" مَاتَ ذُو قَرَابَةٍ لِي , وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ , فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَتِي , فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ , فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ , قِيلَ لِي : قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , فَسَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : " إِنْ كُنْتَ حَلَفْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ , فَقَدْ بَانَتِ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ "
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ , عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : مَاتَ ذُو قَرَابَةٍ لِي , وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ , فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَتِي , فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ , فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ , قِيلَ لِي : قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , فَسَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ حَلَفْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ , فَقَدْ بَانَتِ مِنْكَ امْرَأَتُكَ , وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى , فَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ امْرَأَتَهُ , وَهِيَ تُرْضِعُ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا , فَأَبَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَطَلَبَتْ مِنْهُ وَطْأَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ : لَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ حُجَّةً , وَلَا يُكْرَهُ عَلَى ذَلِكَ , كَانَتْ فِيهِ يَمِينٌ , أَوْ لَمْ تَكُنْ , وَأَرَى قَوْلَ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ يُعْجِبُنِي , وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ . فَقَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ , وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَمَّ بِذَلِكَ , حَتَّى ذَكَرَ أَنَّ فَارِسَ , وَالرُّومَ يَفْعَلُونَهُ , فَكَفَّ عَنْهُ , فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقْضَى لَهَا بِهِ , وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِضْرَارِ , وَلَيْسَ هَذَا مُضَارًّا , إِنَّمَا يُرِيدُ اسْتِصْلَاحَ وَلَدِهِ , فَلَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا , وَلَا يُكْرَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَطْئِهِ إِيَّاهَا . ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ . وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ آخَرُونَ , مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ , فَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ مُؤْلِيًا مِنْهَا , إِنْ حَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَهَا , حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا , إِذَا كَانَ بَيْنَهُ , وَبَيْنَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ , فَصَاعِدًا , ذَكَرَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِغَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ , وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يُحَرِّمِ الرَّضَاعَ فِي الْجِمَاعِ , وَإِنَّمَا كَرِهَهُ إِشْفَاقًا , ثُمَّ أَطْلَقَهُ , فَكَانَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ لِزَوْجَتِهِ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ مِثْلِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الرَّضَاعِ . وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمٌ , وَهُوَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ : إِنَّ الْغَيْلَ جِمَاعُ الْحَامِلِ لَا جِمَاعُ الْمُرْضِعِ , ذَكَرَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنْهُ , فَأَمَّا مَالِكٌ , فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيهِ : أَنَّهُ جِمَاعُ الْمُرْضِعِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , عَنْ مَالِكٍ . وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ , عَنْ مَالِكٍ . وَكَانَ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا قَالَهُ اللَّيْثُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِمَّا قَدْ ذَكَرَتْهُ فِي أَشْعَارِهَا , وَمِمَّا قَدْ فَخَرَتْ بِهِ نِسَاؤُهَا . فَأَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ , وَالْيَزِيدِيُّ , وَالْأَصْمَعِيُّ , وَغَيْرُهُمْ : الْغَيْلُ : أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٍ . قَالَ : وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ تَمْدَحُهُ : مَا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وُضْعًا , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تُضْعًا , وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا , وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا , وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا , فَقَوْلُهُمْ : مَا حَمَلَتْهُ وُضْعًا , يُرِيدُ : مَا حَمَلَتْهُ عَلَى حَيْضٍ , وَقَوْلُهُمْ : وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا يَعْنُونَ : أَنْ تُوطَأَ وَهِيَ مُرْضِعٌ , وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا يَعْنُونَ : أَنْ يَخْرُجَ رِجْلَاهُ قَبْلَ يَدَيْهِ فِي الْوِلَادَةِ , يُقَالُ مِنْهُ : مُوتِنٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ كَذَلِكَ , وَلِلْوَلَدِ مُوتَنٌ , وَقَوْلُهُمْ : وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا , وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : وَلَا أَبَاتَتْهُ عَلَى مَأَقَةٍ , فَإِنَّهُ شِدَّةُ الْبُكَاءِ . فَدَلَّ ذَلِكَ فِي الْغَيْلِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِيهِ . وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إِبَاحَتِهِ وَطْءَ الْمُرْضِعِ .