فهرس الكتاب
الصفحة 330 من 342

وقال الشاعر:

إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأول ما يجنى عليه اجتهاده

ومن العجز المذموم هنا: إلقاء الأحمال على القدر والاحتجاج به في الإعفاء من المسئولية، وقديماً قيل: من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير وحديثاً قال الشاعر الفيلسوف الدكتور محمد إقبال: المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، أما المسلم القوي يعتقد أنه قدر الله الذي لا يغلب وقضاؤه الذي لا يرد، وقد روي أن بعض الصحابة ـ في زمن الفتوح الإسلامية ـ سأله أحد قادة الفرس: من أنتم؟ وما حقيقتكم؟ فقال له: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، وابتلانا بكم، فلو كنتم في سحابة في السماء لصعدنا إليكم، أو لهبطتم إلينا [1] .

إن من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم إذا أصابه شئ من شدائد الدنيا وابتلاؤاتها ـ وما أكثرها ـ ألا يسلم نفسه للتحسر والأسى على ما فاته، فيصبح ويمسي، وهو يمضغ كلمات الأسى والأسف، ويقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا على سبيل التحسر والتمني، ويجتر الذكريات الحزينة، بل أمره أن يرد الأمر هذا إلى قدر الله، ويسلم أمره وقضائه قائلاً: قدر الله وما شاء الله فعل، معتبراً أن الخير فيما اختاره له، ثم هو لا يقدر على غير ذلك، وليتجه ـ بعد ذلك ـ للمستقبل ويعمل ويبني وينتج، لا إلى"اللَّولَوة"التي يقول فيها"لو أني فعلت، ولو أني تركت"فإن"لو"هذه"لو"المتمنية والمتحسرة تفتح عمل الشيطان، وعمله ليس وراءه إلا الضياع والخسران [2] .

(1) الإيمان بالقدر للقرضاوي صـ100.

(2) الإيمان بالقدر للقرضاوي صـ101.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام