إن استحضار هذه المراحل، وهذا الاضطراب شيء مهم جداً في نقد حال الإمام الغزالي أبي حامد، ومن ثم الحكم عليه بالحق لا بالباطل، وبالعدل لا بالحيف، والله المستعان.
وهذا الشأن في تبصر الحال والأحوال التي مرَّ عليها الشخص المنقود يجب اعتبارها وتحققها قبل الحكم على أحدٍ من أهل العلم قديماً وحديثاً، فهذه هي طريقة الراسخين في العلم، المحققين فيه كأمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأمثالهما.
سبق أن أبا حامد - عفا الله عنه - خلط منطق الفلاسفة وأقاويلهم بالآثار النبوية والمعاني الشرعية وحاول المزج بينها.
والشيخ ابن تيمية جمع تلك المصادر بعبارة جامعة سهلة، فقال في"بغية المرتاد" (448 - 451) في جملة نفيسة: (( وأبو حامد مادته الكلامية من كلام شيخه في"الإرشاد"و"الشامل" [يقصد أبا المعالي الجويني[1] ]ونحوهما مضموما إلى ما تلقاه من القاضي أبي بكر الباقلاني [2] ، لكنه في أصول الفقه سلك في الغالب مذهب ابن الباقلاني ومذهب الواقفة وتصويب المجتهدين ونحو ذلك، وضم إلى ذلك ما أخذه من كلام أبي زيد الدبوسي [3] وغيره في القياس ونحوه.
(1) إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني الأشعري الكبير (419 - 478 ه) .
(2) أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني الأشعري المشهور المتوفى سنة (403 ه) .
(3) هو عبد الله بن عمر الدبوسي الحنفي الأصولي (367 - 430 ه) , له:"تأسيس النظر"و"الأسرار". انظر:"الأعلام".