ج: الجهل بالحكم فيما يُكفِّر كالجهل بالحكم فيما يُفسِّق، فكما أن الجاهل بما يُفَسّق يعذر بجهله فكذلك الجاهل بما يُكفِّر يعذر بجهله ولا فرق، لأن الله عز وجل يقول: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وما كنَّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} .
ويقول الله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} . وهذا يشمل كل معذب عليه الإنسان ويقول الله عز وجل: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم} .
لكن إذا كان هذا الجاهل مُفَرِّطاً في التعلّم، ولم يسأل، ولم يبحث، فهذا محل نظر، فالجهّال بما يُكفّر وبما يُفسّق إما أن لا يكون منهم تفريط وليس على بالهم إلا أن هذا العمل مباح فهؤلاء يُعذرون ولكن يُدْعَوْن للحق، فإن أصرّوا حُكِمَ عليهم بما يقتضيه هذا الإصرار، وأما إذا كان الإنسان يسمع أن هذا مُحرم أو: أن هذا مؤدي للشرك ولكنه تهاون أو: استكبر فهذا لا يُعذر بجهله.
124 -وسئل: هل يُعذَر طلبةُ العلم الذين درسوا العقيدة على غير مذهب السَّلف الصالح-رضي الله عنهم- محتَجّين بأن العالم الفلانيَّ أو: الإمام الفلانيَّ يعتقد هذه العقيدةَ؟
فأجاب بقوله: هذا لا يُعذر به صاحبُه حيث بلغه الحقّ، لأن الواجب عليه أن يتبع الحقّ أينما كان، وأن يبحث عنه حتى يتبين له.
والحق-ولله الحمد- ناصع، بَيِّن لمن صلحت نيته وحسن منهاجه، فإن الله-عز وجل-يقول في كتابه: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} . ولكن بعض الناس-كما ذكر الأخ السائل-يكون لهم متبوعون معظّمون لا يتزحزحون عن آرائهم، مع أنه قد ينقدح في أذهانهم أن آراءهم ضعيفة أو: باطلة، لكن التعصّب والهوى يحملهم على موافقتهم، وإن كانوا قد تبين لهم الهدى.
تكفير المعين:
135 -وسئل الشيخُ: عن شروط الحكم بتكفير المسلم؟ وحكم من عمل شيئاً مكفراً مازحاً؟
فأجاب بقوله: للحكم بتكفير المسلم شرطان: