تدرجه مع أهل اليمن؟ المسألة لا علاقة لها بالتدرج. وهذه الأوامر والنواهي ليست على سبيل الحصر.
الحديث إنما يعلمنا أنك إذا أتيت أناسا يجهلون شرائع الإسلام فإنك ترتب الأولويات في عرض هذه الشرائع عليهم، حتى لا تزدحم عليهم هذه الشرائع فلا يستطيعوا تعلمها والعمل بها. فالصلاة أمر آني فوري يحتاجه أهل اليمن الآن فلا بد لهم من تعلمه، بمجرد ما أسلموا يحتاجون الصلاة، أما الصيام فيمكن تأخير تعليمه وتعليم نواقضه إلى قبيل رمضان، وكذلك الحج فإنه واجب على التراخي مرة في العمر. ومن قواعد الأصوليين أنه يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة إليه.
كذلك نفهم من الحديث مسألة مهمة جدًا، وهي أن أهل اليمن بمجرد أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإنهم قد أعلنوا العبودية المطلقة لله وأقروا وخضعوا لسيادة الشريعة. فلا يُؤمرون بأمر إلا ويمتثلون له لأنه أمر الله الذي أقروا بوحدانيته، ولا تستجد قضية بعد ذلك إلا ويحكم فيها معاذ بحكم الله الذي شهدوا بوحدانيته إلها وربًا ومشرعًا، فأين هذا من التدرج الذي ينادي به البعض؟ إنما هو ترتيب أولويات في البيان والتعليم، لا تدرجًا في العبودية لله والخضوع لأحكامه، فمن لحظة إعلان العبودية والخضوع المطلق بالشهادتين فقد طُبقت الشريعة.
فإن لم يحج أحد من أهل اليمن بعد ذلك الإعلان لأن موسم الحج لم يأت بعدُ، وإن لم يزن أحد منهم فتُقام عليه العقوبة الشريعة، فهل نقول أن الشريعة لم تطبق بشكل كامل بعد؟ طبعًا أبدًا، بل هي مطبقة تطبيقًا كاملا. أين هذا من المناداة بإبقاء القوانين الوضعية على ما هي عليه والاحتكام إليها إلى حين أسلمتها من خلال العملية الديمقراطية؟!
ثم إخواني عبر تاريخ الفتوحات الإسلامية في عهد النبي والخلفاء الراشدين ومن بعدهم، هل ورد أنه حصل تدرج في تطبيق الإسلام بحيث يُسمح لمن دخل في الإسلام أن يشرب الخمر أو يزني سنة