{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر: 44] .
ستُبدي لك الأيام ما كنت خافيا ======= ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ
إذًا، نقول للإسلاميين البرلمانيين: كونوا واضحين وصرحاء مع أنفسكم وقولوا: إنما هدفنا إجراء بعض الإصلاحات وتقليل المفاسد. حينئذ نقول: العمل الإسلامي والمشروع الإسلامي أجلُّ من أن يكون ترقيعيًا ترميميًا يرتق فتق النظام الجاهلي. ثم لو كانت إصلاحاتكم الجزئية هذه دون تقديم تنازلات عن ثوابت عقدية ودون المفاسد الخطيرة الكارثية التي نتجت عن تنازلاتكم، لقلنا لا بأس. أما أن تعملوا من داخل النظام الديمقراطي وتضفوا عليه الشرعية وليس من ثم إلا مكاسب ثانوية هزيلة، ويكون هذا كله باسم الإسلام! فهذا إسفاف بالإسلام وتهزيل لصورته.
الأنظمة الجاهلية هي كأبنية أُسست على شفا جرف هار، آيلة للسقوط. دورنا نحن العاملين للإسلام أن نقول للشعوب: (هذه الأبنية آيلة للسقوط، اخرجوا منها، لا تشتركوا أيها الناس في العملية الديمقراطية، لا تشتركوا في هذا البناء الفاسد) . وليس دورنا أن ندخل في هذه الأبنية ونجري ترقيعات وإصلاحات جزئية ونسد الشقوق. فالبناء فاسد غير قابل للإصلاح، مؤسس على أسس سيئة، أسس ضعيفة، آيل للسقوط. وترميماتنا هذه خداع للشعوب وتلبيس عليها وتضييع لوقتها في هذا البناء الذي سينهار. ولذلك فعندما ينهار ستزدرينا الشعوب وتلقي بنا في زوايا التاريخ المعتمة مع الهيكليات المهترئة التي سعينا إلى ترميمها.
أما لو حذرنا هذه الشعوب من هذا البناء وقلنا لها تعالي أيتها الشعوب فهذا البناء الجاهلي سينهار، تعالي لنبني بناءً جديدًا على أسس سليمة، فإنه بمجرد أن ينهار البناء الجاهلي سيصدقنا من كان يتشكك وينضم إلينا من كان يخالفنا ويثق بنا من كان سمَّاعا لكذب أعدائنا، ويزيد التفاف الشعوب حولنا، هذا دورنا. ليس دورنا أن نكون ورقة توت تستر عورات الهيكليات الجاهلية وتطيل بقاءها.