إذًا السبب في هذه المشكلة كما قلت لكم أنهم أدخلوا في كلمة موالاة من جهة المصطلح الشرعي أدخلوها في مسمى الموالاة، أدخلوا أشياء مكفرة وغير مكفرة وقسموها هذا التقسيم بسبب أن بعض العلماء وضع كل الصور في"سلة"واحدة.
قلنا الموالاة الظاهرة في حد ذاتها كفر، لاحظوا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعتبر لا الخوف على المال ولا غيره، وقرأنا لكم كلام الإمام سليمان بن عبد الوهاب (الحفيد) في تفسير آية سورة [المائدة من الآية 51 إلى الآية 52] . فهذه الآية هي آية حاكمة في المسألة. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ؛ لاحظوا النص هنا أن الله قضى بكفر من تولى الكفار {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} . فالنصرة موالاة في حد ذاتها، وهي أظهر معاني الموالاة، هي في كتاب الله.
الله -سبحانه وتعالى- يقول في آية أخرى في [سورة الشورى] : {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} حاصل هذا: من نصر الكفار فإنه منهم، أي كافر. طيب أين الشرط؟ قالوا الكفر هنا بأن ينصرهم لكن تقترن بمحبته ورضاه بكفرهم. نقول لهم: أين هذا الشرط في كتاب الله؟ أين هذا الشرط في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ لا يوجد هذا الشرط أصلًا. بل الله -سبحانه وتعالى- قال عكس ما يقولون، فهم تبريرهم: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} ؛ إذًا مجرد الخوف والخشية، وهذه أعمال قلوب، وهذه الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، لا علاقة لها بمسمى الإيمان لا لغة ولا اصطلاحًا، الله -عزَّ وجلَّ- لم يعتبر هذا الكلام الذي قالوه وقال: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} .
إذًا من الذي قيّد هذا حتى يقولوا أنه لا بد للذي يوالي الكفار موالاة ظاهرة أن يكون في قلبه الحب لهم والرضى بأفعالهم، من قال لك هذا الشرط؟! وكيف نتحقق من هذا الشرط أصلًا؟ والآية تتكلم {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وانتهى الأمر.