قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَهَذَا وَاللهُ أَعْلَمُ أَنْ يَسْمَعَ الرَّجُلُ مِنَ الآخَرِ قِرَاءَةً أَوْ آيَةً أَوْ كَلِمَةً لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ, فَيَعْجَلُ عَلَيْهِ وَيُخَطِّئُهُ, فَيَنْسِبُ مَا يَقْرَأُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ، وَيُجَادِلُهُ فِي ذَلِكَ, أَوْ يُجَادِلُهُ فِي تَأْوِيلِ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَيُخَطِّئُهُ وَيُضَلِّلُهُ لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يفَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللِّجَاجَ رُبَّمَا أَزَاغَهُ عَنِ الْحَقِّ وَلاَ يَقْبَلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ فَيَكْفُرُ، فَلِهَذَا حُرِّمَ الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ وَسُمِّيَ كُفْرًا؛ لأَنَّهُ يُشْرِفُ بِصَاحِبِهِ عَلَى الْكُفْرِ, فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي نَفْيِ حَرْفٍ أَوْ إِثْبَاتِهِ, أَوْ نَفْيِ كَلِمَةٍ أَوْ إِثْبَاتِهَا لَكَانَ الزَّائِغُ مِنَ الْمُتَمَارِينَ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ كَافِرًا، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنْكِر شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ, أَوْ يَكُونُ مُدِّعِيَ زِيَادَةٍ فِيهِ، وَاللهُ أَعْلَمَ.
قَالَ: الْمِرَاءُ الإِصْرَارُ عَلَى التَّغْلِيطِ وَالتَّضْلِيلِ, وَتَرْكِ الإِذْعَانِ لِمَا يُقَامُ مِنَ الْحُجَّةِ، فَأَمَّا الْمُبَاحَثَةُ الَّتِي لاَ يَكَادُ الْمُشْكِلُ يَنْفَتِحُ إِلاَّ بِهَا, فَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ, وَاللهُ أَعْلَمُ.