فهرس الكتاب
الصفحة 131 من 11953

وَقَدْ حُكِّينَا عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ, هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا الْخَلْقَ، فَجَعَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يُفْصِحُوا بِالْقَوْلِ، فَيَخْتَارُوا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ: الإِيمَانِ، أَوِ الْكُفْرِ, لاَ حُكْمَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ, إِنَّمَا الْحُكْمُ لَهُمْ بِآبَائِهِمْ، فَمَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَوْمَ يُولَدُونَ فَهُمْ بِحَالِهِ, إِمَّا مُؤْمِنٌ فَعَلَى إِيمَانِهِ، وَإِمَّا كَافِرٌ فَعَلَى كُفْرِهِ.

فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فِي هَذَا إِلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْمَوْلُودَ لاَ حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَبَعٌ لِوَالِدَيْهِ فِي الدِّينِ فِي حُكْمِ الدُّنْيَا, حَتَّى يُعْرِبَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَمَّا فِي الآخِرَةِ, فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقُهُمْ بِآبَائِهِمْ فِي حُكْمِ الآخِرَةِ أَيْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَ ذَرَارِيَّ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ، وَزَعَمَ أَنَّ أَوْلاَدَ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ فِي الْجَمِيعِ، وَوَكَلَ أَمْرَهُمْ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ, وَهَذَا أَشْبَهُ الأَقَاوِيلِ بِالسُّنَنِ الصَّحِيحَةِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام