عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : لَمَّا أَصَبْنَا سَبْيَ خَيْبَرَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ , فَقَالَ : " لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ "
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , عَنْ شُعْبَةَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْوَدَّاكِ , يُحَدِّثُ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : لَمَّا أَصَبْنَا سَبْيَ خَيْبَرَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ , فَقَالَ : لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ , وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ , فَإِذَا كَانَ الْعَزْلُ مُبَاحًا , فَكَيْفَ جَازَ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ , وَالْخَلْقُ فَإِنَّمَا يَكُونُ مِنَ النُّطْفَةِ الَّتِي تَصِيرُ إِلَى الرَّحِمِ , فَإِذَا لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ كَانَ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَدَرٌ يَمْنَعُ مِنْ وَلَدٍ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ لَطِيفِ قُدْرَتِهِ قَدْ يَجُوزُ إِذَا كَانَ قَدْ قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَدٌ , أَنْ يُوصِلَ إِلَى الرَّحِمِ مِنْهَا مَا شَاءَ أَنْ يُوصِلَهَ إِلَيْهِ مِنْهَا مَعَ الْعَزْلِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ صَاحِبِهَا لَهَا , فَيَكُونُ مِمَّا يُوَصِّلُهُ إِلَيْهِ الْوَلَدُ الَّذِي قَدْ قَدَّرَ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهَا , وَقَدْ تُوصَلُ بِكَمَالِهَا إِلَى الرَّحِمِ , وَقَدْ سَبَقَ مِنْ تَقْدِيرِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَلَا يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَكَانَ الْوَلَدُ إِنَّمَا يَكُونُ مِمَّا قَدْ قَدَّرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ , كَانَ مَعَهُ عَزْلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ , وَكَانَ الْعَزْلُ قَدْ يَكُونُ , فَيَكُونُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ لَطِيفِ قُدْرَتِهِ مَا يُوصِلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ الْمَعْزُولِ إِلَى الرَّحِمِ مَا يَكُونُ تَخَلَّقُ الْوَلَدِ مِنْهُ , فَصَارَ بِذَلِكَ كُلُّ مَخْلُوقٍ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ , لَا بِنَفْسِ النُّطْفَةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ وَلَا يَكُونُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهَا وَلَدٌ , فَلَمْ يَجْعَلْ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْعَزْلِ مَعْنًى لِذَلِكَ , وَأَبَاحَهُ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ , وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ غَيْرُ أَنَّهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَدَرًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ فِيهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .