فإنه حال الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم". إذًا هذه مجادلة في آيات الله تستوجب مقت الله يا عبد الله فاحذر."
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 35] . كل من شم رائحة الإيمان يمقت مثل هذا الرد على كلام الله.
قال ابن رجب في (جامع العلوم والحكم) :"فأما إن كانت همة السامع مصروفة عند سماع الأمر والنهي إلى فرض أمور قد تقع وقد لا تقع، فإن هذا مما يدخل في النهي، ويثبط عن الجد في متابعة الأمر". وهؤلاء يقولون: إذا استجبنا لما تقولون فسيقع كذا وسنفقد كذا!!
وقد اشتد نكير صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - على من يُقال له قال رسول الله فيقول: (ولكن) ، روى البخاري ومسلم أن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (الحياء خير كله) . فقال بشير بن كعب: إنا لنجد في بعض الكتب أو الحكمة أن منه سكينة ووقارًا لله، ومنه ضعف، فغضب عمران حتى احمرّت عيناه وقال: ألا أراني أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتُعارض فيه!
وروى ابن ماجة أن عبادة بن الصامت ذكر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن درهمين بدرهم، فقال رجل: ما أرى بهذا بأسًا، يدًا بيد. فقال عبادة: أقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقول: لا أرى به بأسًا! والله لا يظلُّني وإياك سقف أبدًا. (صححه الألباني) .
ولاحظوا إخواني أن هذه الردود التي أنكرها الصحابة كانت فلتة تفلت من فم المتكلم لا يُظن إلا أنه تاب عنها، ولم تكن تمثل منهجًا مستمرًا مستقرًا يردون به على النصوص.
ونختم بكلام نفيس لابن القيم رحمه الله في (مدارج السالكين) إذ قال:"هل كان في الصحابة من إذا سمع نصَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارضه بقياسه أو ذوقه أو وجده أو عقله أو سياسته؟ وهل كان قط أحدٌ منهم يقدم على نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقلاً أو قياسًا أو ذوقًا أو سياسة أو تقليد مقلد؟ فلقد أكرم الله"