• 357
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا هِيَ وُجِّهَتْ إِلَى أَحَدٍ تَوَجَّهَتْ , فَإِنْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ , وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَتْ : أَيْ رَبِّ , إِنَّ فُلَانًا وَجَّهَنِي إِلَى فُلَانٍ , وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا , فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : " ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ "

    فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَيْزَارُ بْنُ جَرْوَلٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرٍ , وَكَانَ صَدِيقًا لِعَبْدِ اللَّهِ , يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا هِيَ وُجِّهَتْ إِلَى أَحَدٍ تَوَجَّهَتْ , فَإِنْ وَجَدَتْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , أَوْ وَجَدَتْ فِيهِ مَسْلَكًا دَخَلَتْ عَلَيْهِ , وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَتْ : أَيْ رَبِّ , إِنَّ فُلَانًا وَجَّهَنِي إِلَى فُلَانٍ , وَإِنِّي لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ سَبِيلًا , وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ مَسْلَكًا , فَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعَيْزَارَ إِنَّمَا أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ هَذَا , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا لَعَنَ الْإِنْسَانَ فَكَانَ الْمَلْعُونُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ سَلَكَتْ فِيهِ لَعْنَتُهُ , وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي كَانَتْ مِنْهُ , فَسَلَكْتُ فِيهِ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْكَ فِي كِتَابِكَ هَذَا فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَعَنَتْ بَعِيرَهَا , وَفِي الرَّجُلِ الَّذِي لَعَنَ بَعِيرَهُ , أَمَرَهُ أَنْ لَا يَصْحَبَهُ ذَانِكَ الْبَعِيرَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَا مَلْعُونَيْنِ ؛ وَلَأَنَّ اللَّعْنَ مِنَ اللَّاعِنِ دُعَاءٌ عَلَى مَنْ لَعَنَهُ , وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَافِقَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً نِيلَ فِيهَا عَطَاؤُهُ , فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَاعِنَيْ نَاقَتَيْهِمَا قَدْ وَافَقَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ السَّاعَةَ , فَعَادَتْ نَاقَتَاهُمَا إِلَى مَا عَادَتَا إِلَيْهِ مِنَ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ , وَهُمَا فَلَا ذَنْبَ لَهُمَا , وَلَمْ تَعُدِ اللَّعْنَةُ إِلَى اللَّاعِنِ , فَتَسْلُكَ فِيهِ إِذًا لَمْ تَجِدْ مَسْلَكًا فِي النَّاقَتَيْنِ الْمَلْعُونَتَيْنِ , وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّعْنَ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا ذُنُوبَ لَهَا , وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَيْهَا بِاللَّعْنِ , فَيُرَدُّ ذَلِكَ الدُّعَاءُ مِمَّنْ كَانَ مِنْهُ عُقُوبَةً عَلَيْهِ , فَيُمْنَعُ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِمَا لَعَنَهُ , وَيَكُونُ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ , وَأَمَّا مَا لَعَنَهُ بِهَا , فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , بَلْ قَدْ عَادَ مَحْمُولًا عَنْهُ الِاسْتِعْمَالُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ , وَاللَّعْنُ لِلْإِنْسَانِ لَعْنٌ لِمَنْ هُوَ مُتَعَبَّدٌ , وَلِمَنْ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ الْأَخْلَاقُ الْمَذْمُومَةُ , الَّتِي يَكُونُ بِهَا مَلْعُونًا , فَيَكُونُ مَنْ لَعَنَهُ غَيْرَ مُعَنَّفٍ فِي لَعْنِهِ إِيَّاهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ لَعَنَ الظَّالِمِينَ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ : {{ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }} . وَلَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي قُنُوتِهِ فِي الصَّلَاةِ مَنْ لَعَنَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ الْعَنْ لِحْيَانَ , وَرِعْلًا , وَذَكْوَانَ , وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَنَائِهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ . وَإِنْ كَانَ الْمَلْعُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ لَاعِنَهُ مِمَّنْ قَدْ سَبَّهُ بِأَكْثَرَ مَا يَسُبُّ بِهِ أَحَدٌ , فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ الْعُقُوبَةَ عَلَى سَبِّهِ إِيَّاهُ , فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عُقُوبَتَهُ عَلَى ذَلِكَ عَوْدَ اللَّعْنَةِ إِلَيْهِ , وَسُلُوكَهَا فِيهِ , حَتَّى يَكُونَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَ مِنَ الَّذِي لَعَنَهُ أَنْ يَكُونَ بِهِ بِلَعْنِهِ إِيَّاهُ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ , وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

    لا توجد بيانات
    " إِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا هِيَ وُجِّهَتْ إِلَى أَحَدٍ تَوَجَّهَتْ , فَإِنْ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات