وإلى هذا أشرت بقولي:
28 -إِذَا انْتَفَى مَانِعُ التَّكْفِيرِ ذَا بَرَزَتْ*لَوَازِمٌ قُدْنَ نَحْوَ الْمَرْتَعِ الْوَخِمِ
2 -فمن شروط تكفير المعين: التبين:
فمن أهم شروط تكفير المعين، التبين من حقيقة كفر ذاك المعيَّن، حيث لا يجوز تكفيره بالظن من دون بينة تستلزم ذلك، كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) [1] .
بحيث لو نُقل لنا عن غائبٍ معين أنه يقول الكفر، أو: يعتقده، لا يجوز لنا أن نكفره بعينه لمجرد هذا النقل-لاحتمال كذب ناقل الخبر، أو: فهمه (الخاطئ) لمراد ما سمعه من ذاك المعين-ولا بد من التبين من صحة ما نقل عنه، ولا نجزم بكفره حتى تتوفر لدينا جميع القرائن اليقينية الدالة على كفره. وأيضاً قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) إلى قوله: (كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا) [2] . قال ابن عباس مر رجل من بني سُليم بنفرٍ من أصحاب النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-يرعى غنماً له، فسلم عليهم، فقالوا: لا يسلم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا إليه فقتلوه، وأتوا بغنمه النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-، فنزلت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم) الآية.
وعنه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- للمقداد بعد أن قتل رجلاً شهد أن لا إله إلا الله: (كان رجلاً مؤمناً يخفي إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل) [3] .
وإلى هذا أشرت بقولي:
29 -مِنْهَا تَبَيُّنُ طَيَّاتِ الْقُلُوبِ عَلَى* مِحَكِّ قَطعٍ حَذَارَ الشَّكِّ وَالتُّهَمِ
30 -إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ مِنْ عِنْدِهِ بِنَباً* تَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا الْقَوْمَ بِالظُّلُمِ
31 -فَتُصْبِحُوا بَعْدَهَا مِنْ فَرْطِ خَيْبَتِكُمْ* فِي وَهْدَةِ الأَسَفِ الْحَرَّانِ وَالنَّدَمِ
3 -قيام الحجة الشرعية، مع فهمها فهماً بيناً يزيل اللبس:
(1) -سورة الحجرات، رقم الآية: (6) .
(2) -سورة النساء، رقم الآية: (93) .
(3) -رواهما البخاري.