الذي يريده ويعلمه،وفق مشيئته وسنته.وقد تتكشف حكمة توقيته وتقديره للبشر وقد لا تتكشف.ولكن إرادته هي الخير وتوقيته هو الصحيح.
ووعده القاطع واقع عن يقين،يرتقبه الصابرون واثقين مطمئنين. [1]
وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (51) سورة غافر
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى،إِنَّهُ سَيَجْعَلُ رُسلَهُ هُمُ الغَالِبِينَ لأَعْدَائِهِمْ وَمُعَانِدِيهِمْ،وَإِنَّهُ سَيَنْصُرُ مَعَهُمُ المُؤْمِنِينَ بِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا،وَذَلِكَ يَكُونُ بالطُّرُقِ التَّالِيةِ:
-إِمَّا بِجَعْلِهِمْ غَالِبِينَ عَلَى مَنْ كَذَّبَهم،كَمَا فَعَلَ بِدَاوُدَ وَسُلَيمَانَ وَمُحَمَّدٍ،عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ .
-وإِمَّا بِالانْتِقَامِ مِمَّنْ عَادَاهُمْ وَآذَاهُمْ،وَإِهْلاَكِهِ إِيَّاهُمْ،وَإِنْجَائِهِ الرُّسُلَ والمُؤْمِنِينَ،كَمَا فَعَلَ بِنُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَمُوسَى وَلُوطٍ .
-وَإِمَّا بِالانْتِقَامِ مِمَّنْ آذَى الرُّسُلَ بَعْدَ وَفَاةِ الأَنْبِيَاء والرُّسُلِ،بِتَسْلِيطِ بَعْضِ خَلْقِ اللهِ عَلَى المُكَذِّبِينَ المُجْرِمِينَ لِيَنْتَقِمُوا مِنْهُمْ،كَمَا فَعَلَ مَعَ زَكَرِيا وَيَحْيَى،عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ .
وَكَمَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْصُرُ رَسُلَهُ والمُؤْمِنِينَ بِدَعْوَتِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا،كَذَلِكَ يَنْصُرُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ،وَهُوَ اليومُ الذِي يَقُومُ فِيهِ الأشْهَادُ مِنَ المَلاَئِكَةِ والأَنْبِيَاءِ والمُؤْمِنِينَ،بالشَّهَادَةِ عَلَى الأُمَم المُكَذِّبَةِ بِأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ أَبْلَغُوهُمْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ . [2]
إن وعد اللّه قاطع جازم: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ..» ..بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه مكذبا مطرودا،وأن المؤمنين فيهم من يسام العذاب،وفيهم من يلقى في الأخدود،وفيهم من يستشهد،وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد ..فأين وعد اللّه لهم بالنصر في الحياة الدنيا؟ ويدخل الشيطان إلى النفوس من هذا المدخل،ويفعل بها الأفاعيل! ولكن الناس يقيسون بظواهر الأمور.ويغفلون عن قيم كثيرة وحقائق كثيرة في التقدير.
(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 2774)
(2) - أيسر التفاسير لأسعد حومد - (1 / 4063)