عنوان الفتوى : ماذا يلزم من قال لها زوجها: (إذا اتصلت بأهلك فأنت طالق)؟
حدثت مشكلة بين زوجي وأهلي، وحصلت بينهم قطيعة، وقام زوجي على إثرها بقطع صلة الرحم بيني وبين أهلي كافة، ومنعني من الاتصال بهم، وقال: (إذا اتصلت بهم، فأنت طالق)، فإذا أرسلت رسائل للاطمئنان على صحة أمي؛ لأنها مريضة بالسرطان، فهل يقع الطلاق؟ علمًا أنه طلقني طلقة سابقة مباشرة، وما حكم الشرع في قضيتنا هذه -قطعه صلة الرحم بيني وبين أهلي-؟ علمًا أني مغتربة عنهم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن بيَّنا أن حسن المعاشرة بين الأصهار، أمر مطلوب شرعًا، وهو ما بيناه في الفتوى: 65047، فمن القبيح أن تكون هنالك قطيعة بين زوجك وبين أهلك، فنوصي بانتداب الفضلاء للتدخل، والإصلاح بينهم؛ فالإصلاح بين المتخاصمين، من أفضل القربات، كما هو موضح في الفتوى: 50300.
فإذا تم الإصلاح، زال الإشكال، ومن ذلك أمر هذا الطلاق المعلق؛ لأن زوجك إذا منعك من الاتصال بأهلك بسبب الخصومة، وزالت الخصومة، فإن الطلاق لا يقع؛ لأن السبب الباعث على اليمين، يؤثر فيها، كما بيَّن أهل العلم، وتجدين كلامهم بهذا الخصوص في الفتوى: 359263.
والزوج الصالح لا يحول بين زوجته والتواصل مع أهلها، وخاصة الأم، فهي ليست كغيرها من ذوي الأرحام، فقطيعتها أعظم نكرانًا، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وتراجع في خطورة قطيعة الرحم الفتوى: 13912.
وليس من حق زوجك منعك من الاتصال بأهلك، أو إرسال رسائل إليهم، ولا تجب عليك طاعته في ذلك. ونؤكد على ما ذكرناه أولًا من أمر الإصلاح.
وأما ما قصده زوجك من منع الاتصال بأهلك، وما إن كان إرسال الرسائل داخلًا في هذا المنع أم لا، فالمرجع فيه إلى نية زوجك بتلك العبارة، فيستفصل منه في ذلك، وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين التاليتين: 26546، 7260.
وإذا أراد زوجك بذلك قطيعة رحمك، ومنعك من التواصل مع أهلك بالكلية، فلا تجوز لك طاعته في ذلك، ولك أن تحنيثه في يمين الطلاق هذه، قال الدردير المالكي في الشرح الصغير: كحلفه أن لا تزور والديها، فإنه يحنث، إن كانت مأمونة، ولو شابة... اهـ.
ولا تحرمين عليه بتحنيثك له، ووقوع الطلاق؛ لأنها ستكون الطلقة الثانية، فهي طلقة رجعية، تجوز الرجعة بعدها بغير عقد جديد ما دمت في العدة، وإذا لم يرجعك حتى انقضت العدة، جاز له إرجاعك بعقد جديد، إذا أردتما ذلك.
وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 247471، والفتوى: 1614.
والله أعلم.