الصفحة 90 من 200

العلامة واللازم، قالوا وهذا دليل وعلامة على أن قلبه لا يحب الله ورسوله. هذا عكس أهل السنة، أهل السنة قالوا الفعل كفر في ذاته، ولا يُشترط أن يتم الاطلاع على القلب، هو كافر ظاهرًا وباطنًا.

إذًا المعين يُشترط فيه شروط، ومن ضمن موانع التكفير مانع التأويل، أي يتأول الشيء، وهذا الذي وقع فيه حاطب -رضي الله عنه-. فهو كان متأولًا؛ يتأول أن الله ناصر دينه، ومظهر هذا النصر، وأن الكفار لن يستطيعوا أن يهزموا جيش رسول الله. ويقول أنا أفعل معهم ذلك ولن يضرني شيئًا، الرسول منتصر عليهم. وحاطب أيضًا لم يكن في جيش الكفار مثلًا، حاطب هاجر ودافع عن رسول الله وجاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نحن نتكلم عن السنة الثامنة الهجرية. وحاطب -رضي الله عنه- كان قد ترك أهله وماله كما قال ابن القيم فهو تكلم عنه في (زاد الميعاد) ، فحاطب فعل أشياء كلها موالاة ومناصرة لرسول الله.

أما الناس الآن في عصرنا يبررون، واحد موظف، يعني يرتكب جريمة منظمة مستمرة يوالي فيها الكفار كل يوم، يأخذ مرتبًا، ويعيش معهم، بل منهم من يكون جنديًا عند هؤلاء المشركين أو الكفار أو المرتدين، ويأخذ راتبًا لأجل هذا، فكيف تنزل هذا على هذا الصحابي؟! ورغم ذلك قلنا إن فعل حاطب فعل كفري، ولكنه لم يكفر بسبب مانع التأويل، لأنه تأول خطأً؛ فليس ذلك مبررًا لكي نواليهم، فهو كان يقول لا ضرر مما فعلت.

فعندما يغلب على ظن أحد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سينتصر لا محالة، وواحد يغلب على ظنه أن الكفار سيدمرون المسلمين ورغم ذلك يتعاون معهم ورغم ذلك يواليهم، ورغم ذلك يقاتل معهم أيضًا! كيف تقول لي هذا كان متأولًا يخاف على نفسه وماله وأولاده ولذلك ارتكب هذه الكفريات ووالاهم؟!

إذا كان حاطب قد غلب على ظنه أن الرسول سينتصر، وهو معتقد بوحي الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أما هؤلاء فماذا يعتقدون؟!

الكلام ليس من عندي، هذا الكلام ذكره ابن حجر -رحمه الله- في (فتح الباري) عندما ذكر تبرير حاطب ولماذا لم يكفر قال:"لأنه صنع ذلك متأولًا أن لا ضرر فيه". إذًا مانع التأويل هو مانع معتبر عند العلماء،

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام