78-وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ إِجَازَةً، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ, قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: الإِقْرَارُ بِالإِيمَانِ وَجْهَانِ: فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الأَوْثَانِ، وَمَنْ لاَ دِينَ لَهُ يَدَّعِي أَنَّهُ دِينُ نُبُوَّةٍ، فَإِذَا شَهِدَ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَدْ أَقَرَّ بِالإِيمَانِ، وَمَتَى رَجَعَ عَنْهُ قُتِلَ، وَمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ, فَهُولاَءِ يَدَّعُونَ دِينَ مُوسَى, وَعِيسَى عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وَقَدْ بَدَّلُوا مِنْهُ، وَقَدْ أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِيهِ الإِيمَانُ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم, فَكَفَرُوا بِتَرْكِ الإِيمَانِ بِهِ، وَاتِّبَاعِ دِينِهِ مَعَ مَا كَفَرُوا بِهِ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ قَبْلَهُ, فَقَدْ قِيلَ لِي: إِنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُقِيمٌ عَلَى دِينِهِ, يَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيَقُولُ: لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ هَكَذَا, فَقَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ: أَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ, لَمْ يَكُنْ هَذَا مُسْتَكْمِلَ الإِقْرَارِ بِالإِيمَانِ حَتَّى يَقُولَ وَأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ حَقٌّ، أَوْ فَرْضٌ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللهِ, وَأَبْرَأُ مِمَّا خَالَفَ دِينَ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيه وَسَلم، أَوْ دِينَ الإِسْلاَمِ، فَإِذَا قَالَ هَذَا, فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِقْرَارَ بِالإِيمَانِ وَبَسَطَ الْكَلاَمَ فِيهِ.
وَعَلَى قيَاسِ هَذَا كُلُّ مَنْ تَلَفَّظَ بِكَلاَمٍ مُحْتَمَلٍ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صَرِيحَ إِقْرَارٍ بِالإِيمَانِ, حَتَّى يَأْتِيَ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الِاحْتِمَالِ, وَقَدْ بَسَطَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الْكَلاَمَ فِي شَرْحِهِ، وَقَدْ يَنْعَقِدُ الإِيمَانُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ إِذَا أَتَى بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنَ الآيَةِ دَلاَلَةٌ عَلَى ذَلِكَ.