فهرس الكتاب
الصفحة 8 من 192

قال الأشعري فإن قال الثالث: يا رب أمتني صغيراً وما أبقيتني إلى أن أكبر فأومن بك وأطيعك فأدخل الجنة!! ماذا يقول الرب تعالى؟

ففال: يقول الرب: إني أعلم أنك لو كبرت لعصيت فدخلت النار؛ فكان الأصلح لك أن تموت صغيراً.

قال الأشعري: فإن قال الثاني: يارب لِمَ لَمْ تُمتنني صغيراُ لئلا أعصي فلا أدخل النار؟ َ فماذا يقول الرب؟

فبهت الجبائي، وترك الأشعري مذهبه، واشتغل هو ومن تبعه بإبطال رأي المعتزلة وإثبات ما ورد به السنة ومضى عليه الجماعة؛ فسموا أهل السنة والجماعة.

ثم لما نقلت الفلسفة إلى العربية وخاض فيها الإسلاميون حاولوا الرد على الفلاسفة فيما خالفو فيه الشريعة، فخلطوا بالكلام كثيراً من الفلسفة ليتحققوا مقاصدها، فيتمكنوا من إبطالها، وهلم جرّاً، إلى أن أدرجوا فيه معظم الطبيعيات والإلهيات، وخاضوا في الرياضيات، حتى كاد لا يتميز عن الفلسفة لولا اشتماله على السمعيات، وهذا هو كلام المتأخرين.

وبالجملة هو أشرف العلوم، لكونه أساس الأحكام الشرعية ورئيس العلوم الدينية وكون معلوماته العقائد الإسلامية، وغايته الفوز بالسعادات الدينية والدنيوية، وبراهينه الحجج القطعية المؤيد أكثرها بالأدلة السمعية.

وما نقل عن بعض السلف من الطعن فيه والمنع عنه فإنما هو للمتعصب في الدين، والقاصر عن تحصيل اليقين، والقاصد إفساد عقائد المسلمين، والخائض فيما لا يفتقر إليه من غوامض المتفلسفين.

وإلا فكيف يتصور المنع عما هو من أصل الواجبات وأساس المشروعات؟ اهـ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام