فهرس الكتاب
الصفحة 46 من 161

بالكفار في اللباس وقصات الشعر، وتخاف ردة فعل الناس من فطمهم عن معتاداتهم دفعة واحدة، يصبح المسلمون ينظرون إلى هذه الترهات على أنها تعيقهم عن الهدف الأسمى الذي وُضع لهم؛ فيدوسونها ويمضون إلى هدفهم. كانت بحد ذاتها أهدافا عندما كان الشعب ضعيفا اهتماماته دونية وتطلعاته دونية. أما الآن فقد تحولت إلى عوائق عن الهدف السامي، فلا يجد الشعب أية صعوبة في التخلص منها بل يمقتها ويزدري نفسه إن زاولها.

والناس إن لم تشغلهم الدولة بالحق شغلوها بالباطل.

إخواني هذا الكلام ليس ضربا من الخيال، بل انظر كيف أن شعوبا كافرة وُضعت لها أهداف كبيرة باطلة، ومع ذلك فجَّرت طاقاتها. القادة الشيوعيون وضعوا لشعب روسيا هدف القضاء على الطبقية فأصبحوا دولة عظمى، مع أنه كان شعبًا كافرًا في معظمه والهدف في حقيقته باطل.

الشعوب الإسلامية نفسها عندما رُفعت فيها شعارات كبيرة من قيادات ليست أهلا لها كانت ذات أثر كبير. انظر إلى أثر شعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) عندما رُفع في مصر مع أنه اقترن بالتغرير والانتفاش بالباطل وبأهداف قومية دونية. فكيف لو رفعته بصدق دولة إسلامية صادقة؟!

عندما يوضع نصب العيون هدف عظيم ويقف أمامك الأعداء في الطريق وتسقط الأقنعة ويظهر وجههم الكالح ويبدأ الشعب بتقديم التضحيات، حينئذ تشتعل روح التحدي والإصرار ويصبح ممنوع الأعداء مرغوبا. تأمل البلاد التي قامت فيها أنظمة إسلامية أو ترفع شعار الإسلامية بغض النظر عن صحة مناهج هذه الأنظمة، تأمل غزة، وأفغانستان، والصومال، على التباين بين هذه النماذج فقد قامت فيها جميعا نماذج هي في عرف الناس إسلامية. قامت الدنيا ولم تقعد، وضُرب الحصار وكُثف القصف واستُعلمت صنوف الأسلحة واستُعين بالطابور الخامس، ومع ذلك كله ما زاد هذا شعوب هذه البلاد إلا إصرارًا على التمسك بمن رفع شعارا إسلاميا. وُضع أمام هذه الشعوب الخيار:

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام