ومن بين الأسباب التي رتب الله سبحانه وتعالى عليها الهداية لعباده، حسب سنته تعالى في الهداية والإضلال: الاعتصام بالله وهو الامتناع بالله والالتجاء والفزع إليه والتوكل عليه في دفع شرور الكفار التي تؤدي بالمؤمنين إلى الضلال الذي يريده الكفار من المؤمنين [1] عامّة في قوله:"وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ" (النساء، آية: 89) . واليهود خاصة كما ورد في قوله:"قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (آل عمران، آية: 99) .
فقد بين سبحانه وتعالى أن الاعتصام بالله من التمسك بدينه والتوكل هو العمدة في الهداية إلى الصراط المستقيم والعمدة في مباعدة الغواية، والوسيلة إلى الرشاد وطريق السداد [2] .
قال تعالى:"وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (آل عمران، آية: 101) .
فقوله:"فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"جواب الشرط ولكونه ماضياً مع"قد"أفاد الكلام تحقق الهدى حتى كأنه حصل وأن الهداية حاصلة حسب سنته سبحانه لا محالة [3] .
ونظراً لأهمية الاعتصام فقد جاءت عدة آيات في كتاب الله تدعو المؤمنين وتذكرهم بالاعتصام بالله وبعهده من ذلك قوله سبحانه وتعالى:"فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ"
وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ" (الحج، آية: 78) ."
وقوله تعالى:"وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ" (آل عمران، آية: 103) .
(1) مدارج السالكين (1/ 461) ، تفسير الرازي (8/ 174) .
(2) تفسير ابن كثير (1/ 378) السنن الإلهية (1/ 246) .
(3) السنن الإلهية في الحياة الإجتماعية (1/ 246) .