وإلا معظم العلماء كانوا سيكفّرون الكثيرين من العلماء الذين يأتون بأشياء غريبة وعجيبة والذي منع تكفير هؤلاء العلماء حتى في مسائل عظيمة في الدين منعهم مانع التأويل.
فمانع التأويل معتبر في الشرع، ولذلك الرسول قبِل منه ذلك. ولذلك قال أبو العباس القرطبي وهو صاحب (المُفهم) -غير القرطبي صاحب (جامع التفسير) -، قال الإمام القرطبي أبو العباس:"لكن حاطبًا لم ينافق في قلبه ولا ارتد عن دينه وإنما تأول فيما فعل من ذلك أن اطلاع قريش على بعض أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يضر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويخوف قريشًا -لأنه قال لهم إنه جاءكم بجيش كالسيل- ويخوفهم بذلك ليخرجوا عن مكة ويفروا منها، وحسن له التأويل لأنه تعلق بخاطره بأهله وولده، إذ هم قطعة من كبده. ولقد أبلغ من قال: قلما يفلح من كان له عيال". يعني القرطبي يقول دائمًا الذي له عيال يكونون عقبات أمامه في طريقه حتى ولو كان مجاهدًا."لكن الله لطف به ونجاه لما علم من صحة إيمانه وصدقه وغفر له بسابقة بدر وسبقه"، إذًا هو لم يكفر بسبب مانع التأويل ولكن فعله كفر، ففعل الموالاة التي فعلها هذه كفر وليست فعلًا محرمًا كما يقول معظم المعاصرين! وأنا لا أريد أن أذكر الأسماء لأنها كلها معروفة، كل ما يسمى المنهج الوسطي هذا وكل هؤلاء منذ أيام الدكتور وَهْبة الزحيلي والمدرسة هذه كلها مدرسة الشيخ القرضاوي والعوّا وغيره وبعض المدارس السلفية بجميع طرائقها المعاصرة تقريبًا كلها ترى هذا، ترى أن فعله لم يكن مكفرًا وأن فعله محرم.
لأنهم اشترطوا شرطًا -ما أنزل الله به من كتاب ولا ذكر في القرآن الكريم- وهو شرط المستقل، شرط الموالاة القلبية واعتبروها شرطًا مستقلًا يعني ما ينفع أن تكون موالاة ظاهرة فقط، لا بد من موالاة القلب توافقها، فإذا لم توافقها موالاة القلب فلا. طيب كيف سنتحقق من موالاة القلب؟ فيقول لك يصرح أنه يبغض المؤمنين ويصرح أنه يحب الكفار وأنه يفعل ذلك معهم. أنت لو أتيت بإبليس نفسه لن يصرح! للأسف هذا هو المعاصر، لا يعتبرون الموالاة ذاتها في هذه الظاهرة عملًا كفريًا، يقولون: نعتبره كفرًا إذا وافق الشرط الآخر وهو الولاء القلبي.