الصفحة 88 من 200

إذًا حاطب يبرئ نفسه بهذا ويدفع عن نفسه الكفر دليل أن هذا الفعل كفر. طيب ما منع حاطب من تنزيل الكفر عليه؟ يعني البعض يقول قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وإن الله -سبحانه وتعالى- لما قال لأهل بدر افعلوا ما شئتم هل يعني أن يكفروا ولا شيء عليهم؟

هذه الآية تنطبق على الموتى، يعني لو واحد مات لا يغفر الله له طالما لم يتب من الشرك، لكن إذا كان واحدًا حيًا وكفر أو أشرك أو كان ملحدًا أو فعل أي شيء أو ارتد ثم تاب الله يغفر له ويقبل توبته، لكن إذا مات {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} .

طيب هؤلاء الذين يقولون أنه أتى كفرًا، طيب هل نحن قلنا أن حاطب كفر؟ لم نقل أن حاطبًا قد كفر والعياذ بالله، هو أتى فعلًا كفريًا، الموالاة فعلًا هذه كفر، وصفها في الشرع أنها كفر، طبقًا حتى لسورة الممتحنة التي نزلت الآيات بسببه أنها كفر. لكنه لم يكفر حتى نقول -حتى الذين يستدلون بهذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} هل قلنا أنه أشرك أو صار مشركًا؟ هو حاطب لم يكفر، ولم نحكم عليه بالكفر، لماذا؟

هذا الذي سنتكلم عنه، ما المناط الذي جعلنا نقول أن حاطبًا لم يكفر. لماذا حكم عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدم الكفر؟ هل حكم عليه بسبب الموالاة القلبية، يعني احتجاجه وعذره بقلبه؟ هل حكم له لخوفه على أهله وأولاده؟ هل هذا عذر؟ عذر المال والخوف وهكذا؟ هذا الذي سنتكلم فيه.

نوضح المسألة بسهولة أيضًا: إذًا حاطب -رضي الله عنه- وقع في الكفر فعلًا لكن الذي منع من تنزيل حكم التكفير عليه مانع من موانع التكفير.

من موانع التكفير: أن الحكم بالكفر على الشخص المعين له باب خاص غير التكفير المطلق، أو الحكم على الأفعال. -انتبهوا جيدًا لهذا-، لا بد في تكفير المعين توافر شروط وانتفاء موانع. المعين يعني الشخص، واحد اسمه زيد واحد اسمه محمود، الآن الصحابي حاطب -رضي الله عنه-. الذي منع من تكفيره أنه لا بد من توافر شروط وانتفاء موانع، هذا هو توصيف هذه الحالة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام