عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , أَنَّ جَارِيَةً , بَيْنَا هِيَ عَلَى بَعِيرٍ , أَوْ رَاحِلَةٍ , عَلَيْهِ بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ , فَأَتَتْ عَلَى جَبَلٍ فَتَضَايَقَ بِهَا الْجَبَلُ , فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْصَرَتْهُ , فَجَعَلَتْ تَقُولُ : حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ ؟ لَا يَصْحَبْنَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللَّهِ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ أَبِي بَرْزَةَ , أَنَّ جَارِيَةً , بَيْنَا هِيَ عَلَى بَعِيرٍ , أَوْ رَاحِلَةٍ , عَلَيْهِ بَعْضُ مَتَاعِ الْقَوْمِ , فَأَتَتْ عَلَى جَبَلٍ فَتَضَايَقَ بِهَا الْجَبَلُ , فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَبْصَرَتْهُ , فَجَعَلَتْ تَقُولُ : حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , حَلْ , اللَّهُمَّ الْعَنْهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ ؟ لَا يَصْحَبْنَا بَعِيرٌ أَوْ رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ كَمَا قَالَ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّعْنَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ , وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) , فَكَانَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ طَرْدَهُمْ عَنْهُ , وَإِبْعَادَهُمْ مِنْهُ . كَمَا حَدَّثَنَا وَلَّادٌ النَّحْوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَصَادِرِيُّ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى : لَعَنَهُمُ اللَّهُ : أَيْ أَطْرَدَهُمُ اللَّهُ وَأَبْعَدَهُمْ , يُقَالَ : ذِئْبٌ لَعِينٌ ؛ أَيْ : مَطْرُودٌ . قَالَ شَمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ مَقَامَ الذِّئْبِ كَالرَّجُلِ اللَّعِينِ فَكَانَ قَوْلُهَا ذَلِكَ - أَعْنِي : لَعَنَهَا اللَّهُ - لِنَاقَتِهَا ؛ أَيْ : أَطْرَدَهَا اللَّهُ , وَأَبْعَدَهَا عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ مِنْهَا عَلَيْهَا بِذَلِكَ , فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَافَقَ مِنْهَا وَقْتًا يُنِيلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ عَطَاءَهُ , فَلَمَّا سَأَلَتْهُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فِي نَاقَتِهَا أَجَابَهَا فِيهَا , فَصَارَتْ بِهِ مَلْعُونَةً ؛ أَيْ : مَطْرُودَةً مُبَاعَدَةً , لَا لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي حَلَّ بِالنَّاقَةِ مِنْ عُقُوبَةٍ لَهَا , إِذْ كَانَتْ لَا ذَنْبَ لَهَا فِيمَا كَانَ مِنْ مَالِكَتِهَا فِيهَا , وَعَادَتِ الْعُقُوبَةُ فِي ذَلِكَ وَالذَّمُّ عَلَيْهِ , عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهَا اللَّعْنَةُ , فَمَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ تَصْحَبَهُ نَاقَةٌ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَطْرُودَةً , وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَنْعُ صَاحِبَتِهَا مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ لِإِجَابَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهَا فِيهَا بِمَا دَعَتْهُ عَلَيْهَا , وَلَمَّا عَادَتْ مَطْرُودَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ صُحْبَتِهَا إِيَّاهُ ؛ لِأَنَّ صُحْبَتَهَا إِيَّاهُ ضِدٌّ لِلطَّرْدِ الَّذِي أَحَلَّهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , وَأَصَارَهَا إِلَيْهِ , وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اللَّعْنِ أَنَّهُ الدُّعَاءُ