وقال الألوسي-رحمه الله تعالى-:(فالتكفير لمن شهد الشهادتين خطر جداً، وفي الحديث:"من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا حارت عليه" [1] .
وروى البخاري وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا قالوها-يعني: كلمة الشهادة-عصموا مني دماءَهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" [2] .
فالعصمة مقطوع بها مع الإتيان بالشهادة، ولا ترتفع ويستباح خلافها إلا بقاطع [3] ... ولا قاطع في حق المبتدعة الذين لا يجحدون ما علم ضرورة) [4] .
ومن أجل هذا العاصم المقطوع بوجوده بيَّن الألولسي-رحمه الله تعالى-أنه ينبغي الاحتياط الشديد في هذا الباب لأن الغلط فيه ليس كالغلط في غيره، وذلك لما يترتب عليه من أحكام أخرى من استباحة دمه وماله وغير ذلك مما هو مسطور في أبواب الردة.
فقال-رحمه الله تعالى-: (ولِخطر التكفير قيل ينبغي للمفتي الاحتياط في ذلك ما أمكنه حتى إنه ينبغي له أن يؤول كلام من تلفظ بما ظاهره الكفر، وإن بعُد قصد المتلفِّظ نفسه عن ذلك المؤوَّل به، ولا ينبغي أن يُكتفى بالظاهر، فيُفتِي بالكفر، فإن معناه أصلاً محققاً وهو الإيمان، فلا نرفعه إلا بيقين) [5] .
يرى الشيخ المقدسي أن كل من تلبس بالشرك يكفر-قال في رسالته المسماة: (الردعلىلشيخأبيبصير) :
وأعتقدأنمنلميدنبدينالإسلام؛ فهوكافر، ولايمنعمنتكفيرهكونهجاهلاً.
(1) -سبق تخريجه.
(2) -سبق تخريجه.
(3) -قال ابن تيمية في: (المجموع) (12/ 500/501) : (من ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل: لا يزول إلا بإقامة الحجة وإزالة الشبهة) .
(4) -انظر: (نهج السلامة) (ق 17) من المخطوط، و (مجموع الفتاوى) (23/ 345) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
(5) -انظر: (نهج السلامة) (ق 18) من المخطوط.