لا يحاسب الناس إلا بعد قيام الحجة، لأن التكليف منتفٍ إذا لم تبلغهم الحجة الشرعية عليهم، إذا كان ممن يعذرون بالجهل، أو: كان كفره بسبب عدم بلوغه الخطاب الشرعي لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) [1] .

وقال: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً) [2] .

قال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ:(وكان شيخنا محمد بن عبد الوهاب يقرر في مجالسه ورسائله: أنه لا يكفر إلا من عرف دين الرسول-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-وبعد معرفته تَبَيَّنَ في عداوته ومسبَّتِهِ.

وتارة يقول: وإذا كنا لا نكفر من يعبد قبة الكواز ونحوه، ونقاتلهم حتى نبين لهم وندعوهم فكيف نكفر من لم يهاجر إلينا؟ ويقول في بعضها: وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله [3] .

وإذا كان هذا كلام شيخنا وهذه طريقته، فكيف يلزمه العراقي [4] وينسب إليه التكفير بالعموم) [5] .

وقال أيضاً: (والشيخ محمد-رحمه الله تعالى-من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى إنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور أو: غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها) [6] .

والحجة تقوم عليه بأي وسيلة توصل إليه الدليل الشرعي-قال الله قال الرسول-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-وبالقدر الذي يدفع عنه جهله وعذره [7] .

(1) -سورة الإسراء، الآية رقم: (15) .

(2) -سورة النساء، رقم الآية: (164) .

(3) -قال القرني: (يقصد بذلك من ثبت له عقد الإسلام وهو يعمل بعض أعمال الشرك، ولم يعلم أن الحجة قد قامت عليه فعلاً) . (الضوابط) (ص:234) .

(4) -هو ابن جرجيس الذي رد عليه الشيخ عبد اللطيف بكتابه هذا (منهاج التأسيس ... ) (الضوابط) (ص:234) .

(5) -انظر: (منهاج التأسيس) (ص:187/ 188) .

(6) -انظر: (منهاج التأسيس) (ص:65/ 66) .

(7) -قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: (من بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم وترك عبادة الله. وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله وجعل معه الأنداد والآلهة ... وشيخنا قد قرر هذا وبينه وفاقاً لعلماء الأمة واقتداءً بهم. ولم يكفر إلا بعد قيام الحجة وظهور الدليل حتى أنه-رحمه الله-توقف في تكفير الجاهل من عباد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه) (مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام) (ص:324/ 325) . ويقول الشيخ سليمان بن سحمان في بيان حقيقة منهج محمد بن عبد الوهاب في هذه القضية والرد على من ادعى أن الشيخ لا يشترط في التكفير قيام الحجة على المعين-بعد كلام طويل-قال: (حيث قام بهم الوصف المكفر لهم بعد دعوتهم إلى توحيد الله وإقامة الحجة عليهم والإعذار والإنذار منهم) (منهاج أهل الحق والاتباع) للشيخ سليمان بن سحمان (ص:56/ 57) ، من (ضوابط التكفير) (ص:233) .