب والسنة، ولا إفتاء فيها أبداً.

علامات الساعة كثيرة، وحلقة طويلة جداً، ونحن مربوطون بوقت محدد، فلكيلا يطول الحديث ندخل فوراً في حلقة اليوم إن شاء الله، فاللهم! يسر لنا يا معين.

علامات الساعة تنقسم إلى قسمين: علامات صغرى، وعلامات كبرى.

وهناك فرق بين علامات الساعة الصغرى، وعلامات الساعة الكبرى.

الفرق الأساسي الجوهري: هو أن علامات الساعة الصغرى إذا ظهرت كلها فباب التوبة لا يزال مفتوحاً أمام المسلم.

أما علامات الساعة الكبرى إذا ظهرت منها أول علامة أغلق باب التوبة، نعوذ بالله من ذلك، اللهم تب علينا يا رب قبل أن تظهر علامات الساعة الكبرى.

إذاً: الفرق الجوهري الأساسي: أن علامات الساعة الصغرى إذا ظهرت فما زالت هناك فسحة أن يعود المذنب ويتوب العاصي والمنحرف، وأن يسترشد الضال، لكن إذا ظهرت أول علامة من علامات الساعة الكبرى فقد أغلق باب القبول، وأغلق باب التوبة، لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158].

علامات الساعة الكبرى تسع علامات نؤجلها الآن، ونتكلم عن علامات الساعة الصغرى، جمعتها لكم بفضل الله عز وجل من الكتب والأحاديث الصحيحة، مما يقرب من (642) كتاباً، وجمعت فيها بفضل الله عز وجل ما لا يقل عن (1242) حديثاً، لكن أخذنا عينات؛ حتى لا يطول بنا الشرح.

وجمعت لكم من علامات الساعة الصغرى (95) علامة، وأنا في حالة من الرعب كلما أعدت عليكم حلقات الدار الآخرة، وهذه ثالث مرة، فقد شرحتها لكم أول مرة في سنة (1974م)، وفي المرة الثانية في سنة (1987م)، وهذه المرة الثالثة، وأنا كلما أعدتها حدث لي رعب؛ لأن الخمسة والتسعين علامة رأيت أنها كلها قد ظهرت، نسأل الله السلامة، لم يبق إلا أن نصبح في الصباح وقد ظهرت بعض علامات الساعة الكبرى.

وقد يحزنني من تفوته دروس الدار الآخرة؛ لأن العبد إذا مات قامت قيامته الصغرى، فأنت لو مت لا تحتاج علامات ساعة لا صغرى ولا كبرى؛ لأنك إذا مت انفصلت عن الحياة ودخلت في مرحلة أخرى من مراحل العمر ألا وهي حياة البرزخ، وعالم البرزخ عالم لا يعلمه إلا الله، فيدخل الإنسان أول منازل الآخرة بعد موته.

هذه علامات الساعة الصغرى كما جاءت في أحاديث الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كل الكلام الذي سوف أشرحه لحضراتكم من نصوص أحاديث صحيحة نقحتها على مدى سنوات ثلاث، قبل أن أبدأ في حلقات دار الآخرة عكفت على علم الحديث الذي درسته وأدرسه، ونقحت هذه الأحاديث جميعاً بحيث لا تجدون أبداً حديثاً ضعيفاً فيها؛ لأن أمانة العلم تقتضي هذا المشهود.

يقول الله عز وجل في سورة الأنبياء: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ [الأنبياء:1]، هذا الاقتراب يدل على القرب.

وقال تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18] يعني: هم منتظرون أن تأتيهم الساعة.

ويقول ربنا عز وجل: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1]، هذه الآية فيها تقديم وتأخير، والتقدير: انشق القمر واقتربت الساعة؛ لأن انشقاق القمر كان قبل قيام الساعة وسبب انشقاق القمر أن المشركين ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا محمد! لو شققت لنا القمر لآمنا بك، قال: يا رب! شق لهم القمر، فكان نصف القمر على جبل أبي قبيس والنصف الآخر على الجبل المقابل له، فقيل له: هل آمنتم؟ قالوا: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ [المدثر:24] أي: سحرنا محمد؛ لأنه ساحر، ماذا تقول لقلوب قد أوصدت وأغلقت، اللهم! فهمنا وعلمنا ما جهلنا، وذكرنا ما نسينا، وتب على كل عاص، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، ووفقنا لما تحبه وترضاه.

وعلامات الساعة الصغرى (95) علامة، لكن بعض العلماء قد يقول لك: هي عشرون، وآخر يقول: هي ثلاثون، لكني جمعتها لك من أحاديث كثيرة.

من علامات الساعة الصغرى: بعثة النبي عليه الصلاة والسلام

أول علامة: بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يقول: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى، إلا أني جئت قبلها).

وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا [النازعات:42] يعني: متى ستقع الساعة ومتى يوم القيامة؟ ومتى ربنا يأخذنا ويحاسبنا؟ فِيمَ [النازعات:43] يجوز أن تقول: فيمه وتسكت، وهذه اسمها هاء السكت، فقوله: (فيمه) أي: أنت علامة من علامات الساعة يا محمد، وهذه فائدة علم القراءات، وسيدنا الحبيب هو آخر الرسل ليس بعده رسول.

قد يقول قائل: يا أخي من ألف وخمسائة سنة لم يحصل شيء، نقول: إنما الأيام أيام الله، وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ [الحج:47].

فنحن من ألف وخمسمائة سنة كم لنا في هذه الدنيا؟ لنا يوم ونصف من ساعة بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لو قعدنا ثلاثة أربعة أيام خمسة أيام فهذه خمسة آلاف سنة، ولو قعدنا أسبوعاً فهذه سبعة آلاف سنة، ولو قعدنا شهراً فهذه ثلاثون ألف سنة.

إذاً: الأيام ليست أيامك.

من علامات الساعة الصغرى: ما ورد ذكره في حديث جبريل الطويل

العلامة الثانية: أن تلد الأمة ربتها، روي في الحديث الصحيح: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، ليس عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد منا، ووضع ركبتيه إلى ركبتي رسول الله وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ قال: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه.

ثم قال: أخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت.

قال: أخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل)، يعني: أنا وأنت في عدم المعرفة سواء، ثم قال له: (أخبرني عن أماراتها) يعني: علامات الساعة.

قال له: (أن تلد الأمة ربتها)، هذه ثاني علامة، يعني: الأم بعد ما كانت هي المطاعة في البيت، تأتي بنتها فتحكم عليها وتنكد على أمها، وهذا حاصل وواقع.

ثم قال: (وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) من قبل ترى القصر ويقال لك: هذا قصر فلان باشا، أما الآن فترى القصر فيقال لك: هو ملك فلان السباك، أو الزبال.

كذلك قبل ستين سنة تقريباً في المملكة والحجاز ودول الخليج ترى الرجل يسكن في خيمة وأرجله مشققة من الصحراء، يمشي حافياً، وإن بنى له حاجة كانت عبارة عن عشة مثل الكوخ، لكن الآن اذهب إلى الرياض أو جدة، وانظر، تقول: نحن في باريس، تجد الحفاة العراة قد تطاولوا في البنيان.

فمن نسي نعمة الله عليه ولم يؤد شكرها نزعها الله منه فأعطاها لمن يستحق، وقد كان المصريون سادات العالم منذ آلاف السنين، فوصل بهم الحال اليوم إلى أن استدانوا، وسوف يأتي يوم من الأيام وتنقلب الأمور وتتعدل، إذا اتقى المصريون ربهم، فتعاد موازين القوى مرة أخرى، ويأخذ المال من يحسن إدارة المال.

وسمي المال مالاً؛ لأنه مال بالناس عن الحق، ولو أن أهل الخليج وأهل الحجاز أخرجوا زكاة أموالهم كما أمر الله عز وجل إلى فقراء المسلمين في أنحاء العالم؛ لما ظل مسلم فقيراً أبداً في الدولة المسلمة؛ لأن الله جعل قوت الفقير في مال الغني، فما جاع فقير إلا بتخمة غني.

قوله: (أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم غادرنا، قال: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم).

يعني: هذا جبريل سألني هذه الأسئلة لأجل أن تتعلموا أمر الدين، هكذا قال المعصوم صلى الله عليه وسلم.

من علامات الساعة الصغرى: سعادة اللكع في الدنيا والإسراف في المأكل والملبس

العلامة التي بعدها أن تجد أسعد الناس في الدنيا لكع ابن لكع، واللكع هو اللئيم كما في القاموس.

وفي المقابل أن يمر الرجل بقبر أخيه فيقول: يا ليتني كنت مكانك.

يعني: أن يمر المؤمن بقبر أخيه فيقول: يا ليتني كنت مكانك؛ من كثرة الفتن التي رآها، أما اللكع ابن اللكع فيعيش سعيداً في الدنيا، والإنسان المستقيم التقي المؤمن الورع فإن الدنيا بالنسبة له سجن يريد أن يتحرر منه، اللهم حررنا من سجن الدنيا إلى سعة الجنة يا رب العالمين.

العلامة التي تليها: كان سيدنا مصعب بن عمير شاباً مرفهاً في مكة، وكان يلبس الفاخر من الثياب، لكن تبدل حاله بعد الإسلام؛ لأن أهله أخذوا منه الثروة والأموال، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الحال قال: (كيف بكم إذا جاء عليكم زمن يغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى، وتوضع أمامه صحفة، وترفع أخرى) يعني: يلبس الصبح لبساً، وبعد الظهر لبساً آخر، وتوضع الأطباق على السفرة وترفع أخرى، قالوا: (إذاً نتفرغ لأمر الله يا رسول الله) يعني: لا ننشغل بأمر الرزق ما دامت الأموال كثيرة والحمد لله، فقال: (لا أنتم اليوم خير منهم يومئذ) يعني: أنتم في هذه الأيام أفضل من الأيام التي تفتح فيها الدنيا ويكثر فيها المال.

ولذلك جاء في الأثر: أن من الذين يدخلون الجنة بدون حساب رجلاً ينادي على أهله: ائتوني بشرابي، فيأتونه بالماء، لكن اذهب عند المصري المسلم فأول ما تقعد يقول لك: هل تحب الشاي أم القهوة أم العصير.. وغير ذلك؟ مع ذلك تجده يقول لك: ها نحن صابرون على الضنك الذي نحن فيه.

يا أخي! أنت كمسلم تحمد الله على أن ربنا وسع عليك، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى علياً كرم الله وجهه، وهو يغمس اللقمة في الخل ثم في الزيت، قال: يا ابن أبي طالب طعامان في طعام واحد، إنك لمسرف يا علي .

من علامات الساعة الصغرى: إمارة الأشرار والنساء وتحكم البخلاء في الأموال

من علامات الساعة الصغرى: كثرة القراء وقلة العلماء

أيضاً من علامات الساعة: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يكثر القراء ويقل العلماء) بالله عليك كم عالم هذا الوقت في مصر، العالم الذي تحب أن تسمعه، وتتعب وتسافر لتأخذ عنه، بعدد الأصابع، لكن كم مقرئ سمعته؟ أكثر من الرز.

والنتيجة: (ويكثر الجهل) هذه النتيجة حتمية، الآن تجد من يلبس عمامة حمراء والناس تستفتيه في مسألة الطلاق وغيرها.

وكان هناك من قبل نوعان من لباس الرأس وعليهما شال: طربوش غامق بزر أسود للعالم، وطربوش (شرباتي) فاتح بزر أزرق للمقرئ، وأنت عندما تنظر إليه تقول: هذا مقرئ وهذا عالم، أما في وقتنا فقد صار كله عاماً، (يكثر القراء ويقل العلماء، ويكثر الجهل)، حتى قال صلى الله عليه وسلم: (فيرفع العلم) وجاء في الحديث: (إن الله لا ينزع العلم انتزاعاً، ولكن بقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

من علامات الساعة الصغرى: انتشار الفواحش

ومن علامات الساعة: انتشار الفواحش والزنا بدرجاته، العين تزني، والأذن تزني، والرجل تزني:

العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها الاستماع، ويصدق هذا كله أو يكذبه الفرج.

فيكثر الزنا، ويشرب الخمر، كل الفنادق ذات الخمسة نجوم فيها خمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يصير لكل خمسين امرأة قيم واحد؛ لأننا صعبنا الحلال، فصار الحرام يسيراً، فالشاب عندما يفكر في الزواج، هذه مسألة من رابع المستحيلات، من أين البيت؟ من أين يفرشه؟ من أين الشبكة؟ من أين المهر؟ من أين المؤخر؟ من أين تكاليف العرس؟ من أين الفندق؟ من أين السجاد والثلاجة والفريزر؟ فيأتي آخر إلى هذا الشاب فيقول له: لماذا تتعب نفسك؟ تعال أزوجك زواجاً عرفياً لا تدفع فيه ربع جنيه، فهذه الجامعات مليئة بالفتيات اذهب واختر واحدة منهن، واترك الباقي علي أنا.

من إحدى الجامعات فقط وصلتني رسالة تحت عنوان: مشكلة الزواج العرفي بين الطلبة والطالبات، وعددها (742)، هذا الذي وصلني، فكم وصل الإخوة العلماء الباقين، والتي لم تصل وإنما فاحت ريحها.

أقول: إن الحلال صار صعباً، وصار الحرام أمره ميسور، فكثر الزنا وكثرت الفواحش.

نقول: يسروا أمر تزويج الشباب والفتيات، وإلا فسوف يحاسبنا الله جميعاً، وولي الأمر الذي يصعب على العريس مسألة الزواج ولا يتقي الله في ابنته التي عنده فهو قاطع رحم، فقد جاء في الحديث: (إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).

نريد أن نيسر أمر تزويج الشباب والشابات، ليس ضرورياً خمس غرف أو سبع غرف، بل يكفي غرفة أو غرفتان وصندوق توضع فيه الملابس.

كذلك أصحاب الأموال يتصدقون ويزوجون الشباب، وهذه تعتبر صدقة جارية لهم، تظل إلى قيام الساعة إن شاء الله تعالى.

ذكر خمس عشرة خصلة وعلامة من علامات الساعة الصغرى

من علامات الساعة: ما ورد في هذا الحديث: (إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة فارتقب الساعة: إذا صارت الزكاة مغرماً) أي: تصير الزكاة غرامة، زكاة عشرين ألف جنيه، أو ثلاثين ألف جنيه، أو سبعين ألف جنيه، زكاة كم مليون، المليون عليه خمسة وعشرون ألفاً، والألف جنيه عليه خمسة وعشرون جنيهاً، أي: أعط للفقراء جزءاً من كل أربعين قسطاً.

ثم قال: (والأمانة مغنماً) تضع عند أخيك أمانة يأكلها عليك، الأب يوصي الابن الأكبر ببقية إخوته وأخواته بألا يأكل حقهم، فإذا مات الأب، قام الأخ الأكبر الذي لم يترب على تقوى الله وانفرد بالثروة وبالتركة، وأكل نصيب إخوته، فليعلم هذا أنه إنما يأكل في بطنه ناراً وسوف يصلى سعيراً.

ثم قال: (والمال دولاً) أي: يتداوله الأغنياء فيما بينهم.

ثم قال: (وأن يعق الرجل أباه ويبر صديقه) تجد الولد في النادي يقول للمدرب: يا كبتن، والكبتن هذا بينه وبينه خمس ست سنين فقط، وعندما يكلم أباه يقول: أنت أصلك لا تفهم.

ثم قال: (وأن يطيع زوجته ويعصي أمه) يقول لك: إن أمي لا تغضب علي إن عصيتها؛ لأنها تحبني، لكن زوجتي تحبني بينما لو عصيتها تغضب، نقول لهذا: وأمك عندما تغضب عليك، وتبكي للصبح، أين تذهب أنت من دمعتها حتى تصبح؟ تذهب إلى أين من الأم التي إن ماتت ناداك ربك: عبدي! ماتت التي كنا نكرمك من أجلها، فاعمل صالحاً نكرمك من أجلك.

لو أن واحداً مات أبوه وهو غير راض عنه، أو ماتت أمه وهي غير راضية عنه، فإنه بقي له أن يبر ويزور أقاربه، وكذلك يدعو لهما، ويتصدق عنهما، ويستقيم هو على طريق الله، كل هذا يصل ثوابه إلى أبيه وأمه بعد موتهما وفي حياته هو.

بر بوالديك وإن ظلماك، واصبر عليهما، وكن معهما إن كبرا في السن على قدر عقليهما. (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، إن البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، اعمل ما شئت كما تدين تدان).

ثم قال: (وارتفعت الأصوات في المساجد) مثل ما يحصل من النساء الآن؛ لأنهن لا يتقين الله عز وجل، ولا يعرفن حرمة المسجد، وكما قالت عائشة : (لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما صنعت النساء من بعده لمنعهن من الذهاب إلى بيت الله عز وجل)؛ نسأل الله الهداية للجميع.

لا نريد أن ترتفع الأصوات في المسجد، حتى قال العلماء: إن قراءة القرآن يوم الجمعة بدعة، كل مسجد يأتون له بمقرئ من المرتزقة، ولو عدنا للكتاب والسنة لرأينا أنها بدعة من البدع، ولو دخل الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى مسجد يقرأ فيه هذا المقرئ القرآن لنهاه، ولقال له: اترك الذي يصلي يصلي، واترك الذي يقرأ القرآن لوحده يقرأ، واترك الذي لا يعرف أن يقرأ القرآن يذكر الله ويستغفر الله سبحانه.

والعودة إلى الحق خير من التمادي في الباطل، فوددنا أن تصير المساجد كمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الحبيب المصطفى وأيام صحابته.

لماذا تبتدعون في دين الله؟ لماذا تؤلفون في دين الله؟ التأليف في دين الله حرام، والزيادة في الدين كالنقص فيه، يجب أن نعود إلى المنابع الأولى لسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

إذاً: لابد أن نخفض الأصوات في المساجد، وأن نتقي الله ونعرف أن هذا بيت الله، ويجب أن تكون فيه السكينة والهدوء.

ثم قال: (وزعيم القوم أرذلهم)، أي: أن مدير المدرسة مكروه، أو الوزير في الوزارة مكروه، أو مدير المصنع مكروه، أو مدير المستشفى مكروه، أو مدير المؤسسة مكروه، فسبحان الله! نريد الناس تحب الناس، الناس إذا اتقوا رب الناس رزقهم الله حب الناس.

ثم قال: (وأكرم الرجل مخافة شره) يعني: الناس تكرم بعض الناس ليس لأنه أهل للكرم، وأهل للاحترام، بل لأنه قليل أدب، ولسانه طويل، فهم يكرمونه مخافة شره.

ثم قال: (ولبسوا الحرير)، هذه من علامات الساعة، فيحرم أن نجلس على الحرير وأن نلبسه، هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: (واتخذت القينات والمعازف) القينات: جمع قينة، والقينة هي الرقاصة، عندك الآن رقص شرقي ورقص غربي (وروك أند رول) و(التشه تشه تشاه) و(المط مط ماه) والخيبة المتلتلة والبلاء الأزرق، ويقول لك: هناك يا أستاذ رقصة الباليه، ويقول لك: هناك السباحة التوقيعية، يعني: يرقصون في الماء، يعني: الخيبة في البر وفي البحر، وهناك مدارس للرقص، ويقول لك: كل هذا دليل على حضارة الشعوب، والإسلام ليس دليلاً على حضارة الشعوب! يعني: هؤلاء الذين جاءوا إلى المسجد ليصلوا ويستمعوا إلى العلم لا يدل عملهم هذا على الحضارة حسب زعمهم، مع أن هؤلاء سبب نزول رحمة ربنا على العباد، اللهم اجعلنا من أسباب رحمتك لعبادك يا رب العالمين! واجعلنا من عمار بيوتك في أقصى الشمال وأقصى الجنوب يا رب العالمين.

قال: (أن يلعن آخر هذه الأمة أولها)، يعني: هؤلاء الذين يخوضون في الصحابة من الرافضة وغيرهم.

إذا ظهرت هذه العلامات فانتظروا خسفاً من السماء أو مسخاً وريحاً حمراء، وبلايا تتابع وراء بعضها، نسأل الله العفو والعافية.

أول علامة: بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يقول: (بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى، إلا أني جئت قبلها).

وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا [النازعات:42] يعني: متى ستقع الساعة ومتى يوم القيامة؟ ومتى ربنا يأخذنا ويحاسبنا؟ فِيمَ [النازعات:43] يجوز أن تقول: فيمه وتسكت، وهذه اسمها هاء السكت، فقوله: (فيمه) أي: أنت علامة من علامات الساعة يا محمد، وهذه فائدة علم القراءات، وسيدنا الحبيب هو آخر الرسل ليس بعده رسول.

قد يقول قائل: يا أخي من ألف وخمسائة سنة لم يحصل شيء، نقول: إنما الأيام أيام الله، وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ [الحج:47].

فنحن من ألف وخمسمائة سنة كم لنا في هذه الدنيا؟ لنا يوم ونصف من ساعة بعثة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لو قعدنا ثلاثة أربعة أيام خمسة أيام فهذه خمسة آلاف سنة، ولو قعدنا أسبوعاً فهذه سبعة آلاف سنة، ولو قعدنا شهراً فهذه ثلاثون ألف سنة.

إذاً: الأيام ليست أيامك.