فهرس الكتاب
الصفحة 245 من 342

لقد ثبت بنص القرآن أن الأسباب الشرعية هي محل حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهي في اقتضائها لمسسبّباتها قدراً، فهذا شرع الرب وذلك قدره، وهما خلقه وأمره، والله له الخلق والأمر، ولا تبديل لخلق الله، ولا تغيير لحكمه، فكما لا يخالف سبحانه بالأسباب القدرية أحكامها، بل يجريها على أسبابها وما خُلقتُ له، فهكذا الأسباب الشرعية لا يخرجها عن سببها وما شُرعت له، بل هذه سنته شرعاً وأمراً، وتلك سنته قضاء وقدراً، وسنته القدرية قال تعالى:"فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا" (فاطر، آية: 43) .

فالمسببات مرتبطة بأسبابها شرعاً وقدراً، ولذلك فطلبها من غير أسبابها مذموم، كما أن إنكار الأسباب لأن تكون موصلة لها بأنها أمر مردود، بل أن النتائج المترتبة على إنكار قانون النسبية كافية لهدم حقائق العلوم كلها، فإن العلوم جميعها تستند إلى هذا، القانون [1] .

ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل، وهو طعن في الشرع أيضاً فالله تعالى يقول:"وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا" (البقرة، آية: 164) .

ـ وقال تعالى:"يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ" (المائدة، آية: 16) [2] .

والحاصل أنه قد ثبت بالقطع أنه لا مكان في هذا الوجود للمصادفة العمياء ولا للفلتة العارضة:"إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر، آية: 49) .

ـ وقال تعالى:"وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا" (الفرقان، آية: 2) .

ـ وقال تعالى:"فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" (انساء، آية: 19) .

(1) السنن الإلهية د. مجدي عاشور صـ158.

(2) المصدر نفسه صـ158.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام