فهرس الكتاب
الصفحة 290 من 401

إذًًا اللازم يتعدى، لكن يتعدى بماذا؟ بحرف الجر أو بسواه، إذًا يقال: أقر به. كما تقول: آمن به. وأقر له كما تقول: آمن له. في كلا النوعين عُدِّي بحرف الجر الباء في الأولى والثاني باللام، وهذا هو الأصل أن الكلمة إذا كانت بمعنى كلمةً أخرى حينئذٍ تفسرها بماذا؟ إذا قيل: الإيمان لا يتعدى بنفسه والتصديق يتعدى بنفسه، صَدَّقْتُهُ صَدَّقْتُ زَيْدًا، لا تقل: آمَنْتُ زَيْدًا وآمَنْتُهُ. لماذا؟ لأن آمن لا يتعدى بنفسه، فإذا جئت تفسر فعلاً لازمًا أو ما لا يتأتى منه الفعل المتعدي لا تفسره بمتعدي، وإنما يفسر اللازم باللازم والمتعدي بالمتعدي، وهنا إذا قيل: الإيمان هو التصديق، والتصديق متعدّ والإيمان غير متعدّ لم يتطابقا فحينئذٍ لا بد من مراعاة المعنى من حيث التعدي واللزوم، وهذا اعتراض الشيخ رحمه الله تعالى في شرح (( الواسطية ) )وغيرها، قال: وهذا الأصل. أن الكلمة إذا كانت بمعنى كلمةٍ أخرى فإنها توافقها في التعدي واللزوم، وهنا التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه، حينئذٍ لا يفسر الإيمان بالتصديق فتقول: صدقته. ولا تقول: آمنته. لم يسمع في لسان العرب آمنته، بل تقول: آمنت به، أو آمنت له. فلا نفسر فعلاً لازمًا لا يتعدى إلا بحرف الجر لفعلٍ متعدٍ ينصب المفعول به بنفسه، إذًا على المشهور الإيمان هو التصديق، وعلى رأي الشيخ رحمه الله تعالى وهو مضمون كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أن الإيمان هو الإقرار، والإقرار لا يكون إلا بتصديق. حينئذٍ يكون أعم من قولنا: التصديق. وعلى هذا أو ذاك إذا فسر التصديق لأن بعضهم من أهل البدع قالوا: الإيمان الشرعي هو التصديق فقط. حينئذٍ إذا عرف ربه آمن إيمانًا شرعيًّا، وهذا مذهب الجهمية أن الإيمان هو التصديق بالقلب، فإبليس يعرف ربه وعليه فهو مؤمن، وفرعون يعرف ربه {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ} [النمل: 14] حينئذٍ نقول: فرعون كذلك مؤمن، إذا عرفنا الإيمان الشرعي بما جاء في لسان العرب للإيمان بأنه التصديق لزم منه لوازم، وعليه نقول: حتى لو كان الإيمان في لسان العرب بمعنى التصديق نقول: قد جعل له الشارع معنًى مخالف للمعنى اللغوي، كما نقول: الصلاة في اللغة هي الدعاء، وإذا جئت تصلي الصلاة الشرعية ترفع يديك وتدعو فقط؟ أم أنك تتوضأ وتستقبل القبلة و .. و .. إلى آخره؟ حينئذٍ نقول: أصل معنى الصلاة في اللغة الدعاء، لكن الشارع أطلقها وجعل لها حقيقة شرعية، وهي: أقوالٌ وأفعالٌ مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. حينئذٍ الشأن واحد فكما أنهم يسلمون أهل البدع يسلمون في الفروع أن ثَمَّ حقائق شرعية كـ: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. كذلك في باب المعتقد عندنا حقائق شرعية، فلو سُلِّمَ بأن الإيمان في لسان العرب هو التصديق وليس الإقرار لا يلزم منه أن يفسر الإيمان الشرعي بالتصديق فحسب، حينئذٍ لو [قيل] [1]

(1) سبق .. دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام