فهرس الكتاب
الصفحة 3261 من 11953

قَالَ البَيهَقيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَفي الدَّلاَلَةِ عَلَى عِظَمِ أَمْرِ الصَّلاَةِ، أَنَّ اللهَ عَزَّ اسْمُهُ مَا ذَكَرَ الصَّلاَةَ مَعَ غَيْرِهَا إِلاَّ قَدَّمَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} وَقَالَ: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ الإِيمَانَ وَالصَّلاَةَ, وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُمَا غَيْرَهُمَا دَلاَلَةً بِذَلِكَ عَلَى اخْتِصَاصِ الصَّلاَةِ بِالإِيمَانِ، فَقَالَ: {فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} أَيْ فَلاَ هُوَ صَدَّقَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم، فَآمَنَ بِهِ وَلاَ صَلَّى، وَقَالَ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لاَ يَرْكَعُونَ} {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فَوَبَّخَهُمْ عَلَى تَرْكِ الصَّلاَةِ كَمَا وَبَّخَهُمْ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ.

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ جَلَّ جَلاَلُهُ الصَّلاَةَ وَحْدَهَا دَلاَلَةً بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ، فَذَكَرَ الأَنْبِيَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ, وَمَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} .

ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُمْ, فَذَمَّهُمْ، قَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا يُؤَدِّيهِمْ ذَلِكَ إِلَيْهِ مِنْ سَوْءِ الْعَاقِبَةِ، قَالَ: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} يَعْنِي وَاللهُ أَعْلَمُ لاَ يَرْشُدُ أَمْرُهُمْ مَعَ إِضَاعَةِ الصَّلاَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يُغْوُونَ فَلاَ يَزَالُونَ يَقَعُونَ فِي فَسَادٍ بَعْدَ فَسَادٍ, كَمَنْ يَضِلُّ الطَّرِيقَ، فَلاَ يَزَالُ يَقَعُ فِي مَهْلَكَةٍ بَعْدَ مَهْلَكَةٍ, إِلَى أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِ، فَيَفْسَدُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاَةِ، وَجَلاَلِ مَوَاقِعِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام