فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 401

والنفي المفصل لا يكون إلا لسبب، وكل نفي يتضمن ثبوتًا فلا يقصد به النفي المحض، وكل إثبات يتضمن نفي ضده، وهذه قاعدة مطرده لأن المتقابلين يمتنع اجتماعهما في العقل، كل إثبات يتضمن نفي ضده، ... {الْعَلِيمُ} أثبت صفة العلم، هل يتضمن نفي الجهل؟ العلم، كيف؟ هل يمكن اجتماع العلم على وجه الكمال مع الجهل؟ نحن نقول: العليم دل على .. - نحن نتكلم عن أسماء الله عز وجل - العليم دل على صفة العلم، العلم وصف كامل لله عز وجل من كل الوجوه، هل يتصور فيه جهل؟ إذًا إثبات العلم يستلزم نفي الجهل، فكل صفة أثبتت لله عز وجل نقيضها منفي بإثبات هذه صفه، أليس كذلك؟ وقل في السميع، والبصير وكونه متكلمًا جل وعلا صفة الكلام، كذلك الحي القيوم كل صفة تثبت لله عز وجل فنقيضها منفي بإثبات هذه الصفة، حينئذٍ القاعدة العامة التي ذكرناها كل إثبات يتضمن نفي ضده، يتضمن نفي ضده لماذا؟ لأنهما نقيضان والعقل لا يتصور فيه اجتماع النقيضين، أصفك أنت المخلوق بكونك جاهلاً عالمًا قد يكون محال وقد لا يكون، إذا كان المحل الوارد عليه الإثبات الجهل والعلم واحدًا فهذا ممتنع، أقول لك مثلاً: أنت فقيه، أنت عالِمًا بالفقه وجاهل بل من أجهل الناس بالفقه. تصور يمكن؟ أصف زيد من الناس عالِمٌ فقيه نحرير وأجهل الناس بالفقه، لا يمكن، لماذا؟ لأن المحل واحد، هو علم واحد، لكن أعلم الناس بالفقه وأجهل الناس بالنحو، يمكن؟ يمكن هذا، لماذا؟ لانفكاك الجهة يعبر عنه بانفكاك الجهة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (له الأسماء الحسنى، والصفات العُلَى) . هذه تحتها قواعد هاتان قاعدتان، نكمل؟ (له الأسماء الحسنى، والصفات العُلَى) هذه قاعدة أراد المصنف أن يقدم قبل الشروع في المقصود بهذه القواعد العامة فكل ما سيأتي فهو مبني على هذه الأصول، هذه الجملة فيها مسائل وهي قوله: (له الأسماء الحسنى، والصفات العُلَى) .

الأولى: الأسماء الحسنى بهذا التركيب ورد في القران في أربعة مواضع وهذا يفيدك حصرها ماذا؟ يفيدك في كون الإثبات المجمل قليل، لأنه قال: أسماء حسنى. جَمَع أسماء، ما هي هذه الأسماء؟ لا تدري، لو لم يرد إلا هذا اللفظ ما يجوز أن تثبت اسمًا واحدًا، لكن ورد تفصيلها في مواضع حينئذٍ تفهم من كونها لم ترد إلا في أربعة مواضع في القرآن مع تعداد كثير للأسماء في الكتاب والسنة تفهم أن التفصيل هو الأصل في الإثبات وأن الإجمال هذا فرع، إذًا وردت هذه الجملة في أربعة مواضع:

الأول: في سورة الأعراف {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ... [الأعراف: 180] .

الثاني: في الإسراء قوله تعالى: {قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] .

الثالث: في سورة طه {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} [طه: 8] .

الرابع: في آخر سورة الحشر {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} [الحشر: 24] .

هذه المسألة الأولى المتعلقة بقوله: (له الأسماء الحسنى) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام