فهرس الكتاب
الصفحة 187 من 344

وقال تعالى {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمِرُوا أن يكفروا به} وهؤلاء سموا ما أمرهم الله بالكفر به عدلاً وغلوا في ضلالهم ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا" [1] ."

137 -سئل الشيخ: هل يجوز إطلاق الكفر على الشخص المعين إذا ارتكب مُكفِّراً؟

فأجاب قائلاً: إذا تمت شروط التكفير في حقه جاز إطلاق الكفر عليه بعينه، ولو لم نقل بذلك ما انطبق وصف الرِّدَّة على أحد، فيعامل معاملة المرتد في الدنيا هذا باعتبار أحكام الدنيا أما أحكام الآخرة فتذكر على العموم لا على الخصوص ولهذا قال أهل السنة:"لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا لمن شهد له النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)."

وكذا نقول: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .

ولكن لا نحكم بهذا لشخص معين، إذ أن الحكم المعلق بالأوصاف لا ينطبق على الأشخاص إلا بتحقق شروط انطباقه وانتفاء موانعه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-:(إن المقالة تكون كفراً كجحد الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وتحليل الزنا، والخمر، والميسر، ونكاح ذوات المحارم، ثم القائل بها قد يكون بحيث لم يبلغه الخطاب، وكذا لا يكفر به جاحده، كمن هو حديث عهد بالإسلام، أو: نشأ ببادية بعيدة لم تبلغه شرائع الإسلام، فهذا لا يحكم بكفره بجحد شيء مما أنزل على الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-إذا لم يعلم أنه أنزل على الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.

ومقالات الجهمية هي من هذا النوع، فإنها جحد لما هو الرب تعالى عليه، ولما أنزل الله على رسوله) [2] .

والإمام أحمد قال: (من قال القرآن مخلوق فقد كفر) ، ولكنه لم يكفر المأمون بعينه، لأنه (لم يتحقق لديه أنه قد قامت عليه الحجة، وثبتت في حقه الشروط وانتفت الموانع) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-: (وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب والسنة والإجماع يقال: هي كفر قولاً يطلق، كما دل على ذلك الدلائل الشرعية) [3] .

(1) -انظر: (العبرة فيما ورد في الغزو والشهادة والهجرة) (ص:249) .

(2) -انظر: (مجموع الفتاوى) (3/ 354) .

(3) -انظر: (مجموع الفتاوى) (35/ 165) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام