الصفحة 30 من 50

وأما في الكلام؛ فطريقته طريقة شيخه [أي أبو المعالي الجويني إمام الحرمين] دون القاضي أبي بكر.

وشيخه في أصول الفقه يميل إلى مذهب الشافعي، وطريقة الفقهاء التي هي أصوب من طريقة الواقفة. ومادة أبي حامد في الفلسفة من كلام ابن سينا [1] ، ولهذا يقال: أبو حامد أمرضه"الشفاء"، ومن كلام أصحاب"رسائل إخوان الصفا"و"رسائل أبي حيان التوحيدي"، ونحو ذلك.

وأما في التصوف، وهو أجل علومه، وبه نبل؛ فأكثر مادته من كلام الشيخ أبي طالب المكي [2] ، الذي يذكره في المنجيات [3] في الصبر والشكر والرجاء والخوف والمحبة والإخلاص؛

فإن عامته مأخوذ من كلام أبي طالب المكي، لكن كان أبو طالب أشدَّ وأعلى.

وما يذكره في ربع المهلكات؛ فأخذ غالبه من كلام الحارث المحاسبي [4] في"الرعاية"؛ كالذي يذكره في ذم الحسد والعجب والفخر والرياء والكبر ونحو ذلك.

وأما شيخه أبو المعالي؛ فمادته الكلامية أكثرها من كلام القاضي أبي بكر ونحوه، واستمد من كلام أبي هاشم الجبائي [المعتزلي] على مختارات له، وكان قد فسَّر الكلام على أبي قاسم الإسكافي عن أبي إسحاق الإسفرائيني، ولكن القاضي هو عندهم أولى.

ولقد خرج عن طريقة القاضي وذويه في مواضع إلى طريقة المعتزلة.

وأما كلام أبي الحسن نفسه؛ فلم يكن يستمد منه؛ وإنما ينقل كلامه مما يحكيه عنه الناس.

والرازي مادته الكلامية من كلام أبي المعالي والشهرستاني؛ فإن الشهرستاني أخذه عن الأنصاري النيسابوري عن أبي المعالي، وله مادة قوية من كلام أبي الحسين البصري، وسلك طريقته في أصول الفقه كثيراً، وهي أقرب إلى طريقة الفقهاء من طريقة الواقفة.

(1) هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الفيلسوف, وهو مدخل فلسفة اليونان إلى المسلمين, خبيث, سيئ.

(2) هو محمد بن علي بن عطية المكي أبو طالب (ت 386 ه) , صاحب كتاب"قوت القلوب", مشهور بالزهد, وفي كتابه القوت انظر:"المجموع" (10/ 1) .

(3) حيث قسم الغزالي كتابه"الإحياء"إلى أربعة أقسام: العبادات, والعادات, والمهلكات, والمنجيات.

(4) الحارث بن أسد المحاسبي, شيخ الصوفية, ومنظر فكرهم, كان كلابيًا في الصفات, هجره الإمام أحمد لذلك, مات سنة (243 ه) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام