الصفحة 26 من 50

التعطيل ولا حول ولا قوة إلا بالله. وسببه هذا الخلط لطرائق الصوفية والفلاسفة بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، فنتج ذلك الخلط!!

وأيضاً فتح أبو حامد رحمه الله باباً عظيماً للفلسفة ولجت منه القوصية والباطنية إلى الصوفية، والأشعرية، وكتابه"الإحياء"شاهد ذلك.

المبحث الثاني: المراحل التي مرَّ بها أبو حامد الغزالي:

من مجمل كلام مترجميه، وتقريرات شيخ الإسلام في مواضع من كتبه أفهم أن أبا حامد تنقل من مرحلة الأشعرية - التأويل - إلى الفلسفة حيث بلعها ولم يستطع مجها حيث أمرضه"شفاء ابن سينا"و ثم إلى التصوف والعزلة، وآخر أمره الاعتصام بالحديث والعكوف على"الصحيحين"، حتى مات و"صحيح الإمام البخاري"على صدره، لكنه لم يؤلف في هذه المرحلة الأخيرة ما يدل على رجوعه عما سطَّره وقرَّره قبلُ، هذا ويحسن التنبيه أنه: لو مُدَّ له في عمر أبي حامد الغزالي؛ لأبدع في حديث الرسول أيما إبداع.

وعليه فالمراحل أربع: أشعرية، ففلسفية، فصوفية، ثم سلفية سنية، والحمد لله على هذا.

قال شيخ الإسلام في"مجموع الفتاوى" (2/ 54 - 57) : (( ... بَلْ مِثْلُ أَبِي حَامِدٍ لَمَّا حَصَرَ الطُّرُقَ فِي الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ الَّذِي هُوَ النَّظَرُ؛ وَالْقِيَاسُ، أَوْ فِي التَّصَوُّفِ وَالْعِبَادَةِ، الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ وَالْوَجْدُ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ.

بَلْ أَبُو حَامِدٍ لَمَّا ذَكَرَ فِي"الْمُنْقِذِ مِنْ الضَّلَالِ"وَ"الْمُفْصِحِ بِالْأَحْوَالِ"أَحْوَالَهُ فِي طُرُقِ الْعِلْمِ وَأَحْوَالِ الْعَالِمِ، وَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ مَا يَعْتَرِضُ طَرِيقَهُمْ، وَهُوَ السَّفْسَطَةُ بِشُبَهِهَا الْمَعْرُوفَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَعْضَلَ بِهِ هَذَا الدَّاءُ قَرِيبًا مِنْ شَهْرَيْنِ، هُوَ فِيهِمَا عَلَى مَذْهَبِ السَّفْسَطَةِ، بِحُكْمِ الْحَالِ، لَا بِحُكْمِ الْمَنْطِقِ وَالْمَقَالِ، حَتَّى شَفَى الله عند ذلك المرض ...

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام