فهرس الكتاب
الصفحة 266 من 401

[كيف رفع؟] [1] كيف جُرَّ؟ لأن من هنا زائدة، ولذلك تقول: ... {مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ} ، {بَشِيرٍ} فاعل مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، مثله {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ} الأصل ما أصاب مصيبةٌ، فالمصيبة هي التي أصابت، حينئذٍ هي فاعل، ودخلت عليها من زيادةً للدلالة على التوكيد، حينئذٍ {مُّصِيبَةٍ} هذا فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهور اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وجيء به للدلالة على التوكيد وللتنصيص على العموم، الشاهد أن {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ} هذا نصٌ في العموم، لأنه نكرةٌ في سياق النفي فتعم ودخلت عليها من فأفادت التنصيص في العموم، حينئذٍ لا يدخله التخصيص البتة، لا يخص البتة لا يقول قائل: مصيبة أصابت ليس من عند الله، أو ليست مكتوبة فالكتاب بدليل كذا. نقول: لا، هذا باطل، لماذا؟ لأن هذا نصٌ في العموم فلا يدخله التخصيص البتة، {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ} {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} أي: من قحطٍ وقلة نباتٍ وقلة ثمار ونحو ذلك، {وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ} من أمراض وفقد أولاد ونحو ذلك، ... {إِلَّا فِي كِتَابٍ} وهو اللوح المحفوظ، {كِتَابٍ} فِعَال بمعنى مفعول، أي مأخوذٌ من الكتب وهو الجمع، ولذلك يقال: تَكَتَّبَ بنو فلان إذا اجتمعوا، ويقال لجماعة الخيل: كتيبة، لأنها مجتمعة، إذًا كتابة سميت كتابة لاجتماع الكلمات بعضها مع بعض، كما أن جماعة الخيل تسمى كتيبةً لاجتماع الخيول بعضها مع بعض، {إِلَّا فِي كِتَابٍ} وهو اللوح المحفوظ {مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} ، أي: من قبل أن نخلق الأرض، وقيل: الأنفس، وقيل: المصيبة، ويحمل على الكل على الصحيح، لأن الضمير إذا أفاد معنًى أعم من دلالته على مرجعٍ واحد عمل عليه، وهذه القاعدة في التفسير، كل لفظٍ احتمل عدة معاني ولا تعارض بين المعاني حمل عليها كلها، إلا إذا كان بينها تعارض، حينئذٍ لا بد من الترجيح، وهنا يرجع الضمير إلى الكل، {مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} أي نبرأ المذكور من المصيبة، نبرأ بمعنى نخلق ... {نَّبْرَأَهَا} أي نبرأ المذكور من المصيبة والأنفس والأرض، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22] أي أن علمه الأشياء قبل كونها وكتابتُهُ أو كتابتِهِ لها طبق ما يوجد في حينها سهلٌ على الله، فالعلم والكتابة يسيرٌ على الله، سهلٌ على الله سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، هذا دليل أول، وقال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ} . أيها المخاطب، يعني: أيها المؤمن أيها المسلم أيها الموحد، {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] هذا فيه دليل على مرتبتين:

(1) سبق. دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام