عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " زَنَتْ جَارِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ , فَإِذَا هِيَ لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ , فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ ؟ قَالَ : " فَإِذَا طَهُرَتْ , فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ " وَقَالَ : " أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ , وَمُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ - يَعْنِي أَبَا حُذَيْفَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ , عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي جَمِيلَةَ الطُّهَوِيِّ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : زَنَتْ جَارِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ , فَإِذَا هِيَ لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ , فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا , وَلَمْ تَطْهُرْ ؟ قَالَ : فَإِذَا طَهُرَتْ , فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَقَالَ : أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ : فَقَالَ الْقَائِلُ الَّذِي ذَكَرْنَا : فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَمَةُ قَدْ كَانَتْ أُحْصِنَتْ قَبْلَ ذَلِكَ , إِمَّا بِتَزْوِيجٍ , وَإِمَّا بِإِسْلَامٍ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ , غَيْرَ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ , بِغَيْرِ ذِكْرِ إِحْصَانٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَا مَلَكَتْ إِيمَانُنَا بِلَا اشْتِرَاطِ إِحْصَانٍ , وَلَا غَيْرِهِ فِيهِمْ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَمْ تُحْصَنْ , فِيمَا رُوِّيتُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّيتُمُوهَا فِي ذَلِكَ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي عُقُوبَاتِ الْإِمَاءِ إِذَا زَنَيْنَ هُوَ عَلَى حُكْمِهِنَّ إِذَا لَمْ يُحْصَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ , وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ عُقُوبَةَ الْمُحْصَنِ فِي الزِّنَى أَغْلَظُ مِنْ عُقُوبَةِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ مِنَ الْأَحْرَارِ يُجْلَدُ فِي ذَلِكَ , وَالْمُحْصَنُ فِيهِ مِنْهُمْ يُرْجَمُ , وَالرَّجْمُ أَغْلَظُ مِنَ الْجَلْدِ , فَكَانَ الْحُكْمُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي أَعْلَمَهُ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , إِلَى أَنْ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي عُقُوبَةِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ هُوَ فِي الزِّنَى الَّذِي يَكُونُ مِنْهَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ , ثُمَّ أَبَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَنَ كَحُكْمِهَا قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا مِنْهُ وَرَحْمَةً , فَقَالَ : {{ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ }} يَعْنِي الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْحَرَائِرِ , وَكَانَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ ذَلِكَ كَاشْتِرَاطِهِ فِي قَوْلِهِ : {{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا }} , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رَفْعِ الْجَنَاحِ , وَإِبَاحَةِ الْقَصْرِ إِذَا خِيفَ فِتْنَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا , ثُمَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي جَوَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , حِينَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ : صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ , فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ