هذا وكتب العلماء في نقد"الإحياء"أو الثناء عليه ومدحه كثيرة، وفيما سبق الكناية للإشارة إلى المقصود.
وبعد؛ فإن التنبيه على الخطأ ونقده ليس عيباً في المخطئ ولا حطّاً لقدره.
مَنْ ذا الَّذي تُرْضَى سَجاياهُ كُلُّها ... كَفَى المَرءُ نُبلاً أنْ تُعَدَّ مَعايِبُه
ولولا النصح لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولدين الله ولعباده المسلمين، بل ولأبي حامد رحمه الله نفسه، ما تعرض لهذا أولئك العلماء الربانيون، ولا معصوم من الخطأ أحد إلا الأنبياء في التبليغ.
-تنبيه: والمقصود؛ فما في كتب أبي حامد الغزالي رحمه الله وكتب وغيره على ثلاثة أحوال:
1 -الأول: ما كان حقًّا وصدقًا، فيقبل بلا نزاع، وهو كثير والحمد لله.
2 -الثاني: ما كان خطأً وباطلاً، فهو مرفوض مردود عليه، وهو غير قليل، وأحسن أحواله فيه أنه مأجور على اجتهاده، وإن جانب الصواب.
3 -الثالث: التفصيل فيما هو محتمل لذا أو ذاك، فيبقى على احتماله، ويجب السكوت عنه، وإحسان الظن بقائله، خلا ما ظهر لأهل العلم ترجيح أحدهما بالقرائن والسياق ومعرفة الحال، فيرجع إلى الأوليين.
وهذا المنهج له نظائر عديدة عند شيخ الإسلام ابن تيمية مع غير الإمام الغزالي، كالفخر الرازي وابن عربي الطائي الصوفي، وعبد القادر الجيلاني ... وغيرهم، وكذا له نماذج عديدة كما في موقف الإمام ابن القيم من شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري (481 هـ) وغيرهم ولا سيما في كتاب"مدارج السالكين"الذي شرح فيه كتاب"منازل السائرين"وأوضح كلامه وبيَّن معتمداً على حسن الظن من الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري الهروي، مقدماً الحق عليه، وحاملاً كلامه على أحسن محامله، حتى عجز عن ذلك في بعض المواضع اليسيرة.
ولا يظن ظان أن تتبع نقد العلماء للعالم وبيان خطئه خصوصاً في مسائل الاعتقاد من الإساءة في العلماء أو تحقيرهم ... إلخ، بل هذا هو ما يرتضيه أولئك العلماء، بل ما فعلوه بمن قبلهم، لكن عند التجرد لله ولإبانة الحق يبقى المقصد محموداً شرعياً.