قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ: وَلَيْسَ فِي ابْتِدَاءِ الْقِسْمَةِ مِنْ قَوْلِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} دَلِيلٌ يَقْطَعُ أَنَّ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لَيْسَتِ الآيَةَ الأُولَى, لأنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فَإِذَا انْتَهَى الْعَبْدُ إِلَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي, لا أَنَّ ذَاكَ جَمِيعُ الْجُزْءِ الأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ, كَمَا قَالَ صَلى الله عَلَيه وَسَلم، وَإِذَا قَالَ الإِمَامُ: {وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ, وَإِنَّمَا أَرَادَ, فَإِذَا انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ, لا أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ قِرَاءتُهُ, وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا التَّصْنِيفُ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ التَّنْصِيفَ بِالآيِ، فَإِذَا كَانَتْ تَتَنَصَّفُ مَعَ ابْتِدَائِهَا بِالتَّسْمِيَةِ بِالْكَلِمِ وَالْحُرُوفِ نِصْفَيْنِ, فَقَدْ وَقَعَ بِذَلِكَ الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَةِ الْجُزْءِ, وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَعَلَى أَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَنْتَصِفُ السُّورَةُ نِصْفَيْنِ بِالآيِ, فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا الأَوَّلُ أَطْوَلَ مِنَ الثَّانِي كَمَا أَنَّ الشَّهْرَ إِذَا لَمْ يُجَاوِزْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَمْ يَخْلُ مِنَ التَّنَصُّفِ, وَيَكُونُ نِصْفُهُ الأَوَّلُ خَمْسَةَ عَشَرَ, وَنِصْفُهُ الآخَرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ, حَتَّى لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ: إِذَا انْتَصَفَ هَذَا الشَّهْرُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طُلِّقَتْ إِذَا انْقَضَتْ مِنْ أَيَّامِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا, وَلَوْ نَقَصَ مِنْهُ يَوْمًا يَبِنْ (؟) أَنَّ الطَّلاَقَ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَا.