-الثَّالِثُ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ.
وَهُوَ بَابٌ فِي الإِيمَانِ بِالْمَلاَئِكَةِ.
وَالإِيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ يَنْتَظِمُ مَعَانِيَ أَحَدُهَا: التَّصْدِيقُ بِوُجُودِهِمْ.
وَالآخَرُ: إِنْزَالُهُمْ مَنَازِلَهُمْ، وَإِثْبَاتُ أَنَّهُمْ عِبَادُ اللهِ، وَخَلْقُهُ كَالإِنْسِ، وَالْجِنِّ, مَأْمُورُونَ مُكَلَّفُونَ, لاَ يَقْدِرُونَ إِلاَّ عَلَى مَا قَدرهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَالْمَوْتُ عَلَيْهِمْ جَائِزٌ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُمْ أَمَدًا بَعِيدًا، فَلاَ يَتَوَفَّاهُمْ حَتَّى يَبْلُغُوهُ، وَلاَ يُوصَفُونَ بِشَيْءٍ يُؤَدِّي وَصْفَهُمْ بِهِ إِلَى إِشْرَاكِهِمْ بِاللهِ تَعَالَى جَدُّهُ، وَلاَ يَدَّعُونَ آلِهَةُ كَمَا ادَّعَتْهُمُ الأَوَائِلُ.
وَالثَّالِثُ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ مِنْهُمْ رُسُلَ اللهِ يُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْ يَشَاءُ مِنَ الْبَشَرِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَتْبَعَ ذَلِكَ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ مِنْهُمْ حَمَلَةَ الْعَرْشِ، وَمِنْهُمُ الصَّافُّونَ، وَمِنْهُمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُمْ خَزَنَةُ النَّارِ، وَمِنْهُمْ كَتَبَةُ الأَعْمَالِ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يَسُوقُونَ السَّحَابَ، وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، أَوْ بِأَكْثَرِهِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الإِيمَانِ بِهِمْ خَاصَّةً: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} .
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَر, عَنْ عُمَر, رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الإِيمَانِ, فَقَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ, وَمَلائِكَتِهِ, وَكُتُبِهِ, وَرُسُلِهِ.