فهرس الكتاب
الصفحة 60 من 161

فما الفائدة إن سُوومنا على هذا الهدف الذي من أجله نريد الحكم وبعناه من أجل الوصول إلى الحكم؟ هل يُقبل أن نبيع الهدف من أجل الوسيلة؟!

أتريد مثالاً آخر؟ تصور أنك علمت بدار أيتام مدراؤها لئام، لا يكسون هؤلاء الأيتام بل يتركونهم عراة. أشفقت عليهم فذهبت ومعك كيس من الملابس لتكسوهم وأنت تنشد أناشيد المجد في نصرة المظلوم ونجدة الأيتام. على باب دار الأيتام قيل لك ممنوع إدخال الأكياس. ساومت وحاورت فأصر المدراء اللئام. قلت: لا بأس، أدخل وأكسوهم من ملابسي. فرضيت وتركت الكيس على الباب. دخلت وظننت أن الأيتام بالانتظار فإذا بباب آخر يقول لك حارسه: ممنوع الدخول لمن يرتدي معطفا. فخلعت المعطف وتنازلت عنه، فسُمح لك بدخول الباب، فإذا بباب آخر وآخر وآخر. ووصل بك الأمر أن ليس هناك إلا ما تستر به عورتك المغلظة إن كان هذا أصلاً موجودًا، فقلت في نفسك: لا زال هناك ما يمكن أن أقدمه للأيتام فلعلهم يرونني أستر عورتي فتتوق أنفسهم إلى الستر فيسعون معي إلى الثورة على هذه الإدارة الجائرة اللئيمة. أصبح هذا هو سقف الطموحات للذي كان ينشد على باب الدار أناشيد المجد. فهل يا ترى لو علم من أول باب حجم ما سيتنازل عنه وحجم ما سيكسبه لقبل الصفقة؟ أم أنه خالف قول الله تعالى إذ قال: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 168] ، الشيطان الذي {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: 120] .

إخواني، المكتوب مقروء من عنوانه. أعداء الشريعة عراة عن طاعة الله والعبودية له، فيغيظهم أن يروا مستورًا، ولن يدخل في سدة حكمهم من خلالهم إلا من اتبع ملتهم وأصبح عاريًا مثلهم، يقف حارسًا على الباب معهم ليمنع دخول المستورين. فما الفائدة إن وصل الإسلاميون إلى الحكم وتركوا على الباب الشريعة التي من أجلها أرادوا الحكم؟

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام