إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، نثني عليه الخير كله، نشكره لا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد؛
الإخوة الطلاب والطالبات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ها نحن مع المحاضرة الثانية من محاضرات الولاء والبراء، وإن شاء الله سنتكلم اليوم عن تعريف الولاء والبراء لغة واصطلاحًا، ثم بعد ذلك نستعرض معكم الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
ونذكركم أننا تكلمنا في المحاضرة الأولى عن منهجنا في هذه الدورة الشرعية، وتكلمنا عن: لماذا اخترنا الولاء والبراء، وعلاقة الولاء والبراء وأهمية الولاء والبراء أو الموالاة والمعاداة في واقعنا المعاصر، واستعرضنا أيضًا نماذج من الكتب والمراجع التي أُلفت في هذا الموضوع مع نبذة تاريخية بسيطة جدًا، وإن شاء الله هذا سيحدث فيما بعد في تطبيق مفهوم الموالاة والمعاداة أو الولاء والبراء من خلال استعراضنا لنماذج من التاريخ القديم والمعاصر فيما بعد -إن شاء الله-.
وأذكركم بأن موضوع الموالاة والمعاداة أو الولاء والبراء له من الأهمية بمكان، وليس ترفًا أو مجرد موضوع أدبي يُدرس هكذا أو دورة تثقيفية، لكن هذا المفهوم كما قال الشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله-:"فأما معاداة الكفار والمشركين فاعلم أن الله -سبحانه وتعالى- قد أوجب ذلك، وأكّد إيجابه، وحرّم موالاتهم وشدّد فيها، حتى إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبْيَن من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده، قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} "؛ ويقصد في معنى هذه الآية كما قال ابن كثير في هذا الموضوع:"فإن من الفساد في الأرض اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} فقطْعُ الموالاة بين المؤمنين والكافرين كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ".