الموالاة، وسنحرر المسألة فيما بعد بالتفصيل -إن شاء الله- ولكن كل هذا نعمل به ما يُسمى تهيئة الأنفس لكي تستوعب المسائل بالتفصيل -إن شاء الله-، وحتى لا يطاردنا البعض ويقول متى سنستمع إلى هذه الأمور، نحن نتدرج.
نأتي إلى الدليل الحادي عشر، الآيات هذه أدلة فنعتبر كل آية دليل في حد ذاته. من الأدلة على موضوع الدراسة التي نحن بصددها (موضوع الموالاة والمعاداة) هي قول الله تعالى في سورة هود: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} هذه الآية [رقم 113 من سورة هود] .
هذه الآية كما قال أبو حيان في (البحر المحيط) :"معنى الركون الميل"مجرد الميل، ويقول:"لا تركنوا أي لا تميلوا إلى الذين ظلموا"، هذا في (البحر المحيط) ، ولذلك قال:"فمصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم والرضا بأعمالهم والتشبه بهم والتزيّي بزيهم ومد العين إلى زهرتهم وذكرهم بما فيه تعظيم لهم، وتأمل قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا} فإن الركون هو الميل اليسير، وقوله: {إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي إلى الذين وُجد منهم الظلم، ولم يقل الظالمين"، فتخيل هذا مجرد الركون يعني الميل اليسير إلى الذين وُجد منهم الظلم! فما بالك بمن يُوصفون بالظالمين؟! فالنهي يكون أشد في هذه الحالة.
ويقول أيضًا العلامة السعدي في هذه الآية {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} :"في هذه الآية التحذير من الركون إلى كل ظالم، والمراد بالركون الميل والانضمام إليه بظلمه، وموافقته على ذلك، والرضا بما هو عليه من الظلم، وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة بأنفسهم! نسأل الله العافية من الظلم".
ويقول الإمام القرطبي:" {وَلَا تَرْكَنُوا} الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، معناه لا توادوهم ولا تطيعوهم، لا تميلوا إليهم، لا ترضوا بأعمالهم، وهذه المعاني كلها متقاربة". يقول:"والمعنى الصحيح أن هذه الآية دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم"؛ يعني القرطبي يستدل بها على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم،"فإن صحبتهم كفر أو معصية، إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة وهي من معاني الولاء، ويُستثنى من هذا فقط في حالة واحدة وهي حالة التقية"، -والتي سنتكلم