حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ الثَّعْلَبِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالسُّوسِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ , عَنْ هِشَامٍ - يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْنَبَ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَ الضُّحَى مَعَهُ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَى لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ : فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَهَا أَنْ تَنْفِرَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهَا مَعَ مُوَافَاتِهَا مَكَّةَ ضُحًى , إِلَّا وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَجَمْعٍ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ رَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُ قَالَهُ وَلَا ذَهَبَ إِلَيْهِ , فَكُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِهِ فِيهِ , وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْحُجَّاجِ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي اللَّيْلِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَاهُ إِنَّمَا دَارَ بِهَذَا الْمَعْنَى عَلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ , وَوَجَدْنَا أَبَا مُعَاوِيَةَ قَدِ اضْطَرَبَ فِيهِ , فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً كَمَا ذَكَرْنَا , وَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ تُوَافِيَ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا أَمْرَهُ إِيَّاهَا يَوْمَ النَّحْرِ أَنْ تُوَافِيَ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِمَكَّةَ , فَهَذَا عَلَى أَنَّهُ أَمَرَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِهَذَا لِلْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ . وَذَكَرَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُوَيْدٍ الْبَغْدَادِيُّ , عَنِ الْأَثْرَمِ , عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , فِي كِتَابٍ نَاوَلَنِيهِ , وَأَجَازَهُ لِي عَنِ الْأَثْرَمِ , وَحَدَّثَنِي أَنَّ الْأَثْرَمَ صَحَّحَهُ لَهُ , وَأَجَازَهُ لِمَنِ انْتَسَخْتُهُ مِنْهُ , فَانْتَسَخْتُهُ , فَكَانَ فِيهِ :
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ زَيْنَبَ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي ذَلِكَ الْكِتَابِ مَوْصُولٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُهُ - يَعْنِي أَبَا مُعَاوِيَةَ - وَهُوَ خَطَأٌ قَالَ : وَقَالَ وَكِيعٌ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ , أَوْ نَحْوَ هَذَا . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَهَذَا أَيْضًا عَجَبٌ , وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ مَا يَصْنَعُ بِمَكَّةَ ؟ يُنْكِرُ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : فَجِئْتُ إِلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُوَافِيَ , لَيْسَ تُوَافِيَهِ , قَالَ : وَبَيْنَ ذَيْنِ فَرْقٌ , يَوْمَ النَّحْرِ صَلَاةُ الْفَجْرِ بِالْأَبْطَحِ قَالَ : وَقَالَ لِي يَحْيَى : سَلْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ , فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ : هَكَذَا عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ : تُوَافِيَ . قَالَ الْأَثْرَمُ : ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : رَحِمَ اللَّهُ يَحْيَى مَا كَانَ أَضْبَطَهُ , وَأَشَدَّ تَفَقُّدَهُ , كَانَ مُحَدِّثًا , فَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ يَجِبُ بِهِ فَسَادُ هَذَا الْحَدِيثِ , ثُمَّ طَلَبْنَاهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ
فَوَجَدْنَا أَبَا مُعَاوِيَةَ , قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُصَلِّيَ الْفَجْرَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بَيْنَ عُرْوَةَ وَبَيْنَ أُمِّ سَلَمَةَ أَحَدًا , وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ؛ لِأَنَّ عُرْوَةَ لَمْ نَعْلَمْ لَهُ سَمَاعًا مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ , وَهَذَا أَيْضًا غَيْرُ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تُصَلِّيَ الْفَجْرَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ , لَيْسَ مَعَهُ وَلَكِنْ وَحْدَهَا .
وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ عُرْوَةَ : أَنَّ يَوْمَ أُمِّ سَلَمَةَ دَارَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ , فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَيْلَةَ جَمْعٍ أَنْ تُفِيضَ , فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ , وَصَلَّتِ الْفَجْرَ بِمَكَّةَ
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ : أَنْ يَوْمَ أُمِّ سَلَمَةَ دَارَ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ , فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ , وَصَلَّتِ الْفَجْرَ بِمَكَّةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ انْقِطَاعُهُ بَعْدَ عُرْوَةَ , وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَهَا لَيْلَةَ جَمْعٍ أَنْ تُفِيضَ , فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ , وَصَلَّتِ الْفَجْرَ بِمَكَّةَ , فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَمْيُهَا الْجَمْرَةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي رَمَتْهَا فِيهِ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِذَلِكَ , وَيَكُونُ الَّذِي أَرَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهَا فِي رَمْيِهَا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مَا أَرَادَهُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ ضَعَفَةِ أَهْلِهِ أَنْ يَرْمُوهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِيمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي ذَلِكَ , ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا .
فَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ يَوْمَ النَّفْرِ بِمَكَّةَ , وَكَانَ يَوْمَهَا , فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِقَهُ
وَوَجَدْنَا جَبْرَ بْنَ سَعِيدٍ الْحَضْرَمِيَّ قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يُحَدِّثُنِي , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تَوَافِيَهُ يَوْمَ النَّفْرِ بِمَكَّةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا خِلَافٌ مَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي الْإِسْنَادِ وَفِي الْمَتْنِ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي إِسْنَادِهِ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ , لَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ , وَلَأَنَّ مَتْنَهُ قَصْدُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُوَافِيَهُ فِيهِ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّفْرِ لَا يَوْمَ النَّحْرِ , وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ عَدَدِ مَا رَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْحَصَى فِي رَمْيَهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا : أَنَّ إِفَاضَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ إِنَّمَا كَانَ فِي آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ , فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فِي قِصَّةِ أُمِّ سَلَمَةَ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَيْضًا قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ , عَنْ طَاوُسٍ , وَأَبُو الزُّبَيْرِ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , وَابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ فَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى مُوَافَاةِ أُمِّ سَلَمَةَ إِيَّاهُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى فَسَادِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ , عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَ لَطَمَهُ الْعَبَّاسُ , فَجَاءَ قَوْمَهُ فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ . فَلَبِسُوا السِّلَاحَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , أَيُّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ ؟ , قَالُوا : أَنْتَ , قَالَ : فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ , فَلَا تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا , فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا , فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ , فَاسْتَغْفِرْ لَنَا فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ قَوْمَ الْمَلْطُومِ طَلَبُوا الْقِصَاصَ مِنَ اللَّطْمَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنَ الْعَبَّاسِ إِلَى صَاحِبِهِمْ , وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِمْ , فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ , وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ ذَلِكَ فِي جُمْلَتِكُمْ , وَلَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ سِوَاكُمْ .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ مَالِكٌ : لَا قِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا حَدُّهَا قَالَ : وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خُرُوجِكُمْ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ , لَا إِلَى حَدِيثٍ مِثْلِهِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : إِنَّا مَا خَرَجْنَا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا تَرَكْنَاهُ , وَمَا هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا فِي دَفْعِنَا الْقِصَاصَ مِنَ اللَّطْمَةِ , بَلْ هُوَ حُجَّةٌ لَنَا فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَوْ كَانَ فِيهَا وَاجِبًا لَأَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخْذَهُ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِمَنْ وَجَبَ لَهُ , وَلَمَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ جَلَالَةُ مَنْزِلَةِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ , كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ فَاطِمَةَ الَّتِي هِيَ إِلَيْهِ أَقْرَبُ مِنَ الْعَبَّاسِ بِأَنْ قَالَ : وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا , وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّطْمَةَ الَّتِي كَانَتْ مُوجِبَةً شَيْئًا , فَتَرَكَ لِذَلِكَ أَخْذَ شَيْءٍ بِهَا مِنَ الْعَبَّاسِ لِلَّذِي كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ , وَمَعْقُولٌ فِي نَفْسِ الْفِقْهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا عَمْدًا يُوجِبُ أَخْذُهُ عَلَيْهِ شَيْئًا , أَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ غَيْرَ عَمْدٍ , وَجَبَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِهِ إِيَّاهُ شَيْءٌ , إِمَّا مِثْلُهُ , وَإِمَّا غَيْرُهُ , مِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوِ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ مَالًا عَلَى خَطَأٍ كَانَ مِنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ لَهُ مِثْلَهُ إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ , أَوْ قِيمَتَهُ إِنْ كَانَ لَا مِثْلَ لَهُ , وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ عَمْدًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ , وَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ , فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ اللَّطْمَةِ الَّتِي لَمْ تَجْرَحْ , وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي وَجْهِ الْمَلْطُومِ أَثَرًا , لَا شَيْءَ فِيهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ خَطَأً , فَمِثْلُ ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ عَمْدًا لَا شَيْءَ فِيهَا , وَلِهَذَا الْمَعْنَى , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ لِلَّذِي لَطَمَهُ الْعَبَّاسُ مِنَ الْعَبَّاسِ لِلَطْمَتِهِ إِيَّاهُ شَيْئًا مِنْ قَوَدٍ , وَمِنْ غَيْرِهِ . فَقَالَ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَكِّيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ , وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ , حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ , حَتَّى اللَّطْمَةُ , قُلْنَا : وَكَيْفَ , وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ؟ قَالَ : بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْخُذُ فِي الْآخِرَةِ اللَّطْمَةَ لِمَنْ لَطَمَهَا فِي الدُّنْيَا مِمَّنْ لَطَمَهُ إِيَّاهَا فِيهَا . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ , كَانَ عَلَيْهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا حُجَّةَ عَلَيْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا , إِذْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ رَفَعَ عَنِ اللَّاطِمِ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي لَطَمَتِهِ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ مِنْ قِصَاصٍ , وَمِنْ غَيْرِهِ لِلَّذِي لَطَمَهَا إِيَّاهُ , إِذْ كَانَ حَدُّهَا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ , وَالْحُكُومَةُ فِيهَا غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا , فَرَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا , وَكَانَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآخِرَةِ قَادِرًا عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى حَدِّهَا , إِذْ كَانَ فِي الْآخِرَةِ يَتَوَلَّى الْحُكْمَ فِيهَا , وَكَانَ الْمُتَوَلِّي لِلْحُكْمِ فِيهَا غَيْرَهُ مِنْ عِبَادِهِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْهَا . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ قَالَ : لَطَمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا , فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا كَالْيَوْمِ قَطُّ , مَا رَضِيَ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى لَطَمَهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّ هَذَا أَتَانِي يَسْتَحْمِلُنِي فَحَمَلْتُهُ , ثُمَّ أَتَانِي يَسْتَحْمِلُنِي فَحَمَلْتُهُ , ثُمَّ أَتَانِي يَسْتَحْمِلُنِي فَحَمَلْتُهُ , وَإِذَا يَبِيعُهَا , فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَحْمِلَهُ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَأَحْمِلَنَّهُ , ثُمَّ وَاللَّهِ لَأَحْمِلَنَّهُ , ثُمَّ وَاللَّهِ لَأَحْمِلَنَّهُ , ثُمَّ قَالَ : اقْتَصَّ مِنِّي , فَعَفَا الْآخَرُ عَنْهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : لَطَمَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَجُلًا , فَقَالُوا : مَا رَضِيَ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى لَطَمَهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلرَّجُلِ : اقْتَصَّ مِنِّي , فَعَفَا عَنْهُ الرَّجُلُ فَكَانَ جَوَابُنَا فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ أَبَاحَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ , لَا بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ , وَلَكِنْ تَوَاضُعٍ مِنْهُ , وَكَرَاهَةٍ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الِاسْتِعْلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ بِلَطْمِهِ إِيَّاهُ .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ مُخَارِقٍ , عَنْ طَارِقٍ قَالَ : كَانَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي الْجَزِيرَةِ , فَلَطَمَ ابْنُ أَخٍ لَهُ رَجُلًا , فَقَالَ عَمُّ الرَّجُلِ : إِنَّمَا فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِالنُّبُوَةِ , فَأَقَادَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْهُ , فَعَفَا عَنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا هَذَا كَانَ مِنْ خَالِدٍ تَوَاضُعًا وَأَدَبًا مِنْهُ لِابْنِ أَخِيهِ , وَزَجْرًا مِنْهُ إِيَّاهُ عَنْ مُعَاوَدَتِهِ لِذَلِكَ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ عَنْ عُمَرَ مِنْ بَعْدِهِ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ , عَنْ أَبِي نَضْرَةَ , عَنْ أَبِي فِرَاسٍ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَبْعَثُ إِلَيْكُمْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ , وَيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ , وَلَكِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ , فَمَنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ , فَوَاللَّهِ لَأُقِصِّنَّ مِنْهُ , فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ كَانَ رَجُلٌ عَلَى طَائِفَةٍ , فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ , إِنَّكَ تُقِصُّ مِنْهُ ؟ فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ , لَأُقِصَّنَّ مِنْهُ , وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ , ثُمَّ قَالَ : لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ , وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ , وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ فِي الْغَزْوِ فَتَفْتِنُوهُمْ , وَلَا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا أَيْضًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَوَاضُعًا مِنْهُ لَا بِوَاجِبٍ , وَمَا كَانَ مِمَّا كَانَ مِنْ عُمَرَ تَأْدِيبًا لِمَنْ أَوْعَدَهُ لِذَلِكَ , وَتَحْذِيرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ أَدَبًا مَا أَوْعَدَهُ بِأَخْذِهِ إِيَّاهُ مِنْهُ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا نَقْعُدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا قَامَ قُمْنَا , فَقَامَ يَوْمًا وَقُمْنَا مَعَهُ , حَتَّى لَمَّا بَلَغَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ أَدْرَكَهُ الْأَعْرَابِيُّ , فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ مِنْ وَرَائِهِ , وَكَانَ رِدَاؤُهُ خَشِنًا , فَحَمَّرَ رَقَبَتَهُ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ , فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُ لِي مِنْ مَالِكَ , وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا أَحْمِلُ لَكَ حَتَّى تُقِيدَنِي مِمَّا جَبَذْتَ بِرَقَبَتِي , فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَ , فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْلَ الْأَعْرَابِيِّ , أَقْبَلْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا , فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : عَزَمْتُ عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامِي أَنْ لَا يَبْرَحَ مَقَامَهُ حَتَّى آذَنَ لَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ : احْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرًا , وَعَلَى بَعِيرٍ تَمْرًا , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : انْصَرِفُوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : مِنْ أَيْنَ وَسِعَكُمُ الْقَوَدُ فِي مِثْلِ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى خَالَفْتُمُوهُ جَمِيعًا , لَا إِلَى حَدِيثٍ مِثْلِهِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ , أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَوَدُ الَّذِي طَلَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيِّ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ مِنَ الْقِصَاصِ , وَلَكِنَّهُ كَانَ عَلَى أَنْ يَعُودَ مُتَوَاضِعًا بِالْبَذْلِ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَهُ , حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ عَلَى مِثْلِ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِي التَّوَاضُعِ عِنْدَ مِثْلِ هَذَا , كَمَا كَانَ مِنْ تَوَاضُعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَا , ثُمَّ مِنْ تَوَاضُعِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رُوِّينَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ , وَيَكُونُ ذِكْرُهُ الْقَوَدَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ , كَمَا تَسْتَعِيرُ الْعَرَبُ الْكَلِمَةَ لِلْمَعْنَى الَّذِي فِيهَا مِمَّا اسْتَعَارُوهَا مِنْهُ , مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : هُرَاقَ فُلَانٌ مُهْجَةَ فُلَانٍ , لَيْسَ لِأَنَّ الْمُهْجَةَ مُهْرَاقَةٌ , وَإِنَّمَا الْمُهْرَاقُ الدَّمُ , وَهُوَ مَا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَصَاحِبِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا مِنْ قَوْلِهِ : {{ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ }} , فَذَكَرَهُ بِالْإِرَادَةِ , وَالْجِدَارُ لَا إِرَادَةَ لَهُ , وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ ذَوِي الْإِرَادَةِ عِنْدَ إِرَادَتِهِمْ إِلْقَاءَ أَنْفُسِهِمْ إِلَى الْأَرْضِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَرَادَ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ أَنْ يَبْذُلَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِثْلَ الَّذِي يُبْذَلُ بِالْقَوَدِ , وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُجَّةَ لِهَذَا الْمُتَأَوِّلِ عَلَيْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ تَأْوِيلِهِ هَذَا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي الْأَعْمَشَ , عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : خَطَبَنَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ حَاضِرٌ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ , فَجَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى كَلَّمَهُ بِشَيْءٍ , فَانْتَهَرَهُ , وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ لَهُ , ثُمَّ جَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى دَنَا مِنْهُ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْحَمْرَاءُ عَلَى وَجْهِكَ , يَعْنِي - الْمَوَالِيَ - , فَضَرَبَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ عَلَى ظَهْرِي , وَقَالَ : لَيُبْدِيَنَّ مِنْ أَمْرِ الْعَرَبِ أَمْرًا قَدْ كَانَ يَكْتُمُهُ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ هَذِهِ الضَّيَاطِرَةِ , يَتَقَلَّبُ أَحَدُهُمْ عَلَى حَشَايَاهُ , وَيُهَجِّرُ قَوْمٌ لِذِكْرِ اللَّهِ , تَأْمُرُونِي أَنْ أَطْرُدَهُمْ فَأَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ , وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ , وَبَرَأَ النَّسَمَةَ , لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَضْرِبُنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ عَوْدًا كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ بَدْءًا
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ : حَدَّثَنِي الْمِنْهَالُ , عَنْ عَبَّادٍ الْأَسَدِيِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ : بَيْنَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْطُبُنَا يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ , وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ خَلْفِي , إِذْ رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ , حَتَّى دَنَا فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ , فَغَضِبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَضَبًا شَدِيدًا , حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ , ثُمَّ جَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى دَنَا , فَقَالَ : غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْحَمْرَاءُ عَلَى وَجْهِكَ , فَغَضِبَ عَلِيٌّ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ هَذِهِ الضَّيَاطِرَةِ , يَتَضَجَّعُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ , وَيَرُوحُ أَقْوَامٌ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَيَأْمُرُونِي أَنْ أَطْرُدَهُمْ فَأَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ , وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ , وَبَرَأَ النَّسَمَةَ , لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَضْرِبُنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ عَوْدًا كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ بَدْءًا فَضَرَبَ زَيْدٌ عَلَى مَنْكِبِيَّ , ثُمَّ قَالَ : لَيُظْهِرَنَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْعَرَبِ الْيَوْمَ أَمْرًا كَانَ يَكْتُمُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِمَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَكَانَ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْحَمْرَاءِ يُرَادُ بِهَا الْمَوَالِي , وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي : جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا , وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ , وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ , وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ , وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ قَالَ لَنَا الْمُزَنِيُّ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى سُفْيَانَ , فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ , فَقَالَ الزُّهْرِيُّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , ثُمَّ ذَكَرَهُ . وَكَانَ فِيهِ مِنَ الضَّيَاطِرَةِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْأَسْوَاقَ بِلَا مَالٍ مَعَهُمْ , يُحْضَرُ بِهِ الْأَسْوَاقُ , وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي حُضُورِهَا , وَكَانَ مَنْ يَحْضُرُهَا كَذَلِكَ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا , فَمِثْلُهُ مَنْ يَحْضُرُ غَيْرَهَا بِلَا مَنْفَعَةٍ فِي حُضُورِهِ لِمَا يُحْضِرُهُ , وَالْوَاحِدُ مِنَ الضَّيَاطِرَةِ ضَيْطَارٌ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْهُ , فَكَانَ الْعَرَبُ بَدْءًا هُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْعَجَمَ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ , كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ , عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَبِي الْأَعْيَنِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ : ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى اسْتَغْرَبَ , فَقَالَ : أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ ؟ قَالُوا : مِمَّ ضَحِكْتَ , يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ , وَهُمْ يَتَقَاعَسُونَ عَنْهَا , فَمَا يُكَرِّهُهَا إِلَيْهِمْ , قَالُوا : وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ يَسْبِيهِمُ الْمُهَاجِرُونَ لِيُدْخِلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ كَارِهُونَ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ , عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَعْيَنَ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ , بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ قَالَ : ضَحِكَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى اسْتَغْرَبَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي كَثِيرٌ أَبُو مُحَمَّدٍ , حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ : ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ ؟ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ الْعَرَبُ الَّذِينَ أَدْخَلُوا الْعَجَمَ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارُوا مِنْ أَهْلِهِ , وَحَتَّى صَارَ فِيهِمْ مَنْ عَلِمَ وَعَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَعَنْ رَسُولِهِ شَرَائِعَ دِينِهِ , حَتَّى صَارَتْ إِلَيْهِ مُطَالَبَةُ مَنْ خَرَجَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَى ضِدِّهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ , فَكَانَ ذَلِكَ قِتَالَهُمْ عَلَى مَا قَاتَلُوهُمْ بَدْءًا , حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ بِذَلِكَ فِيمَا أَدْخَلُوهُمْ فِيهِ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِنَ الْعَجَمِ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ , حَتَّى قَالَ فِيهِ : لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالثُّرَيَّا , أَوْ : لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِالثُّرَيَّا , لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ . فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ , عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ فَحَفَرَ بِهِ , فَصَادَفَ حَجَرًا فَضَحِكَ , فَسُئِلَ : مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مِنْ نَاسٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ بِالْكُبُولِ يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ مِنَ الْعَجَمِ , بِمَا قَالَهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا , الْعَجَمَ الَّذِينَ كَانُوا بِنَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ , وَهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ , وَدَخَلُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ }} ؛ أَيْ : يَلْحَقُونَ بِالْمَذْكُورِينَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ , وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ }} , وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي قِلَابَةَ , عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ , عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَلَعَنَتِ امْرَأَةٌ نَاقَتَهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خُذُوا مَتَاعَكُمْ عَنْهَا , فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ قَالَ عِمْرَانُ : فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا نَاقَةً وَرْقَاءَ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ مَالِكَةُ هَذِهِ النَّاقَةِ بِتَخْلِيَتِهَا لِلَعْنِهَا إِيَّاهَا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , أَنَّ جَارِيَةً , بَيْنَا هِيَ عَلَى بَعِيرٍ , أَوْ رَاحِلَةٍ , عَلَيْهِ بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ , فَأَتَتْ عَلَى جَبَلٍ فَتَضَايَقَ بِهَا الْجَبَلُ , فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَبْصَرَتْهُ , فَجَعَلَتْ تَقُولُ : حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ ؟ لَا يَصْحَبْنَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ كَمَا قَالَ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّعْنَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) , فَكَانَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ طَرْدَهُمْ عَنْهُ , وَإِبْعَادَهُمْ مِنْهُ . كَمَا حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى : لَعَنَهُمُ اللَّهُ : أَيْ أَطْرَدَهُمُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُمْ , يُقَالَ : ذِئْبٌ لَعِينٌ ؛ أَيْ : مَطْرُودٌ . قَالَ شَمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ فَكَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ - أَعْنِي : لَعَنَهَا اللَّهُ - لِنَاقَتِهَا ؛ أَيْ : أَطْرَدَهَا اللَّهُ , وَأَبْعَدَهَا عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ مِنْهَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ , فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَافَقَ مِنْهَا وَقْتًا يُنِيلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَطَاءَهُ , فَلَمَّا سَأَلَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فِي نَاقَتِهَا أَجَابَهَا فِيهَا , فَصَارَتْ بِهِ مَلْعُونَةً ؛ أَيْ : مَطْرُودَةً مُبَاعَدَةً , لَا لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي حَلَّ بِالنَّاقَةِ مِنْ عُقُوبَةٍ لَهَا , إِذْ كَانَتْ لَا ذَنْبَ لَهَا فِيمَا كَانَ مِنْ مَالِكَتِهَا فِيهَا , وَعَادَتِ الْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ وَالذَّمُّ عَلَيْهِ , عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهَا اللَّعْنَةُ , فَمَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تَصْحَبَهُ نَاقَةٌ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَطْرُودَةً , وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَنْعُ صَاحِبَتِهَا مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ لِإِجَابَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا فِيهَا بِمَا دَعَتْهُ عَلَيْهَا , وَلَمَّا عَادَتْ مَطْرُودَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ صُحْبَتِهَا إِيَّاهُ ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهَا إِيَّاهُ ضِدٌّ لِلطَّرْدِ الَّذِي أَحَلَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , وَأَصَارَهَا إِلَيْهِ , وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اللَّعْنِ أَنَّهُ الدُّعَاءُ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ , وَسَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الْأَزْدِيُّ أَبُو عُثْمَانَ قَالَا : حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ أَبِي حَزْرَةَ الْمَدَنِيِّ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَحَدَّثَنَا قَالَ : سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بُوَاطٍ , وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ , فَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ , وَالسِّتَّةُ , وَالسَّبْعَةُ , فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فَرَكِبَهُ , ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ , فَقَالَ : شَأْ لَعَنَكَ اللَّهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ هَذَا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ ؟ قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : انْزِلْ عَنْهُ لَا يَصْحَبْنَا مَلْعُونٌ , لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ , وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ , وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ , فَيُوَافِقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ , فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَرَدَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الدُّعَاءِ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ اللَّعْنَ الَّذِي كَانَ مِنَ الْمَرْأَةِ لِنَاقَتِهَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ كَانَ دُعَاءً مِنْهَا عَلَيْهَا , وَافَقَتْ فِيهِ سَاعَةً يُنَالُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَطَاؤُهُ لِمَنْ سَأَلَهُ فِيهَا , فَأَجَابَهَا فِي دُعَائِهَا عَلَى نَاقَتِهَا فِيمَا دَعَتْ بِهِ عَلَيْهَا . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ اللَّاعِنِ بَعِيرَهُ , وَكَانَتِ النَّاقَةُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ وَالنَّاضِحُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ بِحَالِهِمَا الَّذِي كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِكَيْهِمَا فِيهِمَا مَا كَانَ , إِذْ لَا ذَنْبَ لَهُمَا كَانَ فِي ذَلِكَ , وَعَادَتِ الْعُقُوبَةُ بِمَا كَانَ مِنْ مَالِكَيْهِمَا عَلَى مَالِكَيْهِمَا , فَحُرِمَا بِذَلِكَ الْمَنَافِعَ الَّتِي كَانَا يَصِلَانِ إِلَيْهَا مِنَ النَّاقَةِ وَمِنَ النَّاضِحِ اللَّذَيْنِ كَانَا لَهُمَا , وَعَادَ ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنِ النَّاقَةِ وَالنَّاضِحِ مِنَ الْحَمُولَةِ عَلَيْهِمَا , وَالرُّكُوبِ مِنْ مَالِكَيْهِمَا إِيَّاهُمَا , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلُ الَّذِي رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِيهِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِذْ لَعَنَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَعِيرَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنِ اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ ؟ , فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَأَخِّرْهُ عَنَّا , فَقَدْ أَوْجَبْتَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَاعِنَ بَعِيرِهِ الْمَذْكُورَ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ , فَكَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ الدُّعَاءُ الَّذِي أُجِيبَ فِيهِ , فَوَجَبَتْ بِهِ اللَّعْنَةُ , وَهِيَ الطَّرْدُ فِي الْبَعِيرِ الَّذِي لَعَنَهُ , فَعَادَ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى مَعْنَى حَدِيثِ عِمْرَانَ , وَزَادَ عَلَيْهِ الْإِيجَابَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نُخَيْلَةٍ , فَقَطَعَ مِنْهَا جَرِيدَةً , ثُمَّ ذَرَعَ بِهَا النُّخَيْلَةَ , فَإِذَا فِيهَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ , فَجَعَلَهَا حَرِيمَهَا
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنِ رِجَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : اخْتَصَمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ , - فَقَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى - : فَوَجَدَهُ خَمْسَ أَذْرُعٍ , - وَقَالَ أَبُو طُوَالَةَ - : سَبْعَ أَذْرُعٍ , فَقَضَى بِذَلِكَ فَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ : يَعْنِي ذَرْعَ جَرِيدَةً مِنْ جَرِيدِهَا
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَجُلَيْنِ , اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي لَقَطِ نَخْلَةٍ , فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَرِيدَةً مِنْ جَرِيدِهَا فَذَرَعَهَا , فَإِذَا هِيَ خَمْسُ أَذْرُعٍ , فَقَضَى أَنَّ حَرِيمَهَا خَمْسُ أَذْرُعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِهِ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ , فَكَانَ أَحْسَنَ مَا حَضَرْنَا فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ النَّخْلَةُ الَّتِي يَغْرِسُهَا صَاحِبُهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَاتِ الْأَرَضِينَ , فَيَمْلِكُهُ بِمَا يُمْلَكُ بِهِ الْمَوَاتُ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ , عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ الْمَوَاتَ لَا يُمْلَكُ إِلَّا بِتَمْلِيكِ الْإِمَامِ إِيَّاهُ مَنْ يُمَلِّكُهُ إِيَّاهُ مِنَ النَّاسِ , وَهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ , وَمِنْ إِحْيَائِهِ إِيَّاهُ , وَرَفْعِ الْمَوَاتِ عَنْهُ , وَإِنْ لَمْ يُمَلِّكْهُ الْإِمَامُ إِيَّاهُ , فَيَمْلِكُهُ بِذَلِكَ , كَمَا يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ . فَكَانَ إِذَا غَرَسَهَا كَمَا ذَكَرْنَا , اسْتَحَقَّ بِذَلِكَ مَا لَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ وَهُوَ الْحَرِيمُ الَّذِي جُعِلَ لَهَا فِيمَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ , كَمَا تَكُونُ الْآبَارُ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الْأَرَضِينَ الْمَوَاتِ مِنَ الْحَرِيمِ الَّذِي لَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ , فَمِنْهَا بِئْرُ الْعَطَنِ , لَهَا مِنَ الْحَرِيمِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا . وَمِنْهَا بِئْرُ النَّاضِحِ يَكُونُ لَهَا مِنَ الْحَرِيمِ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا . وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ فِي هَاتَيْنِ الْبِئْرَيْنِ : إِنَّ حَرِيمَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْأَذْرُعُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا حَرِيمٌ لَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَبْلُ الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ مِنْهَا , وَيَجُرُّهُ الْبَعِيرُ الَّذِي يَسْتَقِيهِ مِنْهَا , يَتَجَاوَزُ بِهِ الْمِقْدَارَ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْأَذْرُعِ لَهَا , فَيَكُونُ حَرِيمُهَا إِلَى حَيْثُ يَتَنَاهَى إِلَيْهِ , وَإِنَّمَا الْأَذْرُعُ الَّتِي ذَكَرْنَا عِنْدَهُ , إِذَا كَانَ الْحَبْلُ يَتَنَاهَى إِلَى الْأَذْرُعِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَهَا , أَوْ إِلَى مَا دُونَهَا , وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ الْبِئْرَيْنِ , كَانَ مِثْلَهُ حَرِيمُ النَّخْلَةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لَهَا لِيَكُونَ مَشْرَبًا لَهَا , وَلِيَلْتَقِطَ ثَمَرَهَا , وَلِيَبْقَى لَهَا جَرِيدُهَا , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثٌ آخَرُ .
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : أَنَّ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى فِي عَرَايَا النَّخْلِ , وَذَلِكَ أَنْ تَكُونَ النَّخْلَةُ , أَوِ النَّخْلَتَانِ , أَوِ الثَّلَاثَةُ بَيْنَ النَّخْلِ , فَيَخْتَلِفُونَ فِي حُقُوقِ ذَلِكَ , فَقَضَى أَنَّ لكُلٍّ مِنْ تِلْكَ النَّخْلِ مَبْلَغُ جَرِيدَهَا حَيِّزٌ لَهَا , وَكَانَتْ تُسَمَّى الْعَرَايَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَجْهُ مَا فِي الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , هُوَ فِي النَّخْلَةِ , أَوِ النَّخْلَتَيْنِ , أَوِ الثَّلَاثِ تَكُونُ بَيْنَ نَخْلِ الرَّجُلِ , فَيَخْتَلِفُ هُوَ وَصَاحِبُ النَّخْلِ فِي حُقُوقِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ النَّخْلِ , فَيَكُونُ الَّذِي لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ , أَوِ النَّخْلَتَيْنِ , أَوِ الثَّلَاثِ مَا لَا يَقُومُ الَّذِي لَهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِهِ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ , يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ : سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ , جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا , وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ النَّسَائِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّارِعَةَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِي أَحَدٌ أَعْظَمَ عِنْدِي يَدًا , وَلَا أَحْسَنَ بَلَاءً مِنْهُ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ بْنُ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ , عَنْ بَعْضِ , أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , فَإِنِّي رَأَيْتُ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْهَا ظُلْمَةٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ , وَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ فَهْدًا قَدْ وَافَقَهُ فِيهِ حَسَنُ بْنُ سُلَيْمَانَ , أَفَسَمِعْتَهُ أَنْتَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَ بِهِ فِي يَوْمٍ لَمْ أَحْضُرْهُ فِيهِ , ثُمَّ حَضَرْتُهُ فِي غَدِهِ , فَذَكَرَهُ , وَرَجَعَ عَنْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِيمَا رُوِّينَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْبَابَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا كَانَ بَابَ أَبِي بَكْرٍ , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْبَابَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا كَانَ بَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خِصَالًا , لَأَنْ يَكُونَ فِيَّ خَصْلَةٌ مِنْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطَى حُمْرَ النَّعَمِ , قَالُوا : وَمَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَسُكْنَاهُ الْمَسْجِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , يَحِلُّ لَهُ فِيهِ مَا يَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَالرَّايَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الَّذِي عَادَ إِلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ , إِنْ يَكُنْ هُوَ الْمَخْرَمِيَّ , فَهُوَ مِمَّنْ يُحْمَدُ فِي حَدِيثِهِ , وَإِنْ يَكُنْ هُوَ ابْنَ نَجِيحٍ أَبُو عَلِيِّ بْنَ الْمَدِينِيِّ , فَإِنَّ حَدِيثَهُ لَيْسَ كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيِّ , وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِسَاقِطٍ , قَدْ حَدَّثَ النَّاسُ عَنْهُ , وَأَحَدُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ ابْنُهُ , وَهُوَ إِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ . ثُمَّ نَظَرْنَا : هَلْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُهَيْلٍ غَيْرُهُ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ , عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ أَبِيهِ , - وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَقَدْ أُوتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثَلَاثًا , لَأَنْ أَكُونَ أُوتِيتُهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْطَى حُمْرَ النَّعَمِ : جِوَارُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ , وَالرَّايَةُ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَالثَّالِثَةُ نَسِيَهَا سُهَيْلٌ
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهُسْتَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا زَافِرُ بْنُ سِنَانٍ , عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ : قُلْتُ لِسَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَشَهِدْتَ شَيْئًا مِنْ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ قَالَ : شَهِدْتُ لَهُ أَرْبَعَ مَنَاقِبَ , وَالْخَامِسَةُ لَقَدْ شَهِدْتُهَا , لَأَنْ يَكُونَ لِي أُخْرَاهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا : سَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ وَتَرَكَ بَابَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا أَنَا سَدَدْتُهَا , وَمَا أَنَا تَرَكْتُهَا , وَزَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ , فَوَلَدَتْ لَهُ , وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيٌّ - وَهُوَ ابْنُ قَادِمٍ , عَنْ فِطْرٍ - وَهُوَ ابْنُ خَلِيفَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الرَّقِيمِ , عَنْ سَعْدٍ : أَنَّ الْعَبَّاسَ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : سَدَدْتَ أَبْوَابَنَا إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ ؟ فَقَالَ : مَا أَنَا فَتَحْتُهَا , وَمَا أَنَا سَدَدْتُهَا
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي بَلْجٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أَمَرَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَبْوَابٍ الْمَسْجِدِ فَسُدَّتْ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ : وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَضَّاحُ - وَهُوَ أَبُو عَوَانَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ أَبُو بَلْجٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرِو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَكَانَ يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ , وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ أَبِي بَلْجٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سُدُّوا أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ النَّخَّاسُ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ , فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فَقَالَ لَهُ : أَمَّا عَلِيٌّ , فَلَا تَسْأَلْنَا عَنْهُ , وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى مَنْزِلَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُ سَدَّ أَبْوَابَنَا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِهِ , وَأَمَّا عُثْمَانَ , فَإِنَّهُ أَذْنَبَ ذَنْبًا يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ عَظِيمًا , عَفَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ , وَأَذْنَبَ ذَنْبًا صَغِيرًا , فَقَتَلْتُمُوهُ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَا : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أُسَيْدٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّثُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : خَيْرُ النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ , ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , وَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَ مَنَاقِبَ , لَأَنْ يَكُونَ لِي إِحْدَاهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ : زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاطِمَةَ فَوَلَدَتْ مِنْهُ , وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ , وَسَدَّ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ كُلَّهَا إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفٌ , عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : كَانَ لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبْوَابٌ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ عَلِيٍّ , فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ , فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أُمِرْتُ بِسَدِّ هَذِهِ الْأَبْوَابِ غَيْرَ بَابِ عَلِيٍّ , فَقَالَ فِيهِ قَائِلُكُمْ , وَاللَّهِ مَا سَدَدْتُ , وَلَا فَتَحْتُ , وَلَكِنْ أُمِرْتُ بِشَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ , وَاخْتِلَافٌ بَعِيدٌ , فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا , وَتُضِيفُونَهُ بِجُمْلَتِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : إِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا فِي ذَلِكَ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ , وَإِنَّهُ إِنَّمَا أَتَى فِي ذَلِكَ مِنْ قِلَّةِ عَلِمِهِ بِسَعَةِ اللُّغَةِ الَّتِي كَانَتِ الْعَرَبُ يُخَاطِبُ بَعْضُهُمْ بِهَا بَعْضًا , وَيَفْهَمُ بَعْضُهُمْ بِهَا عَنْ بَعْضٍ مُرَادَهُمْ بِمَا يَتَخَاطَبُونَ بِهِ مِنْهَا , فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ , فَكَانَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أُمِرَ بِسَدِّ تِلْكَ الْأَبْوَابِ إِلَّا الْبَابَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ مِنْهَا , إِمَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , وَإِمَّا بَابَ عَلِيٍّ , ثُمَّ أَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الَّتِي أَمَرَ بِسَدِّهَا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ , وَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا الْبَابُ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ مِنْهَا إِلَّا الْبَابَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ , إِمَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ , وَإِمَّا بَابَ عَلِيٍّ , فَعَادَ الْبَابَانِ مُسْتَثْنَيَيْنِ بِالِاسْتِثْنَاءَيْنِ جَمِيعًا , وَلَمْ يَكُنْ مَا أَمَرَ بِهِ آخِرًا رُجُوعًا عَمَّا كَانَ أَمَرَ بِهِ أَوَّلًا , وَعَادَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرَيْهِ جَمِيعًا بَاقِيًا , فَعَادَ الْبَابَانِ : بَابُ أَبِي بَكْرٍ , وَبَابُ عَلِيٍّ مُسْتَثْنَيَيْنِ جَمِيعًا , خَارِجَيْنِ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي كَانَ أَمَرَ بِسَدِّهَا , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا , كَمَا قَدِ اخْتَصَّ غَيْرَهُمَا مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا اخْتَصَّهُ بِهِ . فَمَنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ لَهُ : فَقَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ - يَعْنِي مُلْهَمِينَ - فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ , وَهَذِهِ رُتْبَةٌ لَمْ يُطْلِقْهَا فِي أَحَدٍ غَيْرِ عُمَرَ . وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا اخْتَصَّ بِهِ عُثْمَانَ , إِذْ أَخْبَرَ بِاسْتِحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ مِنْهُ , وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ لِغَيْرِهِ , وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بِإِخْبَارِهِ أَنَّهُ مِمَّنْ قَضَى نَحْبَهُ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ , فَلَمَّا خَرَجْتُ دَعَانِي فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي , أَلَا أَضَعُ عِنْدَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قُلْتُ : بَلَى قَالَ : أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : طَلْحَةُ قَضَى نَحْبَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْلَمُهُ أُطْلِقَ فِي غَيْرِهِ , وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الزُّبَيْرِ .
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرَ , ثُمَّ نَدَبَهُمْ , فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرَ , ثُمَّ نَدَبَهُمْ , فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيُّ , وَحَوَارِيِّ الزُّبَيْرُ قَالَ يُونُسُ : قَالَ سُفْيَانُ : الْحَوَارِيُّ : النَّاصِرُ , وَلَا نَعْلَمُ هَذَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِهِ وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ : مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَمَعَ لِأَحَدٍ أَبَوَيْهِ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ , فَإِنَّهُ جَعَلَ يَوْمَ أُحُدٍ يَقُولُ : ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي إِدْخَالِهِ إِيَّاهُ فِي الْعَشَرَةِ الَّذِينَ شَهِدَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ , وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ عُثْمَانَ مِمَّا نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ إِلَّا تَوْقِيفًا .
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ الْمِسْوَرُ : بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي رَكْبٍ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قُدَّامِي عَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ , فَقَالَ عُثْمَانُ : مَنْ صَاحِبُ الْخَمِيصَةِ ؟ فَقَالُوا : عَبْدُ الرَّحْمَنِ , فَنَادَانِي : يَا مِسْوَرُ , قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ خَالِكَ فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى , وَفِي الْهِجْرَةِ الْآخِرَةِ , فَقَدْ كَذَبَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ أُمِّ بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَةَ الْمِسْوَرِ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , بَاعَ أَرْضًا لَهُ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ , فَقَسَمَ فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهْرَةَ , وَفِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ , وَفِي ذِي الْحَاجَةِ مِنَ النَّاسِ قَالَ الْمِسْوَرُ : فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَتْ : مَنْ أَرْسَلَ بِهَذَا ؟ , قُلْتُ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ , فَقَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلَّا الصَّابِرُونَ , سَقَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ابْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ الْجَنَّةِ وَهَذَا فَمَا عَلِمْنَاهُ قِيلَ فِي غَيْرِهِ . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا : لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ , وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ . فَهَذِهِ خَصَائِصُ كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِمَنِ اخْتَصَّهُ بِهَا مِنْ أَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفِقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتِلُوا }} , وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَاهُ فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَبَانَ عُلُوُّهُ فَوْقَ النَّاسِ وَجَلَالَةُ مَنْزِلَتِهِ , وَأَنْ لَا أَحَدَ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ مِثْلُهُ , ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ مَوْصُولًا بِذَلِكَ : {{ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى }} , فَدَخَلَ الْمُفَضَّلُونَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ , وَدَخَلَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَمَعَهُ الْفَضْلُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا , وَأَنَّ مَنْ صَحِبَهُ يَتَفَاضَلُونَ بِمَا كَانَ مِنْهُمْ مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ الْحَضْرَمِيِّ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِيمَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ إِذَا وَلَّاهُ عَلَى السَّرِيَّةِ : إِنْ أَنْتَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ , فَأَرَادُوا أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ , فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رُسُلَهُ أَنْ يُنْزِلُوا الْكُفَّارَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ , وَإِعْلَامُهُ إِيَّاهُمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَجَلِهِ , وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ أَيُصِيبُونَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا يُصِيبُونَهُ , وَلَمْ نَجِدْ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَلْقَمَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ , وَقَدْ وَجَدْنَا فِي أَحَادِيثِ غَيْرِهِ , عَنْ شُعْبَةَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَزَادَ : وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَوَافَقَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا عَلَى جَرِيرٍ فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ طَلَبْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ شُعْبَةَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَوَجَدْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ رَوَاهُ عَنْ عَلْقَمَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ , مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ . كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ وَمِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ . كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ الْحَضْرَمِيِّ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ ذِكْرُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ . وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ . قَالَ عَلْقَمَةُ : فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ , عَنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمْ نَجِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ غَيْرِ الْفِرْيَابِيِّ , وَغَيْرِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقِ . أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ : وَإِنْ أَنْتَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ , فَسَأَلُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ , وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ , فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ أَوْ لَا وَفِيهِ قَالَ عَلْقَمَةُ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ فَقَالَ : حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَصَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ , عَنِ الْفِرْيَابِيِّ , وَعَنِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ جَمِيعًا , عَنِ الثَّوْرِيِّ , وَمِنْهُمْ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ . كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ , عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ , عَنْ شُعْبَةَ , وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عَلْقَمَةَ إِيَّاهُ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ , إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا الْفِرْيَابِيُّ , وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ : هَلْ نَجِدُهَا فِي حَدِيثِ غَيْرِ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَلْقَمَةَ , أَمْ لَا ؟ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيَّ الصَّائِغَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعَلَّافُ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ , عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ الْعَبْدِيِّ , عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ , وَفِيهِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ , عَنْ شُعْبَةَ . غَيْرَ أَنَّ حَمْزَةَ وَالثَّوْرِيَّ اخْتَلَفَا فِي الَّذِي يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ , فَقَالَ حَمْزَةُ فِي حَدِيثِهِ : عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ , فَصَارَ الْمُحَدِّثُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ عَلْقَمَةُ : فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ , ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ , فَصَارَ الْحَدِيثُ عَنْ عَلْقَمَةَ , عَنْ مُقَاتِلٍ , عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ , عَنِ النُّعْمَانِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ , فَوَقَفْنَا عَلَى نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رُسُلَهُ أَنْ يُنْزِلُوا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحُصُونِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فِيهِمْ إِنْ سَأَلُوهُمْ ذَلِكَ , وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ نَهْيَهُ إِيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ ؛ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ , وَوَجَدْنَا فِيَ أَكْثَرِهَا إِطْلَاقَهُ لَهُمْ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِهِمْ , فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ نَعْلَمْهَا بِأَنَّهَا مَسْطُورَةٌ أَنْزَلَهَا فِي كِتَابِهِ , أَوْ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَوْ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ , إِذْ كَانُوا لَا يَجْتَمِعُونَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَهُمْ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , وَإِذْ كَانَ اللَّهُ لَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ إِذًا عَدِمْنَاهَا , إِذْ كُنَّا لَمْ نُكَلَّفْهَا , وَلَمْ نَتَعَبَّدْ بِهَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُكَلِّفْنَا مَا لَا نُطِيقُ , وَلَمْ يَتَعَبَّدْنَا بِمَا نَحْنُ عَنْهُ عَاجِزُونَ , أَنْ نَرْجِعَ فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ إِلَى اجْتِهَادِنَا فِيهَا , وَإِلَى طَلَبِ مَا يُؤَدَّينَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُنَا فِيهَا بَعْدَ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْآلَاتِ الَّتِي لِأَهْلِهَا الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ مِثْلِ هَذَا , فَإِذَا أَدَّانَا ذَلِكَ إِلَى مَعْنًى , وَنَحْنُ كَذَلِكَ , وَسِعَنَا الْعَمَلُ بِهِ , وَإِنْ كُنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا أَدَّانَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُنَا فِيهِ , أَمْ لَا ؟ وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ هُوَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي قَدْ يُدْرَكُ بِهِ الصَّوَابُ فِيهِ , وَقَدْ يُقْصَرُ عَنْهُ , لَا إِصَابَةُ الصَّوَابِ فِيهِ بِعَيْنِهِ , وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ فِي أَمْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , لَمَّا نَزَلَتْ قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِهِ , فَأَطْلَقَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحُكْمَ فِيهِمْ .
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو - يَعْنِي ابْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : حَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَنِي قُرَيْظَةَ , فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ قَالُوا : نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ , فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ , أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ قَالَ : احْكُمْ فِيهِمْ قَالَ : أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ قَتَلَتُهُمْ , وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ , وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَقَدْ حَكَمْتَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ , وَبِحُكْمِ رَسُولِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ , قَالَ الرَّبِيعُ : حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ , وَقَالَ مُحَمَّدٌ : حَدَّثَنَا أَبِي , وَشُعَيْبٌ , ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالَا : عَنِ اللَّيْثِ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ : رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ , فَقَطَعُوا أَبْجَلَهُ , فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالنَّارِ , فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ , فَتَرَكَهُ , فَنَزَفَهُ الدَّمُ , فَحَسَمَهُ أُخْرَى , فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي , حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ , فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ , فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ , فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ رِجَالُهُمْ , وَتُسْتَحْيَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ , لِيَسْتَعِينَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ , وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمُ انْفَتَقَ عِرْقُهُ , فَمَاتَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَفَلَا تَرَى أَنَّ سَعْدًا قَدْ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِمَا حَكَمَ بِهِ فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ , فَحَمِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَذَلِكَ الْأَحْكَامُ فِي الْحَوَادِثِ , يَسْتَعْمِلُ فِيهَا مَنْ إِلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهَا رَأْيَهُ بِاجْتِهَادِهِ فِيهَا طَلَبَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ فِيهَا , وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِصَابَةُ حَقَائِقِهَا , إِنَّمَا عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقْصُرُ عَنْهُ , وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاسِعًا فِي الدِّمَاءِ , وَفِي الْفُرُوجِ , كَانَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْسَعَ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِالطَّائِفِ , فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : سَمِعْنَا - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ : إِنَّ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ , فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ , يُحَدِّثُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ , عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَ مِثْلَهُ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ : فَأَعْطَاهُ : فَآتَاهُ وَقَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَمْدُهُ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لَمَّا سَأَلَهُ عَمَّا يَقْضِي بِهِ حِينَ بَعَثَهُ قَاضِيًا إِلَى الْيَمَنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى .
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى , وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ , عَنْ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ , عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ , عَنْ مُعَاذٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ : كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ ؟ قَالَ أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ , قُلْتُ : بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو , قَالَ : فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ وَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : ثُمَّ كَذَلِكَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنِ الشَّيْبَانِيِّ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوقٍ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ بِقَضِيَّةٍ إِلَى عَامِلٍ لَهُ , فَكَتَبَ الْكَاتِبُ : هَذَا مَا أَرَى اللَّهُ عُمَرَ , فَقَالَ : امْحُهُ وَاكْتُبْ : هَذَا مَا رَأَى عُمَرُ , فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا , وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا حَتَّى تُوُفِّيَ : أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي , فَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ قِبَلِي , وَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُمَا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى , كَمَا صَحَّحْنَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآثَارَ فِي هَذَا الْبَابِ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ - يَعْنِي الدُّورِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ , عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ زَيْدِ بْنِ يُثَيْعٍ , عَنْ عَلِيٍّ , عَلَيْهِ السَّلَامُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ : بِبَرَاءَةٌ , إِلَى مَكَّةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ تَبِعَهُ بِعَلِيٍّ , فَقَالَ لَهُ : خُذِ الْكِتَابَ , وَامْضِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَلَحِقْتُهُ , فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ , فَانْصَرَفَ أَبُو بَكْرٍ , وَهُوَ كَئِيبٌ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ ؟ قَالَ : لَا , إِلَّا أَنِّي أُمِرْتُ أَنْ أُبَلِّغَهُ أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ , عَنْ عَبَّادٍ - يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ , عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتْيْبَةَ , عَنْ مِقْسَمٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ , ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا , فَبَيْنَا أَبُو بَكْرٍ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ إِذْ سَمِعَ رُغَاءَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقَصْوَاءِ , فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ , وَظَنَّ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَإِذَا عَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَمَّرَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ , وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يُنَادِيَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ , فَانْطَلَقَا , فَقَامَ عَلِيٌّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ , فَقَالَ : ذِمَّةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَرِيئَةٌ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ , فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ , وَلَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ , وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ , وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ . قَالَ : فَكَانَ عَلِيٌّ يُنَادِي بِهَا , فَإِذَا بُحَّ , قَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ , فَنَادَى بِهَا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَضَّاحُ - وَهُوَ أَبُو عَوَانَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَلْجٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ : إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ , إِذْ أَتَاهُ تِسْعَةُ رَهْطٍ , فَذَكَرَ قِصَّةً , فَقَالَ فِيهَا : وَبَعَثَ - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسُورَةِ التَّوْبَةِ , وَبَعَثَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلْفَهُ , فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَقَالَ : لَا يَذْهَبُ بِهَا إِلَّا رَجُلٌ هُوَ مِنِّي , وَأَنَا مِنْهُ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْنَسِيُّ , ح وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ , عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : بِبَرَاءَةٌ , حَتَّى إِذَا كَانَا مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ بِكَذَا وَكَذَا , إِذَا هُمَا بِرَاكِبٍ , وَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ , هَاتِ الْكِتَابَ الَّذِي مَعَكَ , فَقَالَ : مَا لِي يَا عَلِيُّ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا , فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا لِي ؟ قَالَ : خَيْرٌ , وَلَكِنْ أُمِرْتُ أَلَّا يُبَلِّغَ عَنِّي إِلَّا أَنَا , أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي . هَكَذَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , وَفِي حَدِيثِ فَهْدٍ : أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ أَنَسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ بَرَاءَةٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ , ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا فَقَالَ : لَا يُبَلِّغُهَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَبَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ رَجَعَ مِنْ عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْحَجِّ , حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ , ثُوِّبَ بِالصُّبْحِ , ثُمَّ اسْتَوَى لِيُكَبِّرَ , فَسَمِعَ الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظَهْرِهِ , فَوَقَفَ عَنِ التَّكْبِيرِ , فَقَالَ : هَذِهِ رَغْوَةُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , لَقَدْ بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحَجِّ , فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَنُصَلِّيَ مَعَهُ , فَإِذَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهَا , فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : أَمِيرٌ أَوْ رَسُولٌ ؟ قَالَ : لَا , بَلْ رَسُولٌ , أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَرَاءَةٌ ؛ أَقْرَؤُهَا عَلَى النَّاسِ فِي مَوَاقِفِ الْحَجِّ , فَقَدِمْنَا مَكَّةَ , فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ , قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَطَبَ النَّاسَ , فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ , حَتَّى إِذَا فَرَغَ , قَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا , ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَهُ , حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ , قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَخَطَبَ النَّاسَ , فَحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكِهِمْ , حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ حَتَّى خَتَمَهَا , ثُمَّ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَأَفَضْنَا , فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , خَطَبَ النَّاسَ , فَحَدَّثَهُمْ عَنْ إِفَاضَتِهِمْ , وَعَنْ نَحْرِهِمْ , وَعَنْ مَنَاسِكِهِمْ , فَلَمَّا فَرَغَ , قَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَرَأَ عَلَى النَّاسِ بَرَاءَةٌ , حَتَّى خَتَمَهَا , فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ , قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَخَطَبَ النَّاسَ , فَحَدَّثَهُمْ كَيْفَ يَنْفِرُونَ , وَكَيْفَ يَرْمُونَ , فَعَلَّمَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ , فَلَمَّا فَرَغَ قَامَ عَلِيٌّ فَقَرَأَ بَرَاءَةٌ عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ النِّدَاءَ كَانَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِيمَا رُوِّيتُمْ مُضَافَةً إِلَى عَلِيٍّ كَانَتْ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى : أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ , وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ عَقِيلٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى : لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ , وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّبْلِيغَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ , لَا مِنْ عَلِيٍّ , وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي هَذِهِ الْآثَارِ شَدِيدٌ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ مَا فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ كَمَا ذَكَرَ ؛ لِأَنَّ الْإِمْرَةَ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ , إِنَّمَا كَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ خَاصَّةً , لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا , وَكَانَتِ الطَّاعَةُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الَّذِي يَكُونُ فِيهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ لَا إِلَى سِوَاهُ , فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ لِيَمْتَثِلُوا مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ , وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ , عَنِ الْمُغِيرَةِ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِبَرَاءَةٌ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ , فَكُنْتُ أُنَادِي حَتَّى صَحِلَ صَوْتِي , فَقِيلَ : بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تُنَادِي ؟ قَالَ : أَمَرَنَا أَنْ نُنَادِيَ : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ , وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَذَكَرَ كَلِمَةً كَأَنَّهَا عَهْدٌ , فَأَجَلُهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ , فَإِذَا مَضَتِ الْأَشْهُرُ , فَإِنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ , وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ , وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ نِدَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّمَا كَانَ بِمَا يُلْقِيهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ , وَأَنَّ مَصِيرَهُ كَانَ إِلَى عَلِيٍّ كَانَ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَانَ إِلَيْهِ , إِذْ كَانَ هُوَ الْأَمِيرُ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ , حَتَّى رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُنْصَرِفًا مِنْهَا . وَفِيمَا بَيَّنَّا مِنْ ذَلِكَ عُلُوُّ الْمَرْتَبَةِ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي إِمْرَتِهِ عَلَى الْمُبَلِّغِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَلِّغُ لَهُ عَنْهُ إِلَّا هُوَ . وَفِيهِ أَيْضًا عُلُوُ مَرْتَبَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي اخْتِصَاصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا اخْتَصَّهُ بِهِ مِنَ التَّبْلِيغِ عَنْهُ , وَفِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُقُوفُ عَلَى مَنْزِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُؤْتُوهُ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ , وَلَا يَنْتَقِصُوهُ مِنْهُ شَيْئًا . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى - يَعْنِي ابْنَ عُقْبَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ , فَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ , وَلَكِنَّهُ انْشَمَرَ إِلَى ذِي الْمَجَازِ يُخْبِرُ النَّاسَ بِمَنَاسِكِهِمْ , وَيُبَلِّغُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ مِنْ قِبَلِ ذِي الْمَجَازِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا تَمَتَّعُوا بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةَ فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا , وَفِيهِ تَرْكُ أَشْيَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجِّ ؟ وَهِيَ طَوَافُ الْقُدُومِ , وَالْخُطْبَةُ فِي مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ , وَاللَّبْثُ بِمِنًى الْوَقْتَ الَّذِي يَلْبَثُهُ الْحَاجُّ فِيهَا , ثُمَّ يَصِيرُونَ مِنْهَا إِلَى عَرَفَةَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِيَ كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , كَانَ لِمَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَيُعْلَمُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ سُوقُ ذِي الْمَجَازِ أَحَدَ الْأَسْوَاقِ الَّتِي كَانَتِ الْعَرَبُ يَجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلتَّبَايُعِ وَالتِّجَارَاتِ , فَمِنْهُمْ مَنْ يَحُجُّ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْصَرِفُ إِلَى دَارِهِ بِلَا حَجٍّ , فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي مَوْسَمِ الْحَجِّ لِيَسْمَعُوا مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مِمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . فَمِمَّا رُوِيَ فِي سُوقِ ذِي الْمَجَازِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَتْ عُكَاظُ , وَذُو الْمَجَازِ , وَمَجَنَّةُ , الْأَسْوَاقَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا , فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ }} , فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : {{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ }} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ هَكَذَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ , عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَمْرٍو , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كَانَتْ عُكَاظُ , وَمَجَنَّةُ , وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّجِرُونَ فِيهَا , فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا مِنْهَا , فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَنَزَلَتْ : {{ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ }} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ الَّذِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنِ انْشِمَارِهِ إِلَى ذِي الْمَجَازِ لِيَأْمُرَ النَّاسَ جَمِيعًا بِمُوَافَاةِ الْمَوْسِمِ , لِيَسْمَعُوا مَا يُقْرَأُ هُنَاكَ مِمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ مَنْ بَعَثَهُ فِيهِ , وَعَسَى أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ , ثُمَّ صَارَ إِلَى عَرَفَةَ بِالنَّاسِ , فَوَقَفَ بِهَا , وَهِيَ صِلَةُ الْحَجِّ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ , وَبَعْدَ أَنْ رَمَى وَحَلَقَ , حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ , وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ , وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنَ طَافَ وَلَمْ يَكُنْ طَافَ عِنْدَ قُدُومِهِ بِالْبَيْتِ , أَنَّهُ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنْهَا , إِذَا لَمْ يَرْمُلْهَا فِي الطَّوَافِ الَّذِي يَرْمُلُ فِيهِ , وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ , وَأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , كَمَا يَسْعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ , وَقَدْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ مَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فَيهِ , وَمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَلَمْ يُهْمِلْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْرَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَانَ لَهُ عَلَى مَكَّةَ حِينَئِذٍ عَامِلٌ لَهُ عَلَيْهَا , وَهُوَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ الْأُمَوِيُّ , فَخَطَبَ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ , ثُمَّ وَافَى أَبَا بَكْرٍ بِالنَّاسِ بِعَرَفَةَ حَتَّى قَضَى بِهِمْ بَقِيَّةَ حَجِّهِمْ , فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَجِّهِ مِمَّا إِلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ لِلنَّاسِ , إِذْ كَانَ أَمِيرَهُمْ فِي حَجِّهِمْ , لَا نَقْصَ فِيهِ عَمَّا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَمِيرُ الْحَاجِّ فِي حَجِّهِ بِالنَّاسِ , وَهِيَ حِجَّةٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ حِجَّةٌ إِلَّا حِجَّةً وَاحِدَةً حَجَّهَا بِالنَّاسِ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ , وَيُقَالَ : إِنَّهَا كَانَتْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ , لِأَنَّ الزَّمَانَ أَيْضًا اسْتَدَارَ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ فِي الْحِجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ , وَأَقَرَّ الْحَجَّ فِيهِ , وَحَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالنَّاسِ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ , وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ , عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ , عَنْ رَجُلٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ حِينَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ مَسْكُوتٌ عَنِ اسْمِهِ , فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْلَمَ مَنْ هُوَ .
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ , عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِي النَّجْمِ , وَهُوَ بِمَكَّةَ , فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ تَرَكَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , وَاسْتَقَامَ لَنَا بِذَلِكَ قَبُولُ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَأَمُّلُهُ , وَالنَّظَرُ فِي أَحْوَالِ رُوَاتِهِ , وَهَلْ لِابْنِ عَبَّاسٍ مُعَارِضٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِيهِ , أَمْ لَا ؟ . فَوَجَدْنَا الَّذِيَ دَارَ عَلَيْهِ : الْحَارِثَ بْنَ عُبَيْدٍ , فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ : هُوَ أَحَدُ شُيُوخِنَا , وَمَا رَأَيْنَا إِلَّا خَيْرًا , فَكَانَ هَذَا مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِخْبَارًا عَنْ جَلَالَةِ مِقْدَارِهِ عِنْدَهُ . وَشَدَّ مَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ : أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ , فَلَمْ يَعُدَّ عَلَيْهِ فِي الْمُفَصَّلِ شَيْئًا ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ , هَلْ رُوِيَ مَا يَدْفَعُهُ أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ , عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ , أَنَّهُ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ هَذَا الْمَسْجِدِ , فَقَرَأَ : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا , وَقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا
وَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ , قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ , وَابْنُ جُرَيْجٍ , وَابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى , عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ
وَوَجَدْنَا عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنَ أَبِي عَقِيلٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى , عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ , وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
وَوَجَدْنَا عَبْدَ الْغَنِيِّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ سَجَدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِحْدَى هَاتَيْنِ
وَوَجَدْنَا الْمُزَنِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ
وَوَجَدْنَا بَكَّارًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , وَرَوْحٌ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ - قَالَا : حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ رَآهُ سَجَدَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَقَالَ : لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ يَحْيَى , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَوَجَدْنَا بَكَّارًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَا : حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ : أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ بِهِمْ : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ , فَسَجَدَ فِيهَا , فَلَمَّا انْصَرَفَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا
وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَجَدَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ , فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ , أَوِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ وَفَهْدًا قَدْ حَدَّثَانَا قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَسْجُدُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ : فَقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ : سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا قَالَ : لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ وَوَجَدْنَا الْمُزَنِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَجَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ , وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ سَجْدَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى سُجُودِهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَ سُجُودَهُ مَعَهُ فِيهِ مِنَ الْمُفَصَّلِ , وَإِنَّمَا كَانَتْ صَلَاتُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصُحْبَتُهُ إِيَّاهُ بِالْمَدِينَةِ لَا بِمَكَّةَ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْنَا : حَدِّثْنَا , فَقَالَ : صَحِبْتُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثَلَاثَ سِنِينَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ عِرَاكَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِخَيْبَرَ , وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ يَؤُمُّ النَّاسَ , فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى : بِسُورَةِ مَرْيَمَ , وَفِي الثَّانِيَةِ بِ : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ , فَكَانَ رَجُلٌ عِنْدَنَا لَهُ مِكْيَالِانِ , يَأْخُذُ بِأَحَدِهِمَا , وَيُعْطِي بِالْآخَرِ , فَقُلْتُ : وَيْلٌ لِفُلَانٍ فَكَانَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ إِخْبَارُهُ بِتَرْكِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , وَفِي هَذَا سُجُودُهُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّ إِثْبَاتَ الْأَشْيَاءِ أَوْلَى مِنْ نَفْيِهَا , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ مِنْ ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ , وَكَانَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَدِمَهَا أَوْلَى . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ شَدَّ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِيهِ .
فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ : عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ , وَقَالَ بَكَّارٌ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالنَّجْمِ , فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِعْبِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ - يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ , عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : عَرَضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّجْمَ , فَلَمْ يَسْجُدْ أَحَدٌ مِنَّا وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَيْوَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهُ فِيمَا ذَكَرَ أَيْضًا عَلَى نَفْيِ السُّجُودِ مِنَ الْمُفَصَّلِ , وَإِنْ كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَيْضًا بِالْمَدِينَةِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ تَرْكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السُّجُودَ فِيهَا حِينَئِذٍ كَانَ لِمَعْنَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ ؛ إِمَّا لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَصْلُحُ السُّجُودُ فِيهِ مِنَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا ؛ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ مِنْ حَدَثٍ كَانَ مِنْهُ ؛ أَوْ لِأَنَّ التَّالِي لِسَجْدَةٍ قَدْ كَانَ لَهُ السُّجُودُ فِيهَا , وَالتَّرْكُ لَهَا , كَمَا قَدْ كَانَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِنْهُمْ : سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : مَرَّ سَلْمَانُ بِقَوْمٍ قَدْ قَرَءُوا السَّجْدَةَ , فَقِيلَ : أَلَا تَسْجُدُ ؟ فَقَالَ : إِنَّا لَمْ نَعْقِدْ لَهَا
وَمِنْهُمْ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : لَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ السَّجْدَةَ وَأَنَا شَاهِدٌ فَلَمْ يَسْجُدْ , فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , فَسَجَدَ , ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذَا قَرَأْتَ السَّجْدَةَ ؟ فَقَالَ : إِنِّي إِذَا كُنْتُ فِي صَلَاةٍ سَجَدْتُ , وَإِذَا لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ فَإِنِّي لَا أَسْجُدُ وَإِذَا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ السُّجُودَ فِيهَا لِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , لَمْ يَكُنْ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ تَرَكَ السُّجُودَ فِيهَا , وَلَا دَفْعَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا سَجْدَةٌ , وَكَانَ مَا رُوِّينَاهُ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَابِتًا بِهِ سُجُودُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرَ سُجُودَهُ فِيهِ بِالْمَدِينَةِ أَوْلَى مِنْهُ , وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ قَبْلَهُ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْأَجْلَحُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ قَالَ : قُلْتُ : سَمَّانِي لَكَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَقَرَأَ عَلَيَّ : ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ ) بِالتَّاءِ جَمِيعًا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُبَيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ , وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الَّذِيَ كَانَ قَالَهُ لَهُ خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ , وَأُمِرْتُ أَنْ أُقْرِئَكَهَا . قَالَ : قُلْتُ لَهُ : فَفَرِحْتَ ؟ قَالَ : وَمَا يَمْنَعُنِي , وَهُوَ يَقُولُ : ( بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا ) قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُمِرَ أَنْ يُقْرِئَهُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ , وَكَانَ إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ أَحْسَنَ إِسْنَادًا مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ لِجَلَالَةِ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ , وَعُلُوُ قَدْرِهِ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى قَدْرِ الْأَجْلَحِ فِيهَا , وَلِعُلُوِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَشُهْرَتِهِ , وَكَثْرَةِ رِوَايَاتِهِ .
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دَعَا أُبَيًّا فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ . قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّانِي لَكَ ؟ فَقَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَّاكَ لِي , فَجَعَلَ يَبْكِي قَالَ قَتَادَةُ : وَنُبِّئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أُبَيٍّ , فَوَافَقَ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ , وَكَانَ فِيهِ أَنَّ الَّذِيَ قَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ وَهِيَ : لَمْ يَكُنْ . فَكَانَ بِذَلِكَ قَارِئًا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ .
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ , أَيْضًا قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا حَبَّةَ الْبَدْرِيَّ يَقُولُ : لَمَّا نَزَلَتْ : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى آخِرِهَا , فَقَالَ جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَهَا أُبَيًّا , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُبَيٍّ : إِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ هَذِهِ السُّورَةَ قَالَ أُبَيُّ : وَذُكِرْتُ ثَمَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَبَكَى أُبَيٌّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُقْرِئَهُ أُبَيًّا مِنَ الْقُرْآنِ إِنَّمَا هُوَ سُورَةٌ مِنْهُ مِنَ الْقُرْآنِ , وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ , أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْقُرْآنِ , مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ , فَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا }} , وَقَوْلُهُ : {{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }} , وَقَوْلُهُ : {{ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ }} , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا سَمِعُوهُ مِنْهُ , لَا عَلَى كُلِّهِ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا , أَنَّ الَّذِي كَانُوا سَمِعُوهُ مِنْهُ هُوَ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرْنَاهُ , فَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى ذِكْرِ مَا جِئْنَا بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَانَ ذَكَرَ لَنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ : أَدَلُّ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنَ الْقُرْآنِ حَدِيثُ أُبَيٍّ فِي جَوَابِهِ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ لَمَّا سَأَلَهُ عَنِ السُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ فَأَعْلَمَهُ أَنْ لَا سُجُودَ فِيهِ .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ : أَفِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : فَأُبَيُّ قَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقُرْآنَ , فَمَرَّ بِمَوَاضِعِ السُّجُودِ , فَوَقَفَ عَلَى مَا سَجَدَ فِيهِ مِنْهُ , وَعَلَى مَا لَمْ يَسْجُدْ فِيهِ مِنْهُ , فَكَانَ نَفْيُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ فِيهِ فِي قِرَاءَتِهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِ , فَنَقَلْنَا ذَلِكَ إِلَى ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ فَقَالَ : هَذَا كَلَامٌ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا حَكَاهُ عَنْ أُبَيٍّ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ , لَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنَ السُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ أَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِيهِ سُجُودًا مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أُبَيًّا , وَإِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ , أَوْ أَقْرَأَهُ الْقُرْآنَ عَلَى مَا قَدْ قِيلَ فِيمَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ , أَوْ فِيمَا أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ مِنْهُ مِمَّا يُوجِبُ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ لَا كُلَّهُ , إِذْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ حَضَرَ عَرْضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَهِيَ آخِرُ عَرْضَةٍ عَرَضَهَا عَلَيْهِ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ , وَأَبُو مُعَاوِيَةَ , وَوَكِيعٌ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ : أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ ؟ , قُلْتُ : الْقِرَاءَةَ الْأُولَى , قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ , فَقَالَ لِي : بَلْ هِيَ الْآخِرَةُ , إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ , فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ , فَعَلِمَ مَا نُسِخَ , وَمَا بُدِّلَ فَكَانَ مَعَنَا فِي ابْنِ مَسْعُودٍ فِي حُضُورِهِ تِلَاوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ عَلَى جِبْرِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَالَّذِي مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ - فِيمَا قَرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أُبَيٍّ , أَوْ فِيمَا أَقْرَأَهُ إِيَّاهُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ بَعْضُهُ لَا كُلُّهُ . وَقَدْ يُحْتَمَلُ لَوْ كَانَ قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ , فَلَمْ يَسْجُدْ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَسْجُدْ , وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ , فَكَيْفَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا لَا سُجُودَ فِيهِ , وَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ , أَوْ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ السُّجُودِ فِيهِ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ سُلَيْمَانَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَسْجُدَانِ فِي : إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَكَانَ فِي هَذَا سُجُودُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُفَصَّلِ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْجُدَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ سُجُودِهِ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ السُّجُودَ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ . فَإِنْ كَانَ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ فِي نَفْيِ السُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِيهِ , فَمَا مَعَنَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّا فِيهِ إِثْبَاتُ السُّجُودِ فِيهِ أَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ مَوْضِعُ السُّجُودِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمَا وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِمَّا قَدْ صَحَّ عِنْدَنَا عَنْهُ إِلَّا فِيمَا فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا , لَا فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ , وَغُنِينَا أَنْ نَأْتِيَ بِمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , وَابْنِ عُمَرَ مِنْ سُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمَكَّةَ ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ قَالَ فِيهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ يَبِيتُ وَعِنْدَهُ مَالٌ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَارِمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ لَهُ مَالٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ , إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى , أَنَّ نَافِعًا , حَدَّثَهُ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ , أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ لَيْلَتَانِ إِلَّا وَعِنْدَهُ وَصِيَّتُهُ
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكٌ , وَيُونُسُ , أَنَّ نَافِعًا , حَدَّثَهُمَا , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ , يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ , إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مَالٌ يُوصِي فِيهِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ لَيْلَتَانِ إِلَّا وَعِنْدَهُ وَصِيَّتُهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا قَدْ ذُكِرَ فِيهَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْوَصِيَّةِ , وَحَضَّ عَلَيْهَا , وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ . فَكَانَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَى لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ يَقُولُ : مَعْنَى ذَلِكَ : مَا الْحَزْمُ لِامْرِئٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ مَا الْمَعْرُوفُ فِي الْأَخْلَاقِ إِلَّا هَذَا لَا مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنًى هُوَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِهِ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ , وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَانَ حُكْمُهُ عَلَى عِبَادِهِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , مِنْ قَوْلِهِ : {{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ }} , فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الْمَوَارِيثُ فِي التَّرِكَاتِ , ثُمُّ فَرَضَهَا فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ , فَنَسَخَ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ , فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ . وَهِيَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ , عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ . غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدْ قَبِلُوا ذَلِكَ , وَاحْتَجُّوا بِهِ , فَغَنِيَ بِذَلِكَ عَنْ طَلَبِ الْأَسَانِيدِ فِيهِ . وَلَمَّا كَانَ وَالِدُ الرَّجُلِ وَأَقْرِبَاؤُهُ لَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا مَا يُوصِي لَهُمْ بِهِ مِنْهُ , وَهُمْ أَحَقُّ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَجْنَبِيِّينَ , كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَلَهُمْ , حَتَّى يَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ , حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ فِيمَنْ يَرِثُهُ , وَبَقِيَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَقْرَبِيهِ لَمْ يَنْسَخْ مَا فِي الْآيَةِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ , فَلَمْ نَجِدْ مَعْنًى لِتَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعْرَهُ , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ , وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدُلُونَ رُءُوسَهُمْ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ , ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَأْسَهُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ , عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَتَصِفُونَهُ بِمَحَبَّتِهِ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَعَ تَبْدِيلِهِمْ لِكِتَابِهِمْ , وَتَحْرِيفِهِمْ إِيَّاهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ , وَاشْتِرَائِهِمْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا , مَعَ رِوَايَتِكُمْ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مِعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عَمِّهِ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ , أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ , أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ , هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجَنَازَةُ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُ أَعْلَمُ , قَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّهَا تَكَلَّمُ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ , فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ , وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ , وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُلِهِ , وَكُتُبِهِ , فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ , وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ , عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ , وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ , أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ , أَخْبَرَهُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ : وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ أَخْبَارُهُمْ لِمَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَعَلَى رُسُلِهِ , كَانَتْ أَفْعَالُهُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَافَقَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْهُ , قَدْ دَلَّنَا عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَيْهَا فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ , وَهُوَ سَدْلُهُمْ شُعُورَهُمْ , إِنَّمَا كَانَ فِيمَا قَدْ كَانَ وَاسِعًا لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ , وَكَانَ وَاسِعًا لَهُ مَا قَدْ فَعَلَ مِنْ سَدْلِ شَعْرِهِ , إِذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَمْرٌ , فَكَانَ وَاسِعًا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ , وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِيمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي ذَلِكَ قَدْ كَانَ مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لشَيْءٍ , كَانُوا أُمِرُوا بِهِ فِي كِتَابِهِمْ , فَكَانَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْعَرَبِ , إِنَّمَا كَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ , وَعِبَادَةِ أَصْنَامٍ , فَأَحَبَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا فَعَلَ مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَفْعَلُونَهُ فِيهِ , إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُمْ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ . وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي نَمْلَةَ , فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ إِخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ , إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِدْقًا , وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَذِبًا , فَعَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا عِنْدَ ذَلِكَ , وَعِنْدَ أَمْثَالِهِ مِمَّا يُخْبِرُهُمْ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ مِمَّا عَلَّمَهُمْ أَنْ يَقُولُوهُ فِي حَدِيثِ أَبِي نَمْلَةَ , حَتَّى لَا يُصَدِّقُوا بِهِ إِنْ كَانَ كَذِبًا , وَلَا يُكَذِّبُوا بِهِ إِنْ كَانَ صِدْقًا , فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ , عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبٍ قَالَتْ : أَخْبَرَتْنِي الْفُرَيْعَةُ ابْنَةُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ , وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّهُ أَتَاهَا نَعْيُ زَوْجِهَا , خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ لَهُ فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُومِ , فَقَتَلُوهُ , فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّهُ أَتَانِي نَعْيُ زَوْجِي , وَأَنَا فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ شَاسِعَةٍ عَنْ دُورِ أَهْلِي , وَأَنَا أَكْرَهُ الْقَعْدَةَ فِيهَا , وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْنَا فِي سُكْنَى , وَلَا مَالٍ يَمْلِكُهُ , وَلَا نَفَقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيَّ , فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ أَلْحَقَ بِأَخِي , فَيَكُونَ أَمْرُنَا جَمِيعًا , فَإِنَّهُ أَجْمَعُ فِي شَأْنِي , وَأَحَبُّ إِلَيَّ . قَالَ : إِنْ شِئْتِ فَالْحَقِي بِأَهْلِكِ , فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرَةً بِذَلِكَ , حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ , أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي , أَوْ دُعِيتُ لَهُ فَقَالَ : كَيْفَ زَعَمْتِ ؟ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ مِنْ أَوَّلِهِ فَقَالَ : امْكُثِي فِي الْبَيْتِ الَّذِي جَاءَكِ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ , حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَسَأَلَهَا , فَأَخْبَرَتْهُ , فَقَضَى بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا حَدِيثٌ جَلِيلُ الْمِقْدَارِ يَدُورُ عَلَى سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ أَنَسٍ , وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ جُلَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَتَجَاوَزُهُ فِي السِّنِّ عَنْهُ , مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ , مِمَّنْ هُوَ كَذَلِكَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ . كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَمَّنْ أَخْبَرَهُ , عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ , وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , عَنْ فُرَيْعَةَ ابْنَةِ مَالِكٍ , أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعَانِيهِ كُلِّهَا . غَيْرَ أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ هَذَا لِيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ كَعْبٍ , فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ لِنَعْلَمَ : هَلْ هُوَ سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَمْ لَا ؟ فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ , وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ , عَنْ عَمَّتِهِ , أَخْبَرَتْهُ , عَنْ فُرَيْعَةَ ابْنَةِ مَالِكٍ , أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ , ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعَانِيهِ كُلِّهَا غَيْرَ مَا كَانَ مِنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ ابْنُ شِهَابٍ يُونُسَ بْنَ يَزِيدَ هَذَا الْحَدِيثَ , وَلَمْ يُسَمِّهِ لَهُ : هُوَ سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا . وَمِنْهُمْ : يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ . كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَذَكَرَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ مِمَّا كَانَ مِنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ . وَكَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَمِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ , وَبِقِصَّةِ عُثْمَانَ الَّذِي فِيهِ بِمِثْلِهِ . وَمِنْهُمْ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ قِصَّةِ عُثْمَانَ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا . وَمِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَمِنْهُمْ : شُعْبَةُ , وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ : حَدَّثَنِي شُعْبَةُ , وَرَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ , جَمِيعًا , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَمِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ عُثْمَانَ فِيهِ . وَمِنْهُمْ : زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , أَوْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ قِصَّةَ عُثْمَانَ فِيهِ , أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا . وَمِنْهُمْ : مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ عُثْمَانَ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ الْفُرَيْعَةِ , الْفَرَعَةِ . وَمِنْهُمُ ابْنُ جُرَيْجٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ يَعْنِي أَبَا كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ شُعْبَةَ , وَابْنِ جُرَيْجٍ , وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , أَنَّهُ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ عُثْمَانَ فِيهِ , وَقَالَ مَكَانَ الْفُرَيْعَةِ الْفَارِعَةَ ابْنَةَ مَالِكٍ . وَمِنْهُمْ : حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَالَ فِيهِ : عَنْ فُرَيْعَةَ , وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قِصَّةَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَمِنْهُمْ : يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ الْعُمَرِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَمِنْهُمْ : وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْخَلِيلِ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَمِنْهُمْ : مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ , عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قِصَّةَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِطْلَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْفُرَيْعَةِ الْإِلْحَاقَ بِأَخِيهَا , وَالنُّقْلَةَ إِلَيْهِ مِنَ الدَّارِ الَّتِي جَاءَهَا فِيهَا نَعْيُ زَوْجِهَا , فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِذِكْرِهَا لَهُ : أَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ لَهَا مَا تَسْكُنُ فِيهِ , وَلَا مَا تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهَا , فَأَطْلَقَ لَهَا النُّقْلَةَ , وَالْإِلْحَاقَ بِأَخِيهَا لِذَلِكَ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ لَهَا ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَا مَسْكَنَ لَهَا فِي مَنْزِلٍ خَلَّفَهُ زَوْجُهَا , وَلَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ مَالٍ لَوْ كَانَ خَلَّفَهُ , إِذْ كَانَ مَالُهُ , أَوْ مَسْكَنُهُ , قَدْ خَرَجَا مِنْ مُلْكِهِ بِمَوْتِهِ إِلَى مَنْ خَرَجَا إِلَيْهِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَصَدَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا أَمْرَهُ إِيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَمْكُثَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي جَاءَهَا فِيهِ نَعْيُ زَوْجِهَا , حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ , بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَرَهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ مَا هُوَ ؟ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ , لِأَنَّ جِبْرِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ حَاضَرَ ذَلِكَ مِنْ جَوَابِهِ , فَأَعْلَمَهُ بِمَا أَمَرَ مِنْ أَجْلِهِ لِلْفُرَيْعَةِ لِمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , إِذْ كَانَتْ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهَا فِي دَارٍ لَمْ يُزْعِجْهَا مِنْهَا أَهْلُ زَوْجِهَا , وَإِنْ كَانَ لَهُمُ ازْعَاجُهَا مِنْهَا , إِذْ كَانَتْ لَهُمْ دُونَ زَوْجِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُهَا , وَلَكِنْ قَدْ كَانَ مِنْ حَقِّهِمْ تَحْصِينُهَا حَيْثُ شَاءُوا أَنْ يُحْصِنُوهَا احْتِيَاطًا لِزَوْجِهَا مِنْ أَنْ يَلْحَقَهُ وَلَدٌ يَكُونُ مِنْهَا , وَقَدْ قَالَ بِهَذَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ وَاحِدٍ , مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ , مَعَ مَذَاهِبِهِمْ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا , لَا نَفَقَةَ لَهَا , وَلَا سُكْنَى فِي عِدَّتِهَا , فَقَالُوا : لِأَوْلِيَاءِ زَوْجِهَا تَحْصِينُهَا فِي عِدَّتِهَا حِيَاطَةً لِزَوْجِهَا الَّذِينَ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ , أَنْ يَلْحَقَهُ وَلَدٌ , تَأْتِي بِهِ لَيْسَ مِنْهُ , فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذْ كَانُوا لَمْ يُخْرِجُوهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ وَرَضُوهُ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ , فَتَكُونَ فِيهِ , حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ , كَمَا أَعْلَمُهُ جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِهِمُ الَّتِي لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوهَا , وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ جِبْرِيلَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ . كَمِثْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ لِلَّذِي سَأَلَهُ , فَقَالَ : إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا , مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ , يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ , فَلَمَّا أَدْبَرَ الرَّجُلُ , نَادَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَوْ أَمَرَ بِهِ , فَنُودِيَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَيْفَ قُلْتَ ؟ , فَأَعَادَ عَلَيْهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ , إِلَّا الدَّيْنَ , كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . كَمَا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وُهَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا , فَقَالَا : عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْنَا . وَحَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ , عَنْ أَبِيهِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . فَكَانَ مِثْلُ هَذَا مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ الْفُرَيْعَةِ , وَالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ حُقُوقِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ فِي زَوْجَتِهِ الَّتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ , عَنِ الشَّافِعِيِّ , وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا , فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ الْأَنْصَارِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا , فَإِنَّ قَتْلَ الْغَيْلِ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , فَوَجَدْنَا فِيهِمَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ : لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا , ثُمَّ ذَكَرَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِمَا , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْهُ إِيَّاهُمْ ذَلِكَ , وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ دَعْثَرَةُ الْفَارِسِ عَنْ فَرَسِهِ , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , عَلَى مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُهُ فِيهِ , فَحَذَّرَ مِنْ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقٌ لَهَا , وَلَا تَكْذِيبٌ لَهَا فِيمَا كَانَتْ تَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْإِشْفَاقِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ , لَا عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيمٍ مِنْهُ عَلَيْهِمْ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِذَلِكَ الْغَيْلِ الْمَخُوفِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ .
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ , وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ , قَالُوا : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ , عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَكْرَهُ عَشْرًا : الصُّفْرَةَ , وَتَغْيِيرَ الشَّيْبِ , وَالتَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ , وَجَرَّ الْإِزَارِ , وَالتَّبَرُّجَ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا , وَالضَّرْبَ بِالْكِعَابِ , وَعَزْلَ الْمَاءِ عَنْ مَحَلِّهِ , وَفَسَادَ الصَّبِيِّ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ , وَعَقْدَ التَّمَائِمِ , وَالرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ الْفَزَارِيِّ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ الرُّكَيْنَ , يُحَدِّثُ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِفَسَادِ الصَّبِيِّ وَهُوَ بِالْغَيْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَرَاهِيَّتَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ , كَانَ كَرَاهِيَةً لَا تَحْرِيمَ مَعَهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهْيُهُ عَنْهُ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنِ الِاغْتِيَالِ , ثُمَّ قَالَ : لَوْ ضَرَّ أَحَدًا لَضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَّ النَّهْيَ قَدْ يَكُونُ لِلْكَرَاهَةِ بِلَا نَهْيٍ مَعَهَا , كَمَا نَهَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الشَّرَابِ قَائِمًا , لَا لِأَنَّهُ حَرَّمَ ذَلِكَ , وَلَكِنَّهُ لَمَّا خَافَ مِنْ ضَرَرِهِ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهُ , وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ نَهْيُهُ عَنِ الْغَيْلِ نَهْيَ تَحْرِيمٍ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , أَخْبَرَهُ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ , وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ , فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ جُذَامَةَ , وَأَوْقَفَهُ عَلَى عَائِشَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ حوَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَا : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا عُرْوَةُ , عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ جُذَامَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ : أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ , أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ , يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ , عَنْ جُذَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْبَصِيرُ قَالَا : حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ عُرْوَةَ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي جُذَامَةُ , ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِطْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ مَا كَانَ حَذَّرَهُمْ إِيَّاهُمْ لَمَّا وَقَفَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فَارِسَ , وَالرُّومَ فِي أَوْلَادِهِمْ , وَقَدْ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْهُ فِي صُدُورِ الْعَرَبِ , حَتَّى رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : مَاتَ ذُو قَرَابَةٍ لِي , وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ , فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَتِي , فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ , فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ , قِيلَ لِي : قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , فَسَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ حَلَفْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ , فَقَدْ بَانَتِ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى , فَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ امْرَأَتَهُ , وَهِيَ تُرْضِعُ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا , فَأَبَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَطَلَبَتْ مِنْهُ وَطْأَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ : لَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ حُجَّةً , وَلَا يُكْرَهُ عَلَى ذَلِكَ , كَانَتْ فِيهِ يَمِينٌ , أَوْ لَمْ تَكُنْ , وَأَرَى قَوْلَ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ يُعْجِبُنِي , وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ . فَقَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ , وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَمَّ بِذَلِكَ , حَتَّى ذَكَرَ أَنَّ فَارِسَ , وَالرُّومَ يَفْعَلُونَهُ , فَكَفَّ عَنْهُ , فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقْضَى لَهَا بِهِ , وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِضْرَارِ , وَلَيْسَ هَذَا مُضَارًّا , إِنَّمَا يُرِيدُ اسْتِصْلَاحَ وَلَدِهِ , فَلَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا , وَلَا يُكْرَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَطْئِهِ إِيَّاهَا . ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ . وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ آخَرُونَ , مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ , فَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ مُؤْلِيًا مِنْهَا , إِنْ حَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَهَا , حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا , إِذَا كَانَ بَيْنَهُ , وَبَيْنَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ , فَصَاعِدًا , ذَكَرَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِغَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ , وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمِ الرَّضَاعَ فِي الْجِمَاعِ , وَإِنَّمَا كَرِهَهُ إِشْفَاقًا , ثُمَّ أَطْلَقَهُ , فَكَانَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ لِزَوْجَتِهِ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ مِثْلِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الرَّضَاعِ . وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمٌ , وَهُوَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ : إِنَّ الْغَيْلَ جِمَاعُ الْحَامِلِ لَا جِمَاعُ الْمُرْضِعِ , ذَكَرَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنْهُ , فَأَمَّا مَالِكٌ , فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيهِ : أَنَّهُ جِمَاعُ الْمُرْضِعِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , عَنْ مَالِكٍ . وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ . وَكَانَ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا قَالَهُ اللَّيْثُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِمَّا قَدْ ذَكَرَتْهُ فِي أَشْعَارِهَا , وَمِمَّا قَدْ فَخَرَتْ بِهِ نِسَاؤُهَا . فَأَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ , وَالْيَزِيدِيُّ , وَالْأَصْمَعِيُّ , وَغَيْرُهُمْ : الْغَيْلُ : أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٍ . قَالَ : وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ تَمْدَحُهُ : مَا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وُضْعًا , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تُضْعًا , وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا , وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا , وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا , فَقَوْلُهُمْ : مَا حَمَلَتْهُ وُضْعًا , يُرِيدُ : مَا حَمَلَتْهُ عَلَى حَيْضٍ , وَقَوْلُهُمْ : وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا يَعْنُونَ : أَنْ تُوطَأَ وَهِيَ مُرْضِعٌ , وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا يَعْنُونَ : أَنْ يَخْرُجَ رِجْلَاهُ قَبْلَ يَدَيْهِ فِي الْوِلَادَةِ , يُقَالُ مِنْهُ : مُوتِنٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ كَذَلِكَ , وَلِلْوَلَدِ مُوتَنٌ , وَقَوْلُهُمْ : وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا , وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : وَلَا أَبَاتَتْهُ عَلَى مَأَقَةٍ , فَإِنَّهُ شِدَّةُ الْبُكَاءِ . فَدَلَّ ذَلِكَ فِي الْغَيْلِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِيهِ . وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِبَاحَتِهِ وَطْءَ الْمُرْضِعِ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ , عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي ؟ قَالَ لِمَ ؟ قَالَ : أُشْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا , مَا كَانَ ضَارًّا فَارِسَ وَالرُّومَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيٌّ : فَأَمَّا قَوْلُهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - : إِنَّهُ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ يَقُولُ : يَهْزِمُهُ وَيُطَحْطِحُهُ بَعْدَمَا صَارَ رَجُلًا قَدْ رَكِبَ الْخَيْلَ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ النَّصَارَى لَا يَصْبِغُونَ , فَخَالِفُوهُمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , ح وَحَدَّثَنَا بَحْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , أَخْبَرَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَخَالِفُوا عَلَيْهِمْ فَاصْبِغُوا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , - وَلَمْ يَذْكُرْ سُلَيْمَانَ - , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَخْضِبُونَ , فَخَالِفُوهُمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى كَانُوا لَا يَخْضِبُونَ , فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِي الْبَدْءِ عَلَى مِثْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ , لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْهُ فَكَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ , حَتَّى أَحْدَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ فِي شَرِيعَتِهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مِنَ الْخِضَابِ , فَأَمَرَ بِهِ , وَبِخِلَافِ مَا عَلَيْهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ تَرْكِهِ , وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِاسْتِعْمَالِ الْخِضَابِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ذَلِكَ , فَمِنْ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غَيِّرُوا الشَّيْبَ , وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كُنَاسَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غَيِّرُوا الشَّيْبَ , وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاضْطَرَبَ عَلَيْنَا حَدِيثُ عُرْوَةَ هَذَا فِي إِسْنَادِهِ , فَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ . وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , وَرَوَاهُ ابْنُ كُنَاسَةَ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الزُّبَيْرِ , وَهَذَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ , ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنِ الْأَجْلَحِ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ أَيْضًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , عَنِ الْأَجْلَحِ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ , عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَجَاءَ هَذَا مَجِيئًا صَحِيحًا , لَا اضْطِرَابَ فِيهِ .
وَوَجَدْنَا بَحْرَ بْنَ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ قَالَ : أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ , وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَثَغَامَةٍ بَيْضَاءَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ , وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدِ خَتَنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ , أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَبِي قُحَافَةَ , وَكَأَنَّ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ ثَغَامَةٌ قَالَ : غَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا أَيْضًا مِمَّا جَاءَ مَجِيئًا صَحِيحًا , لَا اضْطِرَابَ فِيهِ .
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ : سُئِلَ أَنَسٌ : هَلِ اخْتَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ رَأَى مِنَ الشَّيْبِ شَيْئًا , وَقَلَّلَهُ
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ خِضَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ شَابَ إِلَّا يَسِيرًا , وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَخْضِبَانِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ . قَالَ : وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ لَأَتَيْنَاهُ , تَكْرِمَةً لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : غَيِّرُوهَا , وَجَنِّبُوهَا السَّوَادَ
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمْ يَبْلُغْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الشَّيْبِ مَا يَخْضِبُهُ , وَلَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ كَانَ يَخْضِبُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ , حَتَّى يَقْنُوَ شَعْرُهُ فَكَانَ هَذَا أَيْضًا قَدْ جَاءَ مَجِيئًا صَحِيحًا لَا اضْطِرَابَ فِيهِ . فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْخِضَابِ , وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ إِخْبَارُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخْضِبُ , فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ , أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ السَّدُوسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ
وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ , عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ عَلَاهُ الشَّيْبُ , فَقَدْ غَيَّرَهُ بِالْحِنَّاءِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِيمَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي رِمْثَةَ مِنْ هَذَا مَا يُخَالِفُ مَا رُوِّينَاهُ فِيهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , وَمَنْ أَثْبَتَ شَيْئًا كَانَ أَوْلَى مِمَّنْ نَفَاهُ , مَعَ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِنَّمَا فِيهِ تَقْلِيلُ شِيبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ , وَمِنْهُ أَيْضًا .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ , عَنْ رَبِيعَةَ , عَنْ أَنَسٍ قَالَ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَيْبُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا عَدَدُهُ , وَقَدْ خَضَّبَهُ خِضَابًا وَقَفَ عَلَيْهِ غَيْرُ أَنَسٍ , وَلَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ أَنَسٌ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ خِضَابًا بِالْحِنَّاءِ , وَلَكِنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُهُ , وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا يَخْفَى , لَا سِيَّمَا عَنْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْإِعْظَامِ وَالْإِجْلَالِ وَالتَّوْقِيرِ , مَا لَا يَتَأَمَّلُهُ مَعَهُ , فَمِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا مِنْهُ .
وَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَخْضِبُ ؟ فَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى مِنَ الشَّيْبِ إِلَّا قَلِيلًا , وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى ذَلِكَ , وَلَكِنْ قَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقَدْ رُوِيَ هَذَا فِيمَا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهِ مِنَ الْخِضَابِ فِيهِ . وَقَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِهِ خِلَافُ ذَلِكَ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ , وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ , وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالُوا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ الْعَجْلَانِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَامِرٍ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُغَيِّرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ , وَرَأَيْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُغَيِّرُ شَيْبَهُ بِشَيْءٍ , وَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ فَهِيَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَلَا أُحِبُّ أَنْ أُغَيِّرَ شَيْبِي إِلَّا أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فِي حَدِيثِهِ : فَلَا أُحِبُّ أَنْ أُغَيِّرَ نُورِي قَالَ : فَفِي هَذَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَرْكُ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ لِلَّذِي حُكِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ , وَذَلِكَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ , هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَدْءِ , ثُمَّ وَقَفَ مِنْ بَعْدُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الْخِضَابِ , فَخَضَبَ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , أَخْبَرَهُ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ , أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , رَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ ؟ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا , فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ , وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ , وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
وَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ , فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا أَيْضًا اسْتِعْمَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الصُّفْرَةَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي اسْتِحْسَانِهِ إِيَّاهَا , وَتَفْضِيلِهِ إِيَّاهَا عَلَى غَيْرِهَا .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ وَهْبٍ الْقُرَشِيِّ , عَنِ ابْنَيْ طَاوُسٍ , عَنْ أَبِيهِمَا طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ قَدْ خَضَبَ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ , فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا , ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بَعْدَهُ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَقَالَ : هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْأَوَّلِ , وَمَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ قَدْ خَضَبَ بِصُفْرَةٍ فَقَالَ : هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ , وَكَانَ طَاوُسٌ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ حُمَيْدٍ , هَكَذَا قَالَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ : وَكَانَ طَاوُسٌ يَخْضِبُ , وَغَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الرَّبِيعِ عَنِ ابْنَيْ طَاوُسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي بَنُو طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِمْ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ : وَكَانَ طَاوُسٌ يَخْضِبُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ الصُّفْرَةِ عَلَى مَا سِوَاهَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُغَيَّرُ بِهَا الشَّيْبُ , وَكُلُّ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُغَيَّرُ بِهَا الشَّيْبُ مِنْ حُمْرَةٍ , وَمِنْ صُفْرَةٍ , فَقَدْ جَاءَتِ الْآثَارُ بِإِبَاحَتِهَا , وَأَمَّا تَغْيِيرُهُ بِالسَّوَادِ , فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي قِصَّةِ أَبِي قُحَافَةَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُمْ أَنْ يُجَنِّبُوهُ السَّوَادَ . فَنَظَرْنَا فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَرِهَ السَّوَادَ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , رَفَعَهُ قَالَ : يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ , لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا كَانَتْ لِذَلِكَ , لِأَنَّهُ أَفْعَالُ قَوْمٍ مَذْمُومِينَ , لَا لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ حَرَامٌ , وَقَدْ خَضَبَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالسَّوَادِ , مِنْهُمْ : عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ .
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ , عَنْ أَبِي عُشَانَةَ قَالَ : كَانَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ , وَيَقُولُ : نُسَوِّدُ أَعْلَاهَا وَتَأْبَى أُصُولُهَا وَلَا خَيْرَ فِي الْأَعْلَى إِذَا فَسَدَ الْأَصْلُ وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : قُلْتُ لِابْنِ لَهِيعَةَ , أَحَدَّثَكُمْ أَبُو عُشَانَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ , فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي عُشَانَةَ , وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ أَبِي عُشَانَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ : لَمْ يَسْمَعِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ أَبِي عُشَانَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَمْ يَسْمَعِ ابْنُ لَهِيعَةَ مِنَ اللَّيْثِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ .
كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ , عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ , وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ , وَقَدِ اخْتَضَبَ بِالسَّوَادِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ : رَأَيْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُطْرَفًا مِنْ خَزٍّ , وَقَدْ خَضَبَ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ نَفْسَ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ إِنَّمَا كُرِهَ خَوْفًا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْمَذْمُومِينَ , لَا لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ حَرَامٌ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ }} قَالَ : خَلَقْنَاكُمْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ , ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ }} قَالَ : خُلِقُوا فِي ظَهْرِ آدَمَ , ثُمَّ صُوِّرُوا فِي الْأَرْحَامِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّصْوِيرِ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي النُّطْفَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ , وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , فِيمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ , وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , ذَكَرَ نَفْخَ الرُّوحِ بَعْدَ التَّصْوِيرِ لِلنُّطْفَةِ , وَبَعْدَمَا يَكُونَ عَلَقَةً , ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً . فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْعَزْلِ ؟ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيُّ , أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ , أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا فَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ , فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوَإِنَّكُمْ تَفْعَلُونَ ذَلِكَ ؟ لَا عَلَيْكُمُ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكُمْ , فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا وَهِيَ خَارِجَةٌ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ , حَدَّثَهُ , أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْعَزْلِ , وَذَلِكَ لِشَأْنِ غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ , فَأَصَابُوا سَبَايَا وَكَرِهُوا أَنْ يَلِدْنَ مِنْهُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْزِلُوا , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدَّرَ مَا هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا , حَدَّثَهُ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ , عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ مُطَرِّفٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَيْبَرَ أَصَبْنَا سَبْيًا , فَكُنَّا نَعْزِلُ عَنْهُنَّ , فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ : أَتَفْعَلُونَ هَذَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى جَنْبِكُمْ لَا تَسْأَلُونَهُ ؟ , فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ , إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ , فَلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْزِلُوا
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْوَدَّاكِ , يُحَدِّثُ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : لَمَّا أَصَبْنَا سَبْيَ خَيْبَرَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ , فَقَالَ : لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ , فَإِذَا كَانَ الْعَزْلُ مُبَاحًا , فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ , وَالْخَلْقُ فَإِنَّمَا يَكُونُ مِنَ النُّطْفَةِ الَّتِي تَصِيرُ إِلَى الرَّحِمِ , فَإِذَا لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ كَانَ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَدَرٌ يَمْنَعُ مِنْ وَلَدٍ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ لَطِيفِ قُدْرَتِهِ قَدْ يَجُوزُ إِذَا كَانَ قَدْ قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَدٌ , أَنْ يُوصِلَ إِلَى الرَّحِمِ مِنْهَا مَا شَاءَ أَنْ يُوصِلَهَ إِلَيْهِ مِنْهَا مَعَ الْعَزْلِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ صَاحِبِهَا لَهَا , فَيَكُونُ مِمَّا يُوَصِّلُهُ إِلَيْهِ الْوَلَدُ الَّذِي قَدْ قَدَّرَ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهَا , وَقَدْ تُوصَلُ بِكَمَالِهَا إِلَى الرَّحِمِ , وَقَدْ سَبَقَ مِنْ تَقْدِيرِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَلَا يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَكَانَ الْوَلَدُ إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّا قَدْ قَدَّرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ , كَانَ مَعَهُ عَزْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَكَانَ الْعَزْلُ قَدْ يَكُونُ , فَيَكُونُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لَطِيفِ قُدْرَتِهِ مَا يُوصِلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْمَعْزُولِ إِلَى الرَّحِمِ مَا يَكُونُ تَخَلَّقُ الْوَلَدِ مِنْهُ , فَصَارَ بِذَلِكَ كُلُّ مَخْلُوقٍ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ , لَا بِنَفْسِ النُّطْفَةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ وَلَا يَكُونُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَلَمْ يَجْعَلْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْعَزْلِ مَعْنًى لِذَلِكَ , وَأَبَاحَهُ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ , وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ غَيْرُ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَدَرًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ فِيهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ جَرْوَلٍ , أَنَّهُ قَالَ : كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ , وَكَانَ صَدِيقًا لِابْنِ مَسْعُودٍ , فَأَتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي دَارِهِ فَلَمْ يُوَافِقْهُ فِي أَهْلِهِ , فَاسْتَأْذَنَ عَلَى أَهْلِهِ , فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ , وَاسْتَسْقَاهُمْ مِنَ الشَّرَابِ , فَبَعَثَتِ الْمَرْأَةُ الْخَادِمَ إِلَى الْجِيرَانِ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ , فَاسْتَبْطَأَتْهَا فَلَعَنَتْهَا , فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ وَجَلَسَ فِي جَانِبِ الدَّارِ , وَجَاءَ أَبُو عُمَيْرٍ فَقَالَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَهَلْ يُغَارُ عَلَى مِثْلِكَ ؟ أَلَا دَخَلْتَ عَلَى ابْنَةِ أَخِيكَ فَسَلَّمْتَ عَلَيْهَا , وَأَصَبْتَ مِنَ الشَّرَابِ ؟ قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ , قَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ , فَسَلَّمْتُ وَاسْتَسْقَيْتُهُمْ , فَإِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَرَابٌ , وَإِمَّا رَغِبُوا فِيمَا عِنْدَهُمْ , فَبَعَثَتِ الْمَرْأَةُ الْخَادِمَ إِلَى الْجِيرَانِ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ , فَاسْتَبْطَأَتْهَا فَلَعَنَتْهَا , وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا وُجِّهَتْ تَوَجَّهَتْ إِلَى مَنْ وُجِّهَتْ إِلَيْهِ , فَإِنْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , أَوْ وَجَدَتْ مَسْلَكًا دَخَلَتْهُ , وَإِلَّا جَأَرَتْ إِلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَتْ : يَا رَبِّ , إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا وَجَّهَنِي إِلَى فُلَانٍ , وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا , فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ فَيُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ , فَخِفْتُ أَنْ تَكُونَ الْخَادِمُ مَعْذُورَةً , فَتَرْجِعَ اللَّعْنَةُ فَأَكُونُ سَبِيلَهَا , فَذَلِكَ الَّذِي أَخْرَجَنِي وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا الْكَيْسَانِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا بَيْنَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَبَيْنَ الْعَيْزَارِ أَحَدًا , وَالْعَيْزَارُ فَرَجُلٌ قَدِيمٌ , فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَخْذِهِ إِيَّاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ حَدَّثَهُ بِهِ عَنْهُ , فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ .
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَيْزَارُ بْنُ جَرْوَلٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرٍ , وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ اللَّهِ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا هِيَ وُجِّهَتْ إِلَى أَحَدٍ تَوَجَّهَتْ , فَإِنْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ , وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَتْ : أَيْ رَبِّ , إِنَّ فُلَانًا وَجَّهَنِي إِلَى فُلَانٍ , وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا , فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْزَارَ إِنَّمَا أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ هَذَا , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا لَعَنَ الْإِنْسَانَ فَكَانَ الْمَلْعُونُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ سَلَكَتْ فِيهِ لَعْنَتُهُ , وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي كَانَتْ مِنْهُ , فَسَلَكْتُ فِيهِ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْكَ فِي كِتَابِكَ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَعَنَتْ بَعِيرَهَا , وَفِي الرَّجُلِ الَّذِي لَعَنَ بَعِيرَهُ , أَمَرَهُ أَنْ لَا يَصْحَبَهُ ذَانِكَ الْبَعِيرَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَا مَلْعُونَيْنِ ؛ وَلَأَنَّ اللَّعْنَ مِنَ اللَّاعِنِ دُعَاءٌ عَلَى مَنْ لَعَنَهُ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَافِقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً نِيلَ فِيهَا عَطَاؤُهُ , فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَاعِنَيْ نَاقَتَيْهِمَا قَدْ وَافَقَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ السَّاعَةَ , فَعَادَتْ نَاقَتَاهُمَا إِلَى مَا عَادَتَا إِلَيْهِ مِنَ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ , وَهُمَا فَلَا ذَنْبَ لَهُمَا , وَلَمْ تَعُدِ اللَّعْنَةُ إِلَى اللَّاعِنِ , فَتَسْلُكَ فِيهِ إِذًا لَمْ تَجِدْ مَسْلَكًا فِي النَّاقَتَيْنِ الْمَلْعُونَتَيْنِ , وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّعْنَ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا ذُنُوبَ لَهَا , وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَيْهَا بِاللَّعْنِ , فَيُرَدُّ ذَلِكَ الدُّعَاءُ مِمَّنْ كَانَ مِنْهُ عُقُوبَةً عَلَيْهِ , فَيُمْنَعُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِمَا لَعَنَهُ , وَيَكُونُ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ , وَأَمَّا مَا لَعَنَهُ بِهَا , فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , بَلْ قَدْ عَادَ مَحْمُولًا عَنْهُ الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ , وَاللَّعْنُ لِلْإِنْسَانِ لَعْنٌ لِمَنْ هُوَ مُتَعَبَّدٌ , وَلِمَنْ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ الْأَخْلَاقُ الْمَذْمُومَةُ , الَّتِي يَكُونُ بِهَا مَلْعُونًا , فَيَكُونُ مَنْ لَعَنَهُ غَيْرَ مُعَنَّفٍ فِي لَعْنِهِ إِيَّاهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ لَعَنَ الظَّالِمِينَ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }} . وَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قُنُوتِهِ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَعَنَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ , وَرِعْلًا , وَذَكْوَانَ , وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَنَائِهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ . وَإِنْ كَانَ الْمَلْعُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لَاعِنَهُ مِمَّنْ قَدْ سَبَّهُ بِأَكْثَرَ مَا يَسُبُّ بِهِ أَحَدٌ , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْعُقُوبَةَ عَلَى سَبِّهِ إِيَّاهُ , فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذَلِكَ عَوْدَ اللَّعْنَةِ إِلَيْهِ , وَسُلُوكَهَا فِيهِ , حَتَّى يَكُونَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَ مِنَ الَّذِي لَعَنَهُ أَنْ يَكُونَ بِهِ بِلَعْنِهِ إِيَّاهُ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ , وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ , فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطِيبًا مَقَامِي هَذَا فِيكُمْ فَقَالَ : اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي خَيْرًا , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ , حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَبْدَأُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا , وَبِالْيَمِينِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا , فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ , وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ , وَلَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا , وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ , وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , فَهُوَ مُؤْمِنٌ هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ , فَقَالَ فِيهِ : بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ قَالَ : وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ , وَقَالَ غَيْرُهُ - كَأَنَّهُ يَعْنِي غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ - : بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ , بِمِصْرَ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ , فَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا رَوَى حَمَّادٌ هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بَيْنَهُمَا أَحَدًا . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ كَذَلِكَ أَيْضًا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : اسْتَوْصُوا بِأَصْحَابِي وَرَوَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَامَ بِالْجَابِيَةِ خَطِيبًا , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ كَذَلِكَ أَيْضًا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ , وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَا : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عُمَرَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , وَزَادَ فِيهِ سَمَاعَ عَبْدِ الْمَلِكِ إِيَّاهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ , قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْطُبُ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَخْطُبُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , فَأَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ رَجُلًا لَمْ يُسَمِّهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ - وَهُوَ النَّحْوِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ رَجُلٍ , سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ : خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالشَّامِ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , بِتَسْمِيَةِ الرَّجُلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَأَنَّهُ مُجَاهِدٌ .
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , مَنْ أَرَادَ بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْفَرْدِ , وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ . . . وَلَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ عُمَرَ هُوَ مَا فِي الْحَدِيثِ خَاصَّةً , وَمَا عِنْدَهُ مِنْ بَقِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُجَاهِدٍ , أَوْ عَنْ غَيْرِهِ , عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ . ثُمَّ وَجَدْنَا إِسْرَائِيلَ بْنَ يُونُسَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ , لَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ .
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَقَامِي فِيكُمُ الْيَوْمَ فَقَالَ : أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا يُسْأَلُهَا , وَحَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُسْتَحْلَفُ , فَمَنْ سَرَّهُ بَحْبَحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْفَذِّ , وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ , لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا , فَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ , وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَرَوَاهُ كَذَلِكُ أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ح , وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ثُمَّ وَجَدْنَا أَبَا الْمُحَيَّاةِ يَحْيَى بْنَ يَعْلَى التَّيْمِيَّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَيَّاةِ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ : خَطَبَنَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ , وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , فَهُوَ مُؤْمِنٌ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ , فَكَانَ قَوْلُهُ : مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ : مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ إِذْ كَانَ يَرْجُو قَبُولَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا مِنْهُ , وَقَوْلُهُ : مَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , إِذْ كَانَ يَخَافُ عُقُوبَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ عَلَيْهَا إِيمَانًا ؛ لِأَنَّ مَنْ رَجَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ الَّذِي رَجَاهُ , وَخَافَ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي خَافَهُ عَلَى الْأَحْوَالِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا أَهْلَ الْحَمْدِ مِنْ خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ : {{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }} , وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي الرَّجَاءِ مِنَ اللَّهِ , وَالْخَوْفِ مِنْهُ , كَانَ مُؤْمِنًا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ : رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا - أَوْ عَمِلْتُ ذَنْبًا - فَاغْفِرْهُ , فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا , فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي , ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ , أَوْ قَالَ : أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ , فَقَالَ : رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا , فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي . ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ , أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ : رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا , فَاغْفِرْهُ لِي , فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي . ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ , أَوْ قَالَ : أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ وَقَالَ : رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا , فَاغْفِرْهُ , فَقَالَ : عَلِمَ عَبْدِي , أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ , وَيَأْخُذُ بِهِ , أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي , فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ , فَكَانَ أَحْسَنَ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِمَّا احْتَمَلَهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْعَبْدَ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ الذُّنُوبُ أَنَّهُ ذَنْبٌ , وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلِمَهُ مِنْهُ , وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ , وَيَعْفُو لَهُ إِنْ شَاءَ إِيمَانًا مِنْهُ بِهِ , وَمَعْقُولٌ أَنَّهُ إِذَا كَانَ خَائِفًا مِنْ عُقُوبَتِهِ جَلَّ وَعَزَّ لِذَلِكَ الذَّنْبِ , وَرَاجِيًا لِمَغْفِرَتِهِ لَهُ عَلَيْهِ , أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ , وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , فَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ , وَاسْتَحَقَّ بِهِ الْإِيمَانَ , وَكَانَ يَعْلَمُهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلِمَ مَا كَانَ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْكُفْرَ , وَهُوَ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ : {{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ }} , ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ : {{ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ }} , فَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ ضِدًّا لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ , فَكَانَ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَافِرًا , فَاسْتَحَقَّ النَّارَ , وَمَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مُؤْمِنًا , فَاسْتَحَقَّ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ بِفَضْلِهِ بِهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ , وَلَمْ تُحْصَنْ , فَقَالَ : إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا , وَلَوْ بِضَفِيرٍ قَالَ مَالِكٌ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ , وَالضَّفِيرُ : الْحَبْلُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ زَيْدٍ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ قَالَ : إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , وَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , وَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , فَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ : فَإِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا , وَلَوْ بِضَفِيرٍ
حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ , وَشِبْلٍ , قَالُوا : كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : جَارِيَتِي زَنَتْ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا , فَإِنْ زَنَتْ فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ , وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ : وَلَمْ تُحْصَنْ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ صَالِحٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ : اجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ بَعْدَ الثَّالِثَةِ , أَوِ الرَّابِعَةِ
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ - يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ , عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ قَالَ : قَالَ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ , وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ , أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ , حَدَّثَهُ , أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ , وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , حَدَّثَاهُ , أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ ؟ قَالَ : فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ , بَعْدَ الثَّالِثَةِ , أَوِ الرَّابِعَةِ . وَالضَّفِيرُ : الْحَبْلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمْرُهُ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ . فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْجَلْدُ ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي الزِّنَى مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ حُكْمَهَا فِيهِ إِذَا كَانَ مِنْهَا , وَقَدْ أُحْصِنَتْ , بِخِلَافِ ذَلِكَ , وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ لِذِكْرِ الْإِحْصَانِ فِيهِ مَعْنًى . وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَيْسَ عَلَى الْمَمْلُوكِينَ , وَلَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ قَطْعٌ , يُرِيدُ أَهْلَ الذِّمَّةِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرٍو مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ , عَنِ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ .
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ إِذَا سَرَقَ قَطْعٌ , وَلَا عَلَى الذِّمِّيِّ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ , وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ : {{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }} , وَهُنَّ الْمَسْبِيَّاتُ , ثُمَّ قَالَ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ }} , وَهَذَا الْحَرْفُ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ , فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالْفَتْحِ , وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ , عَنْ سَعِيدٍ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ , عَنِ النَّخَعِيِّ , أَنَّ مِعْقَلَ بْنَ مُقَرِّنٍ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ : أَمَتِي زَنَتْ ؟ فَقَالَ : اجْلِدْهَا خَمْسِينَ , قَالَ : إِنَّهَا لَمْ تُحْصَنْ , فَقَالَ : أَلَيْسَتْ مُسْلِمَةً ؟ , قَالَ : بَلَى , قَالَ : فَإِسْلَامُهَا إِحْصَانُهَا
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ , عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ زِرٍّ : ( فَإِذَا أَحْصَنَّ ) يَقُولُ : إِذَا أَسْلَمْنَ , وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ مَسْعُودٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنْ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ , عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ , ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ , وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ : بِعْهَا . قَالَ خَلَفٌ : وَكَذَلِكَ يَقْرَؤُهُ الْأَعْمَشُ , وَعَاصِمٌ , وَحَمْزَةُ , وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّمِّ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ }} , وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ , عَنْ هَارُونَ الْأَعْوَرِ , عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ , عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ }} , يَعْنِي بِالزَّوَاجِ وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ نَافِعٌ , وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ , أَوْ كَانَ مِنْهَا مَا يُوجِبُ حَدًّا عَلَى مَنْ سِوَاهَا مِنْ سَرَقَةٍ , وَمِمَّا سِوَاهَا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا الْإِحْصَانُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِقَامَةُ عُقُوبَةٍ مَا أَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَى , وَلَا مِنْ غَيْرِهِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ فِيَ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ , فَأَمَرَ بِجَلْدِهَا , وَفِي أَمْرِهِ بِجَلْدِهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْعُقُوبَةِ فِي الزِّنَى عَلَيْهَا , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ بِجَلْدِهَا . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : أَمَّا أَمْرُهُ بِجَلْدِهَا , فَكَمَا قَدْ ذَكَرْتَ , وَذَلِكَ عَلَى الْأَدَبِ لَا عَلَى الْحَدِّ , وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ حَدًّا , وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ جَلْدًا قَالَ : وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ , وَعَنْ غَيْرِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِغَيْرِ ذِكْرِ حَدٍّ فِيهِ .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ شِبْلَ بْنَ حَامِدٍ الْمُزَنِيَّ , أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الْأُوَيْسِيَّ أَخْبَرَهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِلْوَلِيدَةِ : إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا , ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَالضَّفِيرُ : الْحَبْلُ , فِي الثَّالِثَةِ , أَوِ الرَّابِعَةِ . وَأَخْبَرَهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ . هَكَذَا قَالَ لَنَا يُونُسُ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْحَدِيثِ : شِبْلُ بْنُ حَامِدٍ , وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ خُلَيْدٍ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الْأُوَيْسِيَّ , وَإِنَّمَا هُوَ الْأَوْسِيُّ وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ , عَنِ الزُّبَيْدِيِّ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ شِبْلَ بْنَ خُلَيْدٍ الْمُزَنِيَّ , أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ الْأَوْسِيَّ أَخْبَرَهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَإِنَّمَا الَّذِي فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ جَلْدِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ , إِنَّمَا هُوَ أَدَبٌ لَا حَدٌّ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتٌ مِنَ الْجَلْدِ , وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْحَدِّ ؛ لِأَنَّ الْآدَابَ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَقَادِيرِ الْأَجْرَامِ , وَالْأَجْرَامُ قَدْ تَخْتَلِفُ , فَتَتَفَاضَلُ الْآدَابُ فِيهَا , فَالْقَصْدُ إِلَى مِقْدَارٍ مِنَ الْجَلْدِ دَلِيلٌ أَنَّهُ أُرِيدُ بِهِ الْحَدَّ لَا الْأَدَبَ , وَالَّذِي رُوِيَ مِمَّا فِيهِ ذِكْرُ الْمِقْدَارِ فِي الْجَلْدِ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الْجَوَّابِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلٌ قَالَ : جَارِيَتِي زَنَتْ , فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا , قَالَ : اجْلِدْهَا خَمْسِينَ , ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : عَادَتْ , فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا قَالَ : اجْلِدْهَا خَمْسِينَ , ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : عَادَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا قَالَ : بِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ وَارَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ وَلِيدَتِي زَنَتْ قَالَ : اجْلِدْهَا خَمْسِينَ , قَالَ : فَإِنْ عَادَتْ ؟ قَالَ : فَعُدْ قَالَ : فَإِنْ عَادَتْ ؟ قَالَ : فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ فِي الثَّالِثَةِ , أَوِ الرَّابِعَةِ . وَالضَّفِيرُ : الْحَبْلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالتَّوْقِيتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْجَلْدُ حَدٌّ , لَا مَا سِوَاهُ , وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ أَكْشَفُ مِنْ هَذَا .
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ , وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ , قَالُوا : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ , هَكَذَا قَالَ رَبِيعٌ , وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ , وَأَمَّا بَحْرٌ فَقَالَ : قُرِئَ عَلَى شُعَيْبٍ , ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا : عَنِ اللَّيْثِ , أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ , وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ : ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ , عَنْ مَكْحُولٍ , عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا , فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ ثَلَاثًا , زَادَ قُتَيْبَةُ : وَإِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ . وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ سُفْيَانُ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : يُثَرِّبْ : يُعَيِّرْ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَامَتِ الْحُجَّةُ لَنَا عَلَى مُخَالِفِنَا هَذَا فِي الْجَلْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ , أَنَّهُ الْحَدُّ لَا الْأَدَبُ , وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ عَلَى الْأَمَةِ فِي زِنَاهَا , وَإِنْ لَمْ تُحْصَنِ الْإِحْصَانَ الْمُرَادَ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا , وَقَدْ شَدَّ هَذَا الْمَعْنَى .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ , وَمُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ - يَعْنِي أَبَا حُذَيْفَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ , عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي جَمِيلَةَ الطُّهَوِيِّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : زَنَتْ جَارِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ , فَإِذَا هِيَ لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ , فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ ؟ قَالَ : فَإِذَا طَهُرَتْ , فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَقَالَ : أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ : فَقَالَ الْقَائِلُ الَّذِي ذَكَرْنَا : فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَمَةُ قَدْ كَانَتْ أُحْصِنَتْ قَبْلَ ذَلِكَ , إِمَّا بِتَزْوِيجٍ , وَإِمَّا بِإِسْلَامٍ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ , غَيْرَ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ , بِغَيْرِ ذِكْرِ إِحْصَانٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَا مَلَكَتْ إِيمَانُنَا بِلَا اشْتِرَاطِ إِحْصَانٍ , وَلَا غَيْرِهِ فِيهِمْ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَمْ تُحْصَنْ , فِيمَا رُوِّيتُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّيتُمُوهَا فِي ذَلِكَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي عُقُوبَاتِ الْإِمَاءِ إِذَا زَنَيْنَ هُوَ عَلَى حُكْمِهِنَّ إِذَا لَمْ يُحْصَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ , وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ عُقُوبَةَ الْمُحْصَنِ فِي الزِّنَى أَغْلَظُ مِنْ عُقُوبَةِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ مِنَ الْأَحْرَارِ يُجْلَدُ فِي ذَلِكَ , وَالْمُحْصَنُ فِيهِ مِنْهُمْ يُرْجَمُ , وَالرَّجْمُ أَغْلَظُ مِنَ الْجَلْدِ , فَكَانَ الْحُكْمُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَعْلَمَهُ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , إِلَى أَنْ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي عُقُوبَةِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ هُوَ فِي الزِّنَى الَّذِي يَكُونُ مِنْهَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ , ثُمَّ أَبَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَنَ كَحُكْمِهَا قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا مِنْهُ وَرَحْمَةً , فَقَالَ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ }} يَعْنِي الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْحَرَائِرِ , وَكَانَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ ذَلِكَ كَاشْتِرَاطِهِ فِي قَوْلِهِ : {{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا }} , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رَفْعِ الْجَنَاحِ , وَإِبَاحَةِ الْقَصْرِ إِذَا خِيفَ فِتْنَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا , ثُمَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي جَوَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حِينَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ : صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ , فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ , ح , وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهْ , عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ }} قَالَ : عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ , فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِهَا , فَاقْبَلُوهَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَيْ : أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْضَى لَكُمْ مَا كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكُمْ إِذَا خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ , وَإِنْ أَمِنْتُمْ أَنْ يَفْتِنُوكُمْ , فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمَهُ رَسُولَهُ فِي حَدِّ الْإِمَاءِ فِي الزِّنَى قَبْلَ أَنْ يُحْصَنَّ مِمَّا أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ ، فَكَانَ الْمُنْتَظَرُ فِي حَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُحْصِنَّ مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ , فَتَصَدَّقَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِنَّ , وَرَحِمَهُنَّ , فَجَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ يُحْصَنَّ كَهُوَ قَبْلَ أَنْ يُحْصَنَّ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ , وَلَا تَغْلِيظٍ عَلَيْهِنَّ فِيهِ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا رَدَّهُنَّ إِلَى نِصْفِ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ , وَكَانَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ فِي ذَلِكَ هُوَ الرَّجْمُ , وَالرَّجْمُ لَا نِصْفَ لَهُ أَنْ يَكُونَ , يَجِبُ عَلَيْهِنَّ جَمِيعُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَنَةِ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا }} , ثُمَّ قَالَ فِي الْمَمَالِيكِ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ }} , وَكَانَ الْقَطْعُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِصْفٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ , وَجَبَ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعَبِيدِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجْمُ , لَمَّا كَانَ لَا نِصْفَ لَهُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ يَجِبُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعَبِيدِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ الْمُسْلِمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا , وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُرِدْ بِالْعَبِيدِ فِي ذَلِكَ نِصْفَ الرَّجْمِ الَّذِي لَا نِصْفَ لَهُ , وَلَكِنَّهُ أَرَادَ نِصْفَ الْجَلْدِ الَّذِي لَهُ نِصْفٌ مَعْلُومٌ عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي ذَلِكَ , وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ وَجَبَ بِهِ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الْمَمَالِيكِ فِي الْعُقُوبَاتِ فِي إِتْيَانِ الْفَوَاحِشِ قَبْلَ أَنْ يُحْصَنُوا , وَبَعْدَ أَنْ يُحْصَنُوا , وَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْوِيلِهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْإِمَاءِ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ }} , عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ قَدْ أُحْصِنَ لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُ , وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي رَجْمِهِ الْيَهُودِيَّيْنِ لَمَّا زَنَيَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعُهُ مِمَّا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْعِيدَ , فَلَمَّا صَلَّى قَالَ : إِنَّا نَخْطُبُ , فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَعَقَلْنَا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إِطْلَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِمَنْ شَاءَ مِنَ الْمُصَلِّينَ مَعَهُ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِلِانْصِرَافِ قَبْلَ حُضُورِ خُطْبَتِهِ بَعْدَهَا أَنَّ الْخُطْبَةَ لِلْعِيدِ لَيْسَتْ كَالْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فِي الْجُلُوسِ لَهَا , وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا , وَتَرْكِ اللَّغْوِ فِيهَا , حَتَّى تَنْقَضِيَ , وَأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي خِطْبَةِ الْعِيدِ , وَمَحْظُورٌ فِي خِطْبَةِ الْجُمُعَةِ , وَذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ مَوْعِظَةٌ , وَعَلَى النَّاسِ الِاسْتِمَاعُ إِلَى الْمَوْعِظَةِ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ }} , وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالْمَوْعِظَةِ لَهُمْ , كَانُوا مَأْمُورِينَ بِالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهَا , وَالْإِنْصَاتِ لَهَا , حَتَّى تَقَعَ مِنْهُمُ الْمَوْقِعَ الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا مِنْهُمْ , وَجُعِلَتْ بِذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الصَّلَاةُ الَّتِي بَعْدَهَا , وَهِيَ الْجُمُعَةُ مُضَمَّنَةً بِهَا , فَلَمْ تُجْزِئْ إِلَّا بَعْدَ تَقَدُّمِهَا إِيَّاهَا , وَلَيْسَتْ خُطْبَةُ الْعِيدِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْعِظَةً يُوعَظُونَ بِهَا , فَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الِاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا , وَالْإِنْصَاتُ لَهَا , وَلَكِنَّهَا تَعْلِيمٌ لَهُمْ مَا يَخْطُبُ بِهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا , فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَعْلَمُونَهُ فِيهَا فِي يَوْمِ الْفِطْرِ مِنْ إِخْرَاجِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا , وَمِنَ الْمِقْدَارِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا , وَمِنَ الْوَقْتِ الَّذِي يُخْرِجُونَهَا فِيهِ , وَمَنْ يُعْطَوْنَهُ إِيَّاهَا مِنَ النَّاسِ . وَمِنْ ذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَمْرُهُ إِيَّاهُمْ بِالنَّحْرِ , وَمَا يَنْحَرُونَهُ فِيهِ , وَالْأَجْنَاسُ الَّتِي يَنْحَرُونَ مِنْهَا , وَمَا يَسْتَعْمِلُونَ فِيهِ مِمَّا يُضَحُّونَ بِهِ الذَّبْحَ , وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِيهَا , وَمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُضَحُّوا بِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْعُيُوبِ مِنْهَا , وَتِلْكَ الْعُيُوبُ الَّتِي يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا مَا هِيَ , وَذَلِكَ مِمَّا يَغْنَى عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لِعِلْمِهِمْ بِهِ , وَلِأَخْذِ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ مَنْ يَخْطُبُ بِهِ عَلَيْهِمْ , فَفَرْقٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِهَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي يَتَبَايَنَانِ بِهَا , وَجُعِلَتْ خُطْبَةُ الْعِيدِ كَخُطْبَةِ الْحَجِّ الَّتِي يُعَلِّمُ الْإِمَامُ النَّاسَ فِيهَا مَا يَصْنَعُونَهُ فِي حَجِّهِمْ , وَمَا يَجْتَنِبُونَهُ فِيهِ , وَذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي السَّعَةِ لِلنَّاسِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ , وَتَرْكِ الِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ , أَنْمَارَ غَطَفَانَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ , فَتَسَارَعَ النَّاسُ إِلَى أَهْلِ الْحِجْرِ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ , وَنُودِيَ فِي النَّاسِ : الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ , فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ مُمْسِكٌ بَعِيرَهُ فَقَالَ : عَلَامَ تَدْخُلُونَ عَلَى قَوْمٍ قَدْ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ ؟ , فَنَادَاهُ رَجُلٌ : نَعْجَبُ مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَا أُخْبِرُكُمُ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ , رَجُلٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ يُخْبِرُكُمْ بِمَا كَانَ قَبْلَكُمْ , وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ , فَاسْتَقِيمُوا وَسَدِّدُوا , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْبَأُ بِعَذَابِكُمْ شَيْئًا , ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ لَا يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ شَيْئًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلنَّاسِ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ دَخَلُوا عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ قَدْ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ , وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَهُ : إِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ لِلتَّعَجُّبِ مِنْهُمْ , وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْمَدْ مِنْهُمْ دُخُولَهُمْ عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ , فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُمْ عَلَيْهِمْ عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ غَيْرَ مُطْلَقٍ لَهُمْ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُطْلَقٍ لَهُمْ لِلتَّعَجُّبِ لَهُمْ , وَمُطْلَقًا لَهُمْ لِمَا سِوَاهُ , فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ .
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , وَهُوَ يَذْكُرُ الْحِجْرَ مَسَاكِنَ ثَمُودَ قَالَ : قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : مَرَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْحِجْرِ , فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ , ثُمَّ زَجَرَ , فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا
وَوَجَدْنَا نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَصْحَابِ الْحِجْرِ : لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ , فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ؛ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِطْلَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلنَّاسِ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ بَاكِينَ ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ اعْتِبَارًا مِنْهُمْ , وَحَذَرًا لِلْخِلَافِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ فَيَنْزِلَ بِهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا نَزَلَ بِهِمْ , فَبَانَ بِمَا ذَكَرْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنِعْمَتِهِ , أَنَّ الَّذِيَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مَا فِي الْجِنْسِ الْآخَرِ مِنْهُمَا , وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مُضَادٍّ لِلْآخَرِ مِنْهُمَا , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ , وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ , جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : قَالَ لِيَ الْحَسَنُ : سَلْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قُدَامَةَ بْنِ صَخْرٍ الْعُقَيْلِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ : فَلَقِيتُهُ عِنْدَ بَابِ الْإِمَارَةِ , فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ : زَعَمَ أَبُو ذَرٍّ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ , فَأَتَوْا عَلَى وَادٍ , فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّكُمْ بِوَادٍ مَلْعُونٌ , فَرَكِبَ فَرَسَهُ فَدَفَعَ , وَدَفَعَ النَّاسُ , ثُمَّ قَالَ : مَنْ كَانَ قَدِ اعْتَجَنَ عَجِينَةً فَلْيُظْفِرْهَا بَعِيرَهُ , وَمَنْ كَانَ طَبَخَ قِدْرًا فَلْيَكْفَأْهَا وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَفَهْدٍ , عَنْ مُسْلِمٍ , عَنْ حَمَّادٍ , بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ قَالَ : - وَكَانَ السَّعْدِيُّ امْرَأَ صِدْقٍ - , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَتَى عَلَى مَسَاكِنِ ثَمُودَ فَقَالَ : اخْرُجُوا اخْرُجُوا , فَإِنَّهُ وَادٍ مَلْعُونٌ ؛ خَشْيَةَ أَنْ لَا تَخْرُجُوا حَتَّى يُصِيبَكُمْ كَذَا وَكَذَا وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ النَّاسَ فِيمَا كَانُوا عَجَنُوا مِنْ مَاءِ ذَلِكَ الْوَادِي , مِثْلُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رُوِّينَا .
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ قَالَ : لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحِجْرَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ طَعَامًا فَلْيُلْقِهِ , فَمِنْهُمْ مَنْ عَجَنَ عَجِينًا , وَمِنْهُمْ مِنْ حَاسَ الْحَيْسَ وَأَلْقَوْهُ
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ الْحِجْرَ قَالَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَجَنَ عَجِينًا , أَوْ حَاسَ حَيْسًا مِنْ هَذَا الْمَاءِ , فَلْيُلْقِهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ قَالَ : لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحِجْرَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ طَعَامًا فَلْيُلْقِهِ , فَمِنْهُمْ مَنْ عَجَنَ الْعَجِينَ , وَمِنْهُمْ مَنْ حَاسَ الْحَيْسَ , فَأَلْقَوْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا غَضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي كَانَ مِنْ عُقُوبَتِهِ إِيَّاهُمْ أَنْ جَعَلَ مَاءَهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ , وَيُضَرُّ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي غُضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي مِنْ أَجْلِهَا , وَخَوْفًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى ذُنُوبِهِمُ الَّتِي قَدْ سَلَفَتْ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا ذَوُو ذُنُوبٍ , وَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ مُخْتَلِفَةً , وَالْعُقُوبَاتُ عَلَيْهَا مُخْتَلِفَةً , فَأَمَرَهُمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيمَا عَجَنُوهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَنْ لَا يَأْكُلُوهُ , وَأَبَاحَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ إِبِلَهُمُ الَّتِي لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا , وَلَا ذُنُوبَ لَهَا , ثُمَّ تَأَمَّلْنَا سُرْعَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي حَتَّى جَاوَزَهُ , فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِيَقْتَدُوا بِهِ فَيُسْرِعُوا لِسُرْعَتِهِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي خَوْفًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْاخَذُوا بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ , كَمَا أُخِذَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ وَصْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ الْوَادِيَ بِاللَّعْنِ , فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى إِرَادَتِهِ بِذَلِكَ أَهْلَ الْوَادِي الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ مَا غَضِبَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِهِ , فَلَعَنَهُمْ لِذَلِكَ . وَذُكِرَ الْوَادِي بِتِلْكَ اللَّعْنَةِ , وَالْمُرَادُ أَهْلَهُ دُونَهُ , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ }} لِأَنَّ الْقَرْيَةَ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ شَيْئًا , وَإِنَّمَا أَهْلُهَا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَصْنَعُونَ مَا أُهْلِكُوا بِهِ , ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا دَلَّ عَلَى مُرَادِهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ لَا قَرْيَتَهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ }} , يَعْنِي بِذَلِكَ رَسُولَهُ إِلَيْهِمْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنْ قَائِلِيهِ : {{ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا }} , يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ , فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِذَلِكَ الْوَادِي : هَذَا وَادٍ مَلْعُونٌ , هُوَ عَلَى أَهْلِهِ , لَا عَلَى الْوَادِي نَفْسِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ .
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ , عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو , أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سَفَرٍ , فَمَرُّوا بِقَبْرِ أَبِي رِغَالٍ فَقَالَ : هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ , وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ , وَكَانَ امْرَأً مِنْ ثَمُودَ , وَكَانَ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ , فَلَمَّا أَهْلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْمَهُ بِمَا أَهْلَكَهُمْ بِهِ , مَنَعَهُ لِمَكَانِهِ مِنَ الْحَرَمِ , وَإِنَّهَ خَرَجَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ هَاهُنَا مَاتَ , فَدُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ , فَابْتَدَرْنَاهُ , فَاسْتَخْرَجْنَاهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ كُنْتُ أَنَا بَعْدُ سَمَاعِي هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ نَظَرْتُ فِي كِتَابِي فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ذِكْرًا , فَدَخَلَ قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ , فَذَكَرْتُهُ لِأَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيِّ , فَقَالَ لِي : هُوَ كَمَا حَفِظْتَ , فَقُلْتُ لَهُ : فَعَنْ مَنْ أَخَذْتَهُ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : عَنْ أَبِي حَفْصٍ - يَعْنِي عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ - , عَنِ الرِّيَاحِيِّ , قُلْتُ لَهُ : عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , فَقَالَ : نَعَمْ , عَنْ يَزِيدَ .
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ الْمَدِينِيُّ أَبُو الْحَسَنِ , وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ , يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ , عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ , فَقَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجْنَا إِلَى الطَّائِفِ فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ , وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ , وَكَانَ مِنْ ثَمُودَ , وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ , فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ بِهَذَا الْمَكَانِ , وَدُفِنَ فِيهِ , وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ , فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ , فَاسْتَخْرَجُوا مَعَهُ الْغُصْنَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ , فَوَجَدْنَا فِيهِ إِخْبَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ النَّاسَ بِأَنَّ أَبَا رِغَالٍ كَانَ مِنْ ثَمُودَ , وَأَنَّهُ مِمَّنْ مَنَعَهُ حَرَمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا أَصَابَ بِهِ غَيْرَهُ مِنْ ثَمُودَ مِنَ النِّقْمَةِ , وَقَدْ عَقَلْنَا أَنَّ مَنَازِلَ ثَمُودَ لَمْ تَكُنْ فِي الْحَرَمِ , وَأَنَّهَا كَانَتْ فِيمَا سِوَاهُ , مِنْ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ , وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ فَدَخَلَهُ , فَمَنَعَهُ مِمَّا نَزَلَ بِغَيْرِهِ مِنْ ثَمُودَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُما فِي هَذَا الْبَابِ , أَنَّ مَسْكَنَهُ كَانَ فِي الْحَرَمِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَسْكَنُهُ فِي الْحَرَمِ , وَكَانَ مَعَ ثَمُودَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالْخُرُوجِ عَنْ أَمْرِهِ , فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْوَعِيدُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَخَافَ أَنْ يَلْحَقَهُ ذَلِكَ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ , لَجَأَ إِلَى مَسْكَنِهِ فِي الْحَرَمِ , فَدَخَلَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَرَمَ فَمَنَعَهُ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قِصَّةِ أَبِي رِغَالٍ أَيْضًا مَا يُوَافِقُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ مِمَّا ذَكَرْنَا .
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالْحِجْرِ فَقَالَ : لَا تَسْأَلُوا الْآيَاتِ , فَإِنَّ قَوْمَ صَالِحٍ سَأَلُوا , فَكَانَتْ تَرِدُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ , وَتَصْدُرُ مِنْ هَذَا الْفَجِّ , يَعْنِي النَّاقَةَ , فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَعَقَرُوهَا , وَكَانَتْ تَشْرَبُ مَاءَهُمْ يَوْمًا , وَيَشْرَبُونَ لَبَنَهَا يَوْمًا , فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةٌ أَهْمَدَتْ مَنْ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا , كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ , فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : أَبُو رِغَالٍ , فَدُفِنَ هَاهُنَا وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ خُثَيْمٍ , عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ , غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : إِلَّا رَجُلًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ , فَمَنَعَهُ حَرَمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ , عَنِ ابْنِ سَابِطٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ , وَهُوَ فِي الْحِجْرِ : هَؤُلَاءِ قَوْمُ صَالِحٍ , أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , إِلَّا رَجُلًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ , قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : أَبُو رِغَالٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَإِذَا كَانَ الْحَرَمُ يَمْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي مَعَهَا تَلَفُ الْأَنْفُسِ , كَانَ فِي الْإِسْلَامِ مِمَّنْ مِثْلُ ذَلِكَ أَمْنَعَ , وَشَدَّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فِيمَنْ أَصَابَ حَدًّا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أَصَابَ حَدًّا فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ , وَإِنْ أَصَابَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ لَمْ يُكَلَّمْ , وَلَمْ يُجَالَسْ , وَلَمْ يُبَايَعْ , حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ , فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِيمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ , ثُمَّ لَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ : لَمْ يُكَلَّمْ , وَلَمْ يُبَايَعْ , وَلَمْ يُؤْذَ , حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ , فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ , أُخِذَ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ , وَمَا أَحْدَثَ فِي الْحَرَمِ , أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا أَحْدَثَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ قَالَ : حَدَّثَنِي عَطَاءٌ , أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا }} : الرَّجُلُ يُصِيبُ الْحَدَّ ثُمَّ يَدْخُلُهُ , فَلَا يُبَايَعُ , وَلَا يُجَالَسُ , وَلَا يُؤْوَى , وَلَا يُكَلَّمُ , حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ , فَيُتْبَعَ فَيُؤْخَذَ , فَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ : وَقَالَ لِي عَطَاءٌ : إِنْ قَذَفَ فِيهِ أَوْ سَرَقَ , أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ , وَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ , ثُمَّ لَجَأَ , يَعْنِي إِلَيْهِ , لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : لَوْ وَجَدْتُ قَاتِلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْحَرَمِ مَا هِجْتُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ خَالَفَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَلِكَ , وَكَانَ مِنْهُ .
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ , عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : كَانَ سَعِيدٌ مَوْلَى مُعَاوِيَةَ , وَأَصْحَابٌ لَهُ فِي الطَّائِفِ مُتَحَصِّنِينَ فِي قَلْعَةٍ , فَاسْتُنْزِلُوا مِنْهَا , فَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ بِمَكَّةَ , فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ النَّفَرِ ؟ , فَقَالَ : أَرَى أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ , فَإِنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا إِذْ أَدْخَلْتَهُمُ الْحَرَمَ , فَقَالَ : لَا , نُخْرِجُهُمْ مِنَ الْحَرَمِ , ثُمَّ نَقْتُلُهُمْ , قَالَ : فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تُدْخِلَهُمْ , فَأَخْرَجَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَصَلَبَهُمْ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ لَقِيتُ قَاتِلَ أَبِي فِي الْحَرَمِ مَا هِجْتُهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَنَّ الْحَرَمَ قَدْ أَجَارَ الْقَوْمَ الَّذِينَ أُدْخِلُوهُ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ , وَلَكِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْهُ , فَيُقَامَ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِهِ , فَكَانَ بِمَذْهَبِهِ أَنْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِيهِ مُوَافِقًا لِابْنِ عَبَّاسٍ , وَكَانَ فِي قَوْلِهِ : أَنَّهُمْ يُخْرَجُونَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ , مُخَالِفًا لَهُ فِي ذَلِكَ , وَكَانَ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ أَوْلَى عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ تُوجُبُ ذَلِكَ وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا }} , وَكَانَ أُولَئِكَ النَّفْرُ قَدْ دَخَلُوهُ , فَأَمِنُوا بِدُخُولِهِمْ إِيَّاهُ , وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لَمْ يَجْعَلْ رُجُوعَهُمُ الْحَرَمَ أَمَانًا لَهُمْ , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ دُخُولُهُمْ إِيَّاهُ بِاخْتِيَارِهِمْ لِذَلِكَ , وَإِنَّمَا كَانَ بِفِعْلِ غَيْرِهِمْ إِيَّاهُ بِهِمْ , لِأَنَّ دُخُولَهُمْ إِيَّاهُ بِاخْتِيَارِهِمْ طَلَبًا لِلْأَمَانِ بِهِ مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَهُ , وَإِدْخَالُ غَيْرِهِمْ إِيَّاهُمْ إِيَّاهُ لَيْسَ فِيهِ طَلَبٌ مِنْهُمْ لِلْأَمَانِ بِهِ مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَهُ , فَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ ذَلِكَ الدُّخُولُ مِمَّا كَانُوا يَخَافُونَهُ , فَيَعُودُ مَعْنَى مَا كَانَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا لَا خِلَافَ فِيهِ , لِمَا كَانَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ . فَقَالَ قَائِلٌ : إِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا }} عَلَى الصَّيْدِ , لَا عَلَى مَا سِوَاهُ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا جَهْلٌ شَدِيدٌ مِنْهُ بِاللُّغَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ , لَكَانَتْ : وَمَا دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ؛ لِأَنَّ : مَنْ , لَا يَكُونُ إِلَّا لِبَنِي آدَمَ , وَيَكُونُ لِمَنْ سِوَاهُمْ مَكَانَهَا : مَا , كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ }} , فِي أَمْثَالٍ لِهَذَا فِي الْقُرْآنِ يَطُولُ ذِكْرُهَا , وَكَانَتْ : مَنْ , مُسْتَعْمَلَةً فِي بَنِي آدَمَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ }} , وَكَقَوْلِهِ : {{ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا }} , وَكَقَوْلِهِ : {{ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ }} , وَأَشْبَاهٌ لِهَذَا كَثِيرَةٌ , إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا جَاءَ فِي بَنِي آدَمَ اسْتِعْمَالُ : مَا , مَكَانَ : مَنْ , مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }} , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ }} , فِي مَعْنَى : وَوَالِدٍ وَمَنْ وَلَدَ , فَكَانَتْ : مَا , قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي بَنِي آدَمَ مَكَانَ : مَنْ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَقِلُّ اسْتِعْمَالُهُمْ إِيَّاهُ , وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَعْمِلُونَ فِي غَيْرِ بَنِي آدَمَ : مَنْ , مَكَانَ : مَا , فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ , فَلَمَّا كَانَتْ : مَنْ , لِبَنِي آدَمَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ , كَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا }} عَلَى بَنِي آدَمَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ , وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَدْ قَالَ بِهِ بَعْدَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ , وَزُفَرُ . كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ , عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ , عَنْ زُفَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ . قَالَ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا يُجِيرُ الْحَرَمُ ظَالِمًا وَكَانَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَزُفَرُ , وَمُحَمَّدٌ , مِمَّا وَافَقَهُمْ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ لَمَّا , قَدْ تَقَدَّمَهُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , وَمِمَّا وَافَقَهُمَا فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا وَافَقَهُمَا فِيهِ مِنْهُ , وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لَهُمْ , وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بَلُغَتِهِمْ , وَهُمُ الْعَالِمُونَ بِمَا خُوطِبُوا بِهِ فِيهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ نَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ : لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ , فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا أَخْبَرَنَا يُونُسُ هَذَا الْحَدِيثَ .
وَقَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ , لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعَدَدَ ثَلَاثِينَ فَاخْتَلَفَ ابْنُ وَهْبٍ , وَالشَّافِعِيُّ , عَلَى مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , فَرَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ , فَالْتَمَسْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِيَّاهُ عَنْهُ كَيْفَ هُوَ ؟
فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً , وَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ فَكَانَ مَا رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَلَيْهِ , عَنْ مَالِكٍ مُوَافِقًا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ عَلَيْهِ , وَمُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ عَلَيْهِ , فَكَانَ اثْنَانِ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ , لَا سِيَّمَا وَالَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَاهُ سَالِمٌ , وَنَافِعٌ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَيْهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَاقْدُرُوا لَهُ , مَا مُرَادُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهِ , فَكَانَ أَحْسَنَ مَا سَمِعْنَاهُ فِي ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ }} , فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَدَّرَهُ مَنَازِلَ يَجْرِي عَلَيْهَا , فَكَانَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَجْرَاهُ عَلَى أَنْ جَعَلَ مَا يَجْرِي فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ مَنْزِلَةً وَاحِدَةً , وَهِيَ سِتَّةُ أَسْبَاعِ سَاعَةٍ ؛ لِأَنَّ مَنَازِلَ اللَّيْلِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مَنْزِلَةً , وَسَاعَاتُهُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَاعَةً , فَمَدَى كُلِّ مَنْزِلَةٍ سِتَّةُ أَسْبَاعِ سَاعَةٍ , فَيَجْرِي كَذَلِكَ إِلَى ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً يَسْتَسِرُّ , فَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ اسْتَسَرَّ لَيْلَتَيْنِ , وَإِنْ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ اسْتَسَرَّ لَيْلَةً وَاحِدَةً , فَكَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْنَا ثُمَّ طَلَعَ , نَظَرْنَا إِلَى سُقُوطِهِ , فَإِنْ كَانَ لِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ , عَلِمْنَا أَنَّهُ لِلَيْلَتِهِ , وَإِنْ كَانَ لِمَنْزِلَتَيْنِ , عَلِمْنَا أَنَّهُ لِلَيْلَتَيْنِ , وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ بَيْنَهُمَا يَوْمًا , وَأَنَّ عَلَيْنَا قَضَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمِ , إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ , وَكَانَ هَذَا الِاعْتِبَارُ مِمَّا لَا يَتَسَاوَى بِهِ النَّاسُ , وَإِنَّمَا مَنْ تَعَلَّمَهُ مِنْهُمْ قَلِيلٌ , وَيَخْفَى عَلَى أَكْثَرِهِمْ , ثُمَّ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَا يَتَسَاوُونَ فِيهِ جَمِيعًا , فَلَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ فِي عِلْمِهِ بَعْضًا , بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا هُوَ نَاسِخٌ لِذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ , فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَوِ ابْنَ حُنَيْنٍ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّحِيحُ : ابْنُ حُنَيْنٍ - يَقُولُ : سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَعَجَّبُ مِمَّنْ يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُنَيْنٍ , أَخْبَرَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْنٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , ح وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ , ثُمَّ اجْتَمَعَا , فَقَالَا : عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ , عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ : رَأَيْنَا هِلَالَ رَمَضَانَ , فَأَرْسَلْنَا رَجُلًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ , فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ مَدَّهُ لِرُؤْيَتِهِ , فَإِذَا غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ , ح وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ , ثُمَّ اجْتَمَعَا , فَقَالَا : أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ , وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ , فَإِنْ حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ , أَوْ ظُلْمَةٌ , أَوْ غَيَابَةٌ , فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ , وَعَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَا : أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ رِبْعِيٍّ , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ قَبْلَهُ , ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوَا الْهِلَالَ , أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ رِبْعِيٍّ , عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ سَعِيدٍ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , وَالْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا رَوْحٌ , وَقَالَ الْحَسَنُ : أَخْبَرَنَا رَوْحٌ قَالَ : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ , سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا , إِلَّا أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَقُلْ : يَوْمًا
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ , عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَصُمْ ثَلَاثِينَ , إِلَّا أَنْ تَرَى الْهِلَالَ قَبْلَ ذَلِكَ
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ , عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ الْيَوْمَ الَّذِي يُخْتَلَفُ فِيهِ : تَقُولُ فِرْقَةٌ : مِنْ شَعْبَانَ , وَتَقُولُ فِرْقَةٌ : مِنْ رَمَضَانَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ هِيَ النَّاسِخَةُ لِلْآثَارِ الْأُوَلِ , وَعَلَيْهَا جَرَى النَّاسُ , وَمِمَّا يُحَقِّقُ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , أَنَّهُ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ , وَالْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ , كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا عَنْهُ , مُوَافَقَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ لَهُمَا , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي ذَلِكَ .
كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ , أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا , وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا , فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ وَقَدْ وَجَدْنَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا . حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ أَيُّوبَ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَوَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ أَيْضًا . كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ , عَنْ نَافِعٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ حَقِيقَةَ مَا حَدَّثَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ , لَا اخْتِلَافَ عَلَيْهِ فِيهِ , أَنَّهُ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ سَالِمٌ , وَنَافِعٌ , وَكَمَا رَوَاهُ مَنْ رَوَاهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ مُوَافِقًا لِذَلِكَ لَا مُخَالِفًا لَهُ , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .