فهرس الكتاب
الصفحة 97 من 342

6ـ ومنها إقامة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه لولا المعاصي والكفر لم يكن جهاد ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلى غير ذلك من الحكم والمصالح الكثيرة ولله في خلقه [1] شؤون.

المبحث الخامس: الهداية والإضلال:

إن مسألة هداية الله تعالى للعبد وإضلاله له هي قلب أبواب القدر ومسائله، لأن أعظم نعمة الهداية، وأعظم مصيبة هي مصيبة الضلال [2] .

أولاً: مراتب الهداية:

1ـ الهداية العامة: وهي هداية كل مخلوق لما يصلح أمور معاشه، وهي أعم المراتب، وهي شاملة لجميع المخلوقات ودليلها قوله تعالى:"قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" (طه، آية: 50) .

وهذه الهداية تعم جميع المخلوقات، وتعم سائر أمور المعاش من نكاح، وطعام وشراب، وجميع السلوك التي يهدي الله تعالى مخلوقاته لعملها من غير تعليم سابق كهداية النمل إلى تنظيم طرق المعاش وخزن الطعام وغير ذلك مما يحار العقل البشري فيه فسبحان من خلق فسوى ثم قدر فهدى [3] .

2ـ هداية الإرشاد والدعوة والبيان وهي أخص من التي قبلها حيث إنها مختصة بالمكلفين من الخلق، والمراد بها دعوة الخلق وبيان الحق لهم، وهي حجة الله على خلقه، فلا يعذب أحداً إلا بعد إرسال الرسل وإنزال الكتب.

ــ قال تعالى:"رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" (النساء، آية: 165) .

ــ وقال تعالى:"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ" (يونس، آية: 147) .

ــ وقال تعالى:"وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" (البلد، آية: 10) .

(1) المجموع الثمين لابن عثيمين (1/ 171) .

(2) شفاء العليل صـ 117 لابن القيم.

(3) المصدر نفسه صـ117 إلى 129.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام