الصفحة 134 من 200

لأنني أعلم أن بعض الشباب يركزون على أنه قول فقط (إن عادوا فعد) فهذا قول. هذا مثال أنه قال، فليس معنى ذلك أنه لو فعل لن يدخل في المانع، لأن الشاهد هنا أنه سيُقتل، فيه إزهاق روحه أو خائف على تلف عضو من أعضائه أو يُعذب عذابًا شديدًا فحتى يفدي نفسه يفعل هذا الفعل، لكنه إذا صبر وإذا رفض أن يستجيب لهم وتحمل التعذيب أو القتل فإنه طبعًا أعظم أجرًا من الذي ترخّص، ولكن لا يُلام المترخِّص، ولذلك عمار -رضي الله عنه- لم يلمه الناس والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال له: (إن عادوا فعد) .

طبعًا هذا الموضوع كبير وطويل، وأعتقد أننا دندنا جيدًا حول هذا الموضوع (مسألة الإكراه) وهو من الموانع الشرعية، وهذا المانع تطبقه على الذين يوالون الكفار ولا يُشترط أن كل من يوالي الكفار يُعتبر جاسوسًا، الجاسوس له مصطلح خاص يعمل بطريقة معينة، لكن أحيانًا نقول عن هؤلاء جواسيس من باب التعميم العام يعني نقصد التبشيع لهم، ولكن كمصطلح فهو نوع من أنواع الموالاة، وتولي الكفار، وهو مظاهرة أيضًا، وهو عين إفساد على المسلمين. فهو نوع من التولي، وإلا هناك من لم يشتغل حقيقة مع الكفار كجاسوس ولكنه يؤذي المسلمين ويتولى الكفار، يتولاهم في منهجهم، يواليهم ويحسّن مذاهبهم، بل على العكس أنه يتمنى أن يغزوا بلاد المسلمين وأن ينشروا مناهجهم، فهذا تولي لهؤلاء الكفار، يحبون أن يظهروا على المسلمين، وأن تكون قوانينهم هي الظاهرة، هذا نوع من الموالاة أيضًا.

انتهينا الآن من حكم الجاسوس واختلاف العلماء فيه، ورأينا أن الرأي المختار فيه الذي ينطبق مع واقعنا المعاصر أن الجاسوس هذا رسول الشر، وعين الكفار التي يجب أن تُسمل، وأن حكمه مرتد، وإن كان هناك خلاف من العلماء قديمًا في هذه المسألة نظرًا لتصورهم لمسألة حاطب -رضي الله عنه- ولكن الحقيقة أن الجاسوس في أيامنا أخطر مما كان من قبل. ولذلك فإن حكمه أنه مرتد، وأنه يُقتل على أي حال، وأنه إذا كان هناك إمام وأتى تائبًا من نفسه واعترف فالإمام مخير في هذه الحالة، أنه إما أن يقتله، حتى لو قبل إسلامه، لكن يُقتل على عقوبة الجاسوسية في حد ذاتها، وعلى عقوبة الأضرار التي أوقعها، لكن قد يُقبل من ناحية الديانة، أنه عاد للإسلام واستغفر، لكن الحقوق والعقوبة الأخرى فالإمام يرى المصلحة في هذا، إذا جاء تائبًا واستبان حاله وتبين أنه تاب توبة نصوحًا.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام