كل هذا لطمس الدعوة إلى تحكيم الشريعة تحكيمًا صحيحًا يقوم على أساس أنها شريعة الله، حتى إذا ما تم للغرب وأذنابه ذلك وسحب الاعترافات من الإسلاميين المغرر بهم ومن جماهير الناس بالديمقراطية ومبدئها الشركي واستدرجهم لمواقف معادية لتطبيق الشريعة انقلب الغرب ذاته على الديمقراطية ودعم رئيسًا أو جيشًا يتفنن في قمع الشعب واحتقار إرادته ويسخر البلاد والعباد لخدمة المصالح الأجنبية. فلم يكن للشعب إلا مرارة الديمقراطية التي فوتت عليه الشريعة، ولم يجن من حلو حريتها شيئًا.
وإن لم يتدخل الغرب بشكل سافر كما فعل في الجزائر، فإنه يسعى على الأقل أن توصل الديمقراطية إلى الحكم نماذج ممسوخة تستعلن بعدم نية تطبيق الشريعة أو تضحي بالشريعة من أجل الحكم في طريقها الديمقراطي الذي سلكته.
لذا فعلينا أن ننتبه نحن الذين نعارض الديمقراطية وننقضها إلى أن خطابنا للشعوب يُشوه من الآلة الإعلامية ومن أذناب الغرب الذين يقولون للشعوب: هؤلاء يريدون فرض الشريعة عليكم، هؤلاء لا يريدون الحرية لكم، لا يحترمون إرادتكم، هؤلاء يروجون لشكل آخر من أشكال الاستبداد الذي ثرتي عليه أيتها الشعوب. يعني باختصار: يظهروننا أعداء للشعب ولحريته.
ينبغي أن نركز في خطابنا على أنه لا حرية حقيقية لك أيتها الشعوب إلا بالعبودية المطلقة لله تعالى بتطبيق شرعه، وهذا يخلصك من العبودية للغرب وأذنابه.
نحن دعاة الشريعة دعاة حرية وكرامة وسيادة للشعوب الإسلامية، سيادة على أهل الأرض بالشريعة التي يحملونها. قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10] . يعني فيه شرفكم وعزكم بين الأمم. بينما الديمقراطية هي عبودية دنسة لغير الله، فهي في الظاهر عبودية العبيد